غيب الموت الأسبوع الماضي، الشاعر المهجري موسى شاهين (أبو فؤاد) بعد صراع مع المرض إستمر لأكثر من سنة عن عمر ناهز التاسعة والسبعين.القصيدة المنشورة بعنوان «الموت» نظمها الشاعر قبل وفاته بفترة وجيزة وهي واحدة من باقة متنوعة وغنية من القصائد التي صدح بها صوت الشاعر في المغترب الأميركي، وتراوحت موضوعاتها بين تجربة الغربة والحنين إلى مراتع الصبا في يارون الجنوبية، والإخوانيات والقصائد الوجدانية والوطنية الزاخرة بحب الأرض والناس.
والشاعر الراحل «أبو فؤاد» من رعيل المهاجرين القدامى الذين وطئت أقدامهم الأرض الأميركية منذ بداية خمسينيات القرن الماضي، ولكنه من القلائل الذين لم تسلبهم مظاهر الحياة الأميركية أصالتهم وروحهم العاملية-الجنوبية، فظل متمسكاً بلغته العربية التي صلّبت تجربته الشعرية عودها في المهجر الأميركي، وزادتها جمالاً وإبداعاً.شارك الشاعر الراحل في العديد من المنتديات الثقافية والمسابقات الشعرية وحاز على جوائز عدة أبرزها جائزة مهرجان شعري في العاصمة السورية دمشق قبل عدة سنوات.في محنة مرضه الأخيرة لم يستسلم «أبو فؤاد» الهادئ دوماً لآلامه، ولم ينزوِ في عزلة الموت الأخيرة، بل كابد عجز الجسد بتفوق الروح والتوق الذي يلازمه للقاء الأصدقاء المنتمين بمعظمهم إلى جيل من الشباب الذين طالما إستمتعوا بعبق حكاياته الجنوبية العتيقة، وسكرت أرواحهم بخمرة شعره الرقراق، وآووا إلى دفء لقائه في صقيع البيئة الثقافية والتراثية الذي يحاصرهم من كل حدب وصوب.إستقبل أبو فؤاد نذر الموت بالحكمة ولم يطأطئ له قافية في بيت شعر، إنما إرتفعت قوافيه كما في قصيدة «الموت» إلى أرقى مراتب الوصف ساخراً، زاهداً، ومشفقاً على حالنا نحن الأحياء، من أوهامنا وأحلامنا «بأبدية» تزينها لنا أزهار الأعمار.أبا فؤاد.. إهنأ في هجعتك الأخيرة، فلقد أديت قسطك من مجد الشعر وساجلت الموت والحياة بأرقى معانيه، وما سقط اليراع إلا ليعلي موتُك صدى قوافيك في أمداء غربتك الطويلة بين يارون الحدودية وبقايا البيت العتيق وديربورن الأميركية آخر شاهدة على عظمة الشعراء وتفانيهم حتى الرمق الأخير من القوافي
Leave a Reply