بقدر ما نعمل ونأمل في رؤية مشهد انتخابي يليق بمجتمعنا العربي الأميركي العريض في ديربورن، ورغم الانتصارات التي حققتها جاليتنا في الدورات الانتخابية الأخيرة، لم يخل أي موسم انتخابي تقريباً من المرشحين غير المؤهلين والحملات السلبية والإشاعات المغرضة، لكن ما نشهده في موسم الانتخابات الحالي فاق كل ما عايشناه سابقاً، في ظل موجة غير مسبوقة من المرشحين العرب في مختلف السباقات.
وبسبب قلة خبرة بعض المرشحين وجهلهم حتى بأبسط متطلبات المناصب التي يسعون إليها، تحول المشهد الانتخابي في ديربورن إلى بازار للأكاذيب والمعلومات المغلوطة ومحاولات «شدّ العصب» من أجل تحقيق مكاسب رخيصة، ولو على حساب مجتمع المدينة.
فعلى سبيل المثال، لم يتوان أحد المرشحين العرب لعضوية المجلس البلدي عن تحريض الناخبين البيض على الوجود العربي في المدينة، بسبب عدم تأييده من قبل المنظمات السياسية في الجالية.
كما تداول المتصفحون على وسائل التواصل الاجتماعي بياناً (باللغتين العربية والإنكليزية) قيل إنه صادر عن ائتلاف لمنظمات عربية وإسلامية لحث أبناء الجالية على التصويت للمرشحين العرب على حساب المرشحين من الخلفيات الأخرى.
وادّعى البيان، زوراً وبهتاناً، بأن المنظمات بررت دعوتها، بأن «مصيرنا كعرب في ديربورن على المحك»، إلى جانب مسوغات أخرى مختلقة، في محاولة لاستغلال النسيج السكاني المتنوع في المدينة لأغراض انتخابية.
إن هذا السلوك المتهور من قبل بعض المرشحين العرب الساخطين على مؤسسات الجالية بسبب عدم دعمها لهم، ليس بالأمر الجديد، رغم أنه يبعث على الإحباط والألم.
فنحن في «صدى الوطن» عملنا منذ انطلاقتنا في ثمانينيات القرن الماضي على ترسيخ وحدة الجالية العربية التي ننتمي إليها، بكل أطيافها، وحرصنا دائماً على رأب الصدوع والتشققات التي عادة ما تظهر في الاستحقاقات الانتخابية، دون أن نتهاون في حثّ الناخبين على المشاركة في العملية الديمقراطية لاختيار المرشحين الأكثر تأهيلاً وكفاءة، بغض النظر عن أعراقهم وأديانهم وخلفياتهم الإثنية والقومية.
إن المجتمع العربي الأميركي يأتي في مقدمة المجتمعات التي تنبذ التمييز، لأنه ذاق مرارة التمييز على مر العقود. ومن هذا المنطلق، فإننا نؤمن إيماناً راسخاً بأن ديربورن، والولايات المتحدة كلها، بحاجة إلى مواهب ومقدرات جميع سكانها بغض النظر عن أصولهم وتوجهاتهم.
وليس سراً بأن العرب الأميركيين في مدينة ديربورن، وغيرها من المدن الأخرى، ساهموا بإيصال الكثير من المسؤولين غير العرب إلى مواقع المسؤولية والقرار، لاعتقادهم بأنهم الأنسب والأصلح للخدمة العامة. وهذا إنجاز نفتخر به كما نفتخر بالمسؤولين العرب الذين أثبتوا جدارتهم في تولي المسؤولية.
إن البيان المزعوم، المشار إليه آنفاً، هو محض أكاذيب. مثله مثل الكثير من المعلومات المفبركة التي يجري تداولها هذه الأيام. وإن سكان ديربورن مدعوون إلى قراءة البيانات والمنشورات الرسمية الصادرة عن المرشحين وعن المنظمات السياسية، العربية الأميركية، من مصدرها.
إنه لواهم، وساذج، كل من يعتقد بأنه يمكن في هذا الزمن القيام بحملة «سرية» أو «متخفية» أو أن يبث بـ«همسة» لعشرات الآلاف من الناخبين العرب في ديربورن.
وإن أي شخص يظن بأن المنظمات العربية تعتمد اللغة العربية في بياناتها لإخفاء نواياها هو أكثر من غبي، فمن يصدق في زمن التكنولوجيا هذا، أن النصوص العربية لا يكتبها إلا العرب، في حين أن الترجمة المجانية متاحة للجميع بـ«كبسة زر» عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأما الحقيقة فهي أن الانتخابات الحالية تضم عدداً كبيراً من المرشحين العرب الأميركيين المؤهلين، أكثر من أي انتخابات سابقة، وحقيقة أن معظمهم مدعومون من مؤسسات عربية عريقة، وهذا ليس دليلاً على أنها مؤامرة كما يزعم البعض، فهذه هي «الطريقة الأميركية» التي تتلخص في أن الناخبين يصوتون للمرشحين الذين يخدمونهم ويحمون مصالحهم. وهذا هو جوهر الديمقراطية!
إن التلميح إلى أن المنظمات العربية، أو أن الناخبين العرب، يفضلون التصويت لصالح المرشحين العرب على حساب المرشحين البيض المؤهلين، هو أمر غير مقبول، فضلاً عن كونه سلوكاً عنصرياً مقيتاً.
ومثل هذه الادعاءات تتميز بها حملات المرشحين الذين يراهنون على المظلومية و«شد العصب» بدلاً من إقناع الناخبين ببرامجهم ومؤهلاتهم.
إن سكان ديربورن أصبحوا على دراية تامة بهذه التكتيكات، ويعرفون الغرض الحقيقي من هذه الحملات الزائفة.
لقد عمل العديد من المرشحين –بلا كلل– لتمثيل هذه المدينة بأكملها، وليس مجموعة واحدة، وسوف يواصلون العمل حتى بعد الانتخابات لإصلاح الأضرار التي تسببها مثل هذه المزاعم.
وإننا في «صدى الوطن»، ما زلنا نأمل بأن يركز الناخبون على ما سيفعله المرشحون لمدينتنا وعلى برامجهم في تحسين الخدمات ومعالجة التحديات الهائلة، كالفيضانات المتكررة، والقيادة المتهورة، والضرائب المرتفعة، ألخ.
كان يجب أن يكون التركيز على كيفية الوقوف معاً لجعل ديربورن مكاناً أفضل لجميع السكان، ولكن البعض يفضل –دائماً وأبداً– العزف المنفرد، فما بالكم إذا كان نشازاً ومنفراً؟!
«صدى الوطن»
Leave a Reply