ديربورن – قُتل رجل عربي أميركي لديه تاريخ من المشاكل العقلية، برصاص شرطة ديربورن –يوم الأحد الماضي– إثر اقتحامه مقرّ الدائرة بمسدس مسروق. وفيما لاتزال التحقيقات جارية لفضّ ملابسات الحادثة، بادرت عائلة الضحية إلى مقاضاة بلدية المدينة بدعوى انتهاك الحقوق المدنية.
وقالت الشرطة إن علي ناجي (33 عاماً) دخل إلى مبنى دائرة شرطة ديربورن عند الساعة الثالثة والنصف من عصر يوم الأحد 18 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وهو يحمل مسدساً مخفياً، قبل أن يقوم بإشهاره محاولاً إطلاق الرصاص على أحد الضباط في ردهة الاستقبال، لافتة إلى أن عطلاً في المسدس حال دون إطلاق النار، فيما رد الشرطي بإطلاق عدة أعيرة نارية على المهاجم.
وأوضحت الشرطة بأنها قدّمت الإسعافات الأولية لناجي في مقرّ الدائرة، ثم قامت بنقله إلى مستشفى محلي، حيث أعلنت وفاته على الفور.
وعلى أثر ذلك، شرعت شرطة ولاية ميشيغن بالتحقيق في الحادثة، وبادرت إلى تفحص كاميرات المراقبة وتوثيق إفادات الشهود، لافتة إلى أن الضحية –وهو من سكان مدينة ديربورن– يعاني من أمراض نفسية وعقلية مزمنة، من دون الكشف عن هوية الضابط الذي تسبب بمقتله، والذي مُنح إجازة مدفوعة ريثما تُستكمل التحقيقات.
وتعتبر مشاكل الصحة العقلية سبباً وراء العديد من الحوادث المأساوية التي وقعت في المدينة خلال السنوات الأخيرة.
وقالت الشرطة إن الحادثة لم تسفر عن إصابة أي من عناصر الدائرة، منوهة بأن ناجي كان يحمل مسدساً من عيار 9 ملم وقد بينت التحقيقات الأولية، أنه قام بسرقته في وقت سابق من اليوم نفسه، أي قبل فترة وجيزة من اقتحام مقر الدائرة.
بدورها، نشرت شرطة ولاية ميشيغن على صفحتها بموقع «تويتر» بياناً، قالت فيه: «إن دوافع المشتبه باقتحام دائرة الشرطة ماتزال غير واضحة في هذه المرحلة من التحقيقات التي كشفت بأن ناجي لديه تاريخ من المرض العقلي». وأضاف البيان: «إن المشتبه به أشهر مسدساً من عيار 9 ملم وصوّبه نحو أحد الضباط ما أجبر الأخير على فتح النار، وفي غضون لحظات، أصيب الرجل بطلقات مميتة». أما حادثة سرقة المسدس فلا تزال أيضاً قيد التحقيق.
وفيما لم تُعرف –بعد– الأسباب التي دفعت ناجي إلى التوجه بالمسدس المسروق إلى دائرة الشرطة، كلفت عائلة الضحية، مكتب «هول ومقلد» للمحاماة، برفع دعوى قضائية ضد بلدية المدينة، لكشف ملابسات الحادثة وتحقيق العدالة لابنها الفقيد.
وأكد محامي عائلة ناجي، أمير مقلد، بأن «الوضع ما كان يجب أن ينتهي بالموت». وتابع: «هذه الخاتمة المأساوية كان من الممكن تجنبها لو تم تنفيذ بروتوكولات خفض التصعيد من قبل الشرطة بشكل صحيح»، مضيفاً: «ومع ذلك ، فإن الضباط مدربون وينبغي أن يكونوا ماهرين في التعرف على أزمات الصحة العقلية.. لم يكن المتوفى في حالة تسمح له بمعرفة الخطأ من الصواب».
من جانبه، وصف المحامي سيريل هول، الحادثة بأنها «خرق واضح للحقوق المدنية»، وقال: «لنكن واضحين: هذه قضية حقوق مدنية»، مؤكداً بأنه «تم انتهاك الحقوق المدنية للضحية عندما قام ضابط الشرطة بإطلاق النار من بندقيته دون أي اعتبار لتهدئة الوضع على ما يبدو».
وأردف هول قائلاً: «لم يكن قتل أحد أفراد أسرتنا أمراً ضرورياً، ونعتقد أنه كان من الممكن إنهاء المواجهة بأكملها بشكل غير مميت».
في سياق موازٍ، أشار المحامي نبيه عياد بأنه تولى سابقاً الدفاع عن ناجي في قضية تعود لعام 2017، وقد أسفرت عن وضع الشاب الثلاثيني تحت المراقبة بعد إقراره بالذنب بتهمة الاعتداء على موظف سجن، والتسبب في إصابة ضابط شرطة، وفقاً لسجلات محكمة مقاطعة وين، التي تشير إلى أن علي ناجي كان محتجزاً بتهمة الإحراق المتعمد من الدرجة الثالثة في قضية أخرى تعود إلى العام 2016.
وأفاد عياد أن تهم الاعتداء المذكورة نابعة من مهاجمة ناجي لأحد حراس السجن أثناء احتجازه في قضية الإحراق المتعمد، لافتاً إلى أن موكله سبق أن تم تشخيصه بمشاكل تتعلق بالصحة العقلية. وأوضح أن ناجي حُكم عليه –حينها– بالخضوع للمراقبة والعلاج النفسي المكثف.
ولفت عياد إلى لم أنه لم يتواصل مع موكله السابق منذ عدة سنوات، مشيراً إلى أن ناجي أكمل كلا الإجراءين بنجاح. وقال: «لقد وفّرنا له علاجاً جيداً للصحة العقلية.. لا أعرف ما الذي حدث منذ ذلك الحين.. حاول والداه مساعدته بكل الطرق، لقد أحزنني كثيراً ما حدث، لأنني أعرف كم حاولت عائلته مساعدته.. لقد بذلوا قصارى جهدهم».
من جانبه، أعرب رئيس بلدية ديربورن عبد الله حمود عن تأثره بالحادثة الأليمة، وقال في بيان، صبيجة اليوم التالي للحادثة: «اليوم، استيقظ ضابط من شرطة ديربورن لكي يبقى متأثراً إلى الأبد بصدمة تهديد وشيك على حياته، واليوم استيقظت عائلة من ديربورن وهي حزينة على فقدان أحد أبنائها الذي عانى من مرض عقلي، وسوف تتحمل كلتا العائلتين عبء هذه المأساة لبقية الحياة».
وشدد حمود على أن أزمة الصحة النفسية بحاجة إلى حلول أفضل. وقال: «منذ توليت منصب رئاسة البلدية، فقد ارتبطت كل أزمة كبيرة تقريباً داخل مدينتنا إما بمرض عقلي لم تتم معالجته، أو بحيازة سلاح ناري».
وأضاف: «لا توجد عصا سحرية لحل هذه الأزمات إلا من خلال إجراءات سياسية وزيادة الاستثمار في العلاج، ونحن نعلم أن المجتمعات الأكثر أماناً هي تلك التي تمتلك معظم الموارد لتلبية الاحتياجات الأساسية لسكانها».
وشدد حمود على «أننا بحاجة إلى نهج للصحة العامة يعترف بأن الاستثمار في الوصول إلى الصحة العقلية يؤدي إلى مزيد من الأمان في مجتمعاتنا»، موضحاً بأن الوقاية هي الهدف الأكثر كفاءة في هذا الخصوص. وقال: «الوقاية تتطلب التعاون بين أنظمة الرعاية الصحية لدينا والمشرعين الفدراليين ومشرعي الولاية وأصحاب المصلحة المحليين».
وختم حمود بالقول: «اليوم ، ضباطنا وطواقم الطوارئ لدينا على الخطوط الأمامية، مكلفون بحل أزمات الصحة العقلية التي يجب أن تكون مسؤوليتنا الجماعية، طواقم الإسعاف والطوارئ والإنقاذ وكذلك المقيمون في مدينتنا يستحقون الأفضل».
Leave a Reply