ديربورن – تواصل مجموعات يهودية أميركية الضغط والتعبير عن استيائها من لقاء مسؤولين كبار في البيت الأبيض مع ناشر صحيفة «صدى الوطن» في معرض محاولات إدارة الرئيس جو بايدن لاستعادة ثقة الناخبين العرب والمسلمين الأميركيين في ولاية ميشيغن، وفي عموم الولايات المتحدة، بعد توعدهم بعدم التصويت للرئيس الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الحالية، بسبب مواقفه المؤيدة للحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة منذ السابع من شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وجدد العديد من المنظمات اليهودية والدوائر المتحالفة معها في الولايات المتحدة الهجوم على الزميل أسامة السبلاني، لإدلائه بتصريحات رفض فيها وصم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالإرهاب متهماً إسرائيل بأنها دولة إرهابية، وذلك في عديد الفعاليات المؤيدة للقضية الفلسطينية في منطقة ديترويت خلال الشهور الأربعة الأخيرة.
وأعرب أصحاب الحملة من أنصار إسرائيل عن امتعاضهم الشديد من إشراك السبلاني في المحادثات التي أجراها وفد البيت الأبيض مع قيادات عربية وإسلامية في مدينة ديربورن، في الثامن من شهر شباط (فبراير) الجاري.
وكان وفد سياسي رفيع في إدارة بايدن قد التقى –على هامش اجتماعه بقيادات عربية وإسلامية بمنطقة ديترويت– بناشر ورئيس تحرير «صدى الوطن» الذي حمّلهم ورقة مطالب من عدة بنود تحث الرئيس الأميركي على العمل الجاد لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في الأراضي المحتلة، وفي جميع مناطق الصراع في الشرق الأوسط، وكذلك تقديم المساعدات الفورية لإغاثة الفلسطينيين، إلى جانب استئناف الدعم المالي لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لدى الأمم المتحدة.
الورقة التي تسلّمها الوفد المؤلف من رئيسة الوكالة الدولية للتنمية الأميركية سامانثا باور، ومدير مكتب البيت الأبيض للشؤون الحكومية الدولية توم بيريز، ونائب مستشار الأمن القومي جون فاينر، ومدير مكتب المشاركة العامة ستيف بنيامين، تضمنت أيضاً التأكيد على أن الحوارات المستقبلية مع إدارة بايدن مرهونة بالتقدم الذي يتم إحرازه على الأرض في غزة، وعلى الجهود الرامية لإيجاد حلول حقيقية وعادلة للصراع العربي الإسرائيلي من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الأوسط.
لم تتأخر المنظمات اليهودية ووسائل الإعلام الأميركية المؤيدة لإسرائيل، مثل موقع « جويش نيوز» و«رابطة مكافحة التشهير» و«جويش نيوز سيرفيسز» وشبكة «فوكس نيوز» و«واشنطن فري بيكون»، عن التعبير عن سخطها من لقاء مسؤولي البيت الأبيض بالسبلاني، متذرعة بدعمه المستمر لجماعات تصنّفها الولايات المتحدة على أنها منظمات إرهابية، مثل حركة «حماس» في فلسطين و«حزب الله» في لبنان.
حملة منظمة
لم تتأخر المنظمات اليهودية ووسائل الإعلام الأميركية المؤيدة لإسرائيل، مثل موقع «جويش نيوز» و«رابطة مكافحة التشهير» و«جويش نيوز سيرفيسز» وشبكة «فوكس نيوز» و«واشنطن فري بيكون»، عن التعبير عن سخطها من لقاء مسؤولي البيت الأبيض بالسبلاني، متذرعة بدعمه المستمر لجماعات تصنّفها الولايات المتحدة على أنها منظمات إرهابية، مثل حركة «حماس» في فلسطين و«حزب الله» في لبنان.
وعلى وجه السرعة، بادرت الجماعات الداعمة للدولة العبرية لعقد اجتماع مع مسؤولين بارزين في البيت الأبيض في اليوم التالي لزيارة الوفد الرئاسي الرفيع إلى ديربورن. وفيما لم ترشح أية معلومات عن ذلك اللقاء بسبب امتناع القيادات اليهودية عن تزويد وسائل الإعلام بأية تفاصيل عن فحوى محادثاتهم، كشف حاخام مترو ديترويت آشر لوباتين، مدير مجلس علاقات الجالية اليهودية، عن إشراك ممثلين عن المجتمع اليهودي بمنطقة ديترويت في اجتماع البيت الأبيض.
في الأثناء، أبدى جوناثان غرينبلات، الرئيس التنفيذي لرابطة مكافحة التشهير (أي دي أل)، انزعاجه من أحد خطابات السبلاني خلال فعالية حاشدة لدعم الشعب الفلسطيني بديربورن في أكتوبر المنصرم، والذي قال فيه: «لن نبقى صامتين ولن يخيفونا عندما يقولون إن حماس منظمة إرهابية»، مستدركاً بالقول: «إنها ليست منظمة إرهابية، بل إن من يقتل الأطفال والنساء والمدنيين العزّل هم الإرهابيون»، في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال غرينبلات: «نحن مستاؤون للغاية من إدراج أسامة السبلاني بين المجتمعين مع كبار المسؤولين في إدارة بايدن، لأن السبلاني وجريدته يمتلكان تاريخاً طويلاً من التعاطف، فضلاً عن الدعم الصريح في بعض الأحيان للجماعات الإرهابية مثل حماس وحزب الله»، واصفاً ضمّ السبلاني للمشاركة في الاجتماع المذكور بـ«الاختيار الخاطئ للعمل مع الإدارة الأميركية في سياق محادثاتها مع المجتمع العربي والإسلامي بمنطقة ديترويت».
كذلك، شنّ موقع «جويش إنسايدر» هجوماً شرساً على وفد بايدن إلى ديربورن ولقائه بالسبلاني، معرباً عن خشيته مما أسماه «إضفاء الشرعية» على ناشر «صدى الوطن»،« المعروف بسجله الحافل بشيطنة إسرائيل، والذي يزعم بأن الولايات المتحدة قد تم شراؤها من قبل اللوبي الصهيوني»، بحسب تعبير المقال الذي كتبته معلّقة الشؤون الدولية في الموقع، غابي دويتش.
أوضح ناشر «صدى الوطن» بأنه لن يحيد عن موقفه المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بموجب الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة مهما كانت العواقب ومهما تعاظمت الضغوط، مؤكداً أنه يستلهم الجرأة والشجاعة من دعاة ومناضلي الحقوق المدنية من أمثال الأيقونة الحقوقي نيلسون مانديلا وزعيم حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة مارتن لوثر كينغ.
تهديد وتشويه
من جانبه، أكد السبلاني بأن الحملات التي تستهدفه بسبب مباحثاته مع مسؤولي البيت الأبيض لم تقتصر عن النقد اللفظي أو الاعتراض السياسي على موقفه من دعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وإنما تعدت ذلك إلى التهديدات الضمنية والصريحة التي يتلقاها على هاتفه الشخصي وبريده الإلكتروني، لافتاً إلى أن تلك الأنشطة تعكس وجود حملة منسقة لتخويفه وقمع خطابه المشروع، والمكفول بالدستور الأميركي.
وأوضح ناشر «صدى الوطن» بأنه لن يحيد عن موقفه المبدئي الداعم للقضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بموجب الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة مهما كانت العواقب ومهما تعاظمت الضغوط، مؤكداً أنه يستلهم الجرأة والشجاعة من دعاة ومناضلي الحقوق المدنية من أمثال الأيقونة الحقوقي نيلسون مانديلا وزعيم حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة مارتن لوثر كينغ.
ورفض السبلاني التراجع أو الاعتذار عن دفاعه المستمر منذ عقود عن الحقوق الفلسطينية رغم المخاطر الجسيمة والتهديدات المتواصلة، وقال إن تصميمه على مواجهة المظالم والجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين لن يتزعزع ولن يخفت، مضيفاً بالقول: «إذا كانت الأنظمة الأميركية تصنف بعض الجماعات بأنها إرهابية، فإن القانون يحظر دعمها بالأموال أو أشكال الإعانات المادية الأخرى، ونحن لا نفعل ذلك»
.
وأضاف السبلاني: «إننا نحترم القوانين الأميركية ونلتزم بها، وهذه القوانين لا تحرمنا من حق التعبير عن أنفسنا، فضلاً عن أنها تكفل لنا الحق في الاعتراض عليها، والعمل جهاراً من أجل تغييرها».
وأوضح السبلاني بأن كافة القوانين المدنية والأعراف الثقافية تضمن للشعوب المضطهدة حق الدفاع عن نفسها ومكافحة الاحتلال الأجنبي، وقال إن شرائح عريضة من الشعب الأميركي وكذلك الإدارة الأميركية تدعم بكافة الأشكال المعنوية والمادية، الشعب الأوكراني في مقاومة الهجمات الروسية، فلماذا لا يكون من حق الفلسطينيين الدفاع عن أنفسهم ومواصلة نضالهم المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي؟.
وعزا السبلاني حملات التشويه والضغط إلى امتعاض العديد من القيادات اليهودية من النتائج المثمرة لمحادثات مسؤولي البيت الأبيض مع الفعاليات العربية والإسلامية الأميركية في فندق «هنري» يوم الخميس 8 فبراير، وقال: «هذه الحملات ليست جديدة، إنها مجرد حلقة في سلسلة الحملات التي يشنونها ضدي منذ عقود في كافة المحافل والأوساط الإعلامية»، مضيفاً: «مهما فعلوا فلن يتمكنوا من ترهيبي أو تخويفي.. أنا شخص يكره الاحتلال.. أي احتلال.. وكل احتلال.. وفي مقدمة ذلك، الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقد كنت ضد هذا الاحتلال عندما غزا وطني الأم في ثمانينيات القرن الماضي، وما يزال يحتل بعضاً من أراضيه حتى الآن».
ولفت السبلاني إلى أن موقفه المناهض لجرائم إسرائيل في قطاع غزة قائم على أساس أخلاقي أولاً، وقال: «لقد استفزت جرائم الكيان الوحشية مئات ملايين الناس حول العالم، بما في ذلك أميركا نفسها، لاسيما خلال الحرب الأخيرة التي أسفرت عن مقتل ما يزيد على 28 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء، ولم تتورع عن قصف المستشفيات والمدارس والبنى التحتية، بما فيها المرافق التابعة للأمم المتحدة».
دعم وتضامن
وأعلنت العديد من الفعاليات العربية الأميركية في منطقة ديترويت دعمها وتأييدها لالتزام السبلاني «الثابت» بمبادئ الحقيقة والعدالة والكرامة الإنسانية، معتبرة مواقفه الجريئة بمثابة «منارة أمل وإلهام» لكل من يرفض الصمت والانكفاء في وقت المصائب والشدائد.
وفي السياق، أصدرت «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» بياناً الخميس المنصرم أعربت فيه عن تضامنها مع السبلاني بوجه الحملة المستنكرة. وقال مؤسس الرابطة المحامي نبيه عياد إن أي هجوم على أحد قيادات المجتمع العربي الأميركي هو بمثابة هجوم على مجتمعنا بأكمله، مفنداً الأكاذيب التي يحاول البعض إلصاقها بناشر «صدى الوطن».
وأضاف عياد في البيان: «لقد ناضل السيد أسامة السبلاني بشجاعة من أجل هذا المجتمع لعقود من الزمن، وتصريحاته هي بالضبط ما يحميه دستورنا الأميركي»، مردفاً: «إن السبلاني هو مواطن أميركي مثل أي أميركي آخر، ونحن نشجعه على مواصلة الدفاع عن بلادنا وعن قول الحقيقة للسلطات الحاكمة».
وعلى نفس المنوال، أصدرت «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) الخميس الماضي أيضاً، بياناً مماثلاً، وصفت فيه حملة «رابطة مكافحة التشهير» ضد السبلاني أنها محاولة لفرض الرقابة على صحيفة «صدى الوطن» وناشرها. وقال المدير التنفيذي للمنظمة الحقوقية عبد أيوب: «إن رابطة مكافحة التشهير تسعى من خلال هجماتها على السبلاني إلى إسكات الأصوات التي تكشف نفاق إسرائيل وجرائم الإبادة الجماعية المستمرة ضد الشعب الفلسطيني».
وشجب «المجلس الأميركي لحقوق الإنسان» الحملة ضد السبلاني وصحيفة «صدى الوطن»، قائلاً إن هذه الحملة الوقحة لا مبرر لها، ووصفها بأنها تشكل هجوماً على \ حق الأشخاص والهيئات في أن يكون لهم صوت في العملية السياسية، وأن يكون لهم مكان حول الطاولة.
وقال المدير التنفيذي للمجلس عماد حمد في بيان: «إن الهجوم على حرية التعبير هو هجوم على قيمنا الأميركية الأساسية التي تكفل لجميع المواطنين حق التعبير عن آرائهم دون أي تخويف أو رقابة»، مضيفاً بالقول «نحن ندعم شعبنا في الشرق الأوسط الذي يتعرض للاحتلال والقصف من قبل إسرائيل ونحن لا نخجل من مواقفنا وليس لدينا ما نعتذر عنه».
وختم البيان قائلاً: «إن آراء مجتمعنا تتفق مع القانون الدولي، وقرارات الأمم هي التي تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، ولذلك فإن محاولات تخويفنا وتهميشنا لن تنجح في إقصاء مجتمعنا عن المشاركة في الديمقراطية الأميركية التي نعتزم المشاركة والانخراط فيها إلى أقصى حد».
بدوره، أكد رئيس منظمة «جيل جديد من أجل فلسطين»، عامر زهر، بأن السبلاني كان في طليعة المدافعين عن الحقوق العربية والفلسطينية طيلة 40 عاماً «هنا في ولاية ميشيغن وفي جميع أنحاء البلاد»، وقال: «لقد كان صمود أسامة قدوة لنا جميعاً، وحقيقة أن رابطة مكافحة التشهير –وهي مدافع قوي عن حروب الإبادة التي تشنها إسرائيل– تعتبره عدواً أساسياً، لهو مصدر فخر لنا جميعاً».
Leave a Reply