سكان منطقة ديترويت يخشون من فتح باب الفرز العرقيديترويت – خاص «صدى الوطن»نشرت صحيفة «ديترويت فري برس» تقريراً الأحد الماضي، أفاد أن مكتب التحقيقات الفدرالي (إف. بي. آي) سيحصل إعتباراً من أول شهر كانون الأول (ديسمبر) الحالي على المزيد من الصلاحيات للتحقيق مع من يشتبه بصلتهم بالإرهاب وذلك بموجب سياسات إدارية خضعت للمراجعة والتعديل، وتثير مخاوف بعض المسلمين الأميركيين والمدافعين عن الحقوق المدنية في منطقة ديترويت.وتسمح الصلاحيات الجديدة الصادرة عن وزارة العدل لعملاء مكتب التحقيقات الفدرالي، للمرة الأولى في القضايا المرتبطة بالإرهاب، باستخدام مصادر سرية لتجميع المعلومات في التحقيقات الأولية وبإجراء مقابلات مع الأشخاص من دون الحاجة إلى الإفصاح عن هوياتهم، والتجسس على المشتبه بهم، من دون الحصول أولاً على دليل واضح بارتكاب فعل غير قانوني.وتعتبر هذه التعديلات الأكثر دلالة، التي تتخذها إدارة بوش من العام 2003، على القواعد التي تحكم التحريات الأمنية بعد الإعتداءات الإرهابية في 11 أيلول 2001.ويقول مسؤولو مكتب التحقيقات الفدرالي إنهم بحاجة إلى هذه التغييرات لأنهم مقيدون بقواعد عفا عليها الزمن، وتحد من إمكانياتهم في التحقيق مع أشخاص في قضايا تتصل بالأمن القومي.وإلتقى عملاء من مكتب التحقيقات الفدرالي مع مثلين عن الجالية العربية في منطقة ديترويت في مناسبتين للتأكيد أن السياسات الجديدة لن تستهدفهم، مشيرين إلى أن الإجراءات الجديدة يجب أن تطبق «بطريقة معقولة تحترم الحرية والخصوصية الفردية».
«أف. بي. آي» تحصل على صلاحيات إضافية في قضايا الإرهاب
غير أن منتقدين لهذه السياسة الجديدة يقولون إن الخطة ستتيح لعملاء المكتب الإقدام على إنتهاكات، بما فيها المزيد من ممارسات الفرز العرقي والديني وتحريات تجسسية داخل المجموعات السياسية والدينية.وترتدي المخاوف من السياسات والإجراءات الجديدة طابعاً أكبر في ولاية ميشيغن، المعقل الأكبر للمسلمين والعرب الأميركيين في الولايات المتحدة.ويبدي البعض خشيتهم من زيادة عدد العملاء السريين والمخبرين الذين يخترقون المساجد، ويحضرون مناسبات مثل المؤتمرات الفلسطينية، فضلاً عن التسلل إلى الحياة الخاصة للسكان.غير أن هذه الإجراءات قد تتم إعادة مراجعتها في العام القادم، لأنها لم تعتمد بموجب تشريع، وبإمكان إدارة الرئيس باراك أوباما المقبلة تقرير إزالته لكن ناطقاً باسم الفريق الإنتقالي لأوباما رفض التعليق على هذه المسألة.وكان أوباما إنتقد في بدايات الحملة الإنتخابية الرئاسية إدارة بوش لتبنيها سياسات إمنية داخلية، قال إنها تهدد الحريات وحقوق الخصوصية. غير أن السناتور أوباما، حينها، أعرب عن تأييد لمشروع مراقبة في حزيران (يونيو) الماضي، لقي معارضة نشطاء ليبراليين.
الخطوط العامة، التغييراتتجمع التغييرات بصورة أساسية ما يعتبر حالياً خمس حزمات من التوجهات العامة لعدد متنوع من التحريات هي: الجنائي والأمن القومي، والمخابرات الأجنبية والإضطرابات المدنية، والتظاهرات، وتضعها في سلة واحدة. وتعود التوجهات العامة الحالية إلى حقبة السبعينات، بعدما أدت ضغوط مارسها مشرعون ونشطاء إلى تسليط الضوء على إنتهاكات إرتكبها مكتب التحقيقات الفدرالي خلال فترة نشاط حركة الحقوق المدنية ومناهضة الحرب الفيتنامية.وبعد إعتداءات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) الإرهابية تحرك وزير العدل الأميركي آنذاك جون آشكروفت لتغيير تلك الخطوط بهدف مساعدة مكتب التحقيقات الفدرالي في مهمات مكافحة الإرهاب.غير أن وزارة العدل تقول إن التغيرات لم تكن ذات بعد كاف، وليس بإمكان عملاء المكتب إجراء تحريات أولية، تعرف باسم «تقييمات التهديد» حول قضايا إرهابية مشتبه بها، كما ليس بإمكانهم تنفيذ ما يعرف بـ«مقابلات الذريعة» حيث يخفي العملاء هوياتهم بهدف الحصول على معلومات.وفي شهادته أمام مجلس الشيوخ في أيلول (سبتمبر) الماضي قدم مدير مكتب الـ«أف بي آي» روبرت موللر المثل الإفتراضي عن بريد الكتروني مجهول يتلقاه المكتب ويفيد إن هناك عملية تهريب مخدرات تجري في إحدى الحانات في منطقة محددة. فبموجب الخطوط العامة الحالية لعمل المكتب يمكن لإرسال عميل سري أو البحث عن مصادر أخرى للقيام بهذه المهمة. وأردف موللر موضحاً أنه إذا وصل البريد الإلكتروني ذاته وأفاد أن «حزب الله» أو تنظيم «القاعدة» يقومان بتجنيد أفراد، لم يكن بإمكاننا القيام بالخطوات ذاتها. الشيء الوحيد الذي يمكننا فعله بموجب الخطوط العامة الحالية للأمن القومي هو الدخول إلى المكان والتعريف بأنفسنا «كعملاء لمكتب التحقيقات الفدرالي» وعلق موللر «لم يكن هذا الأمر ذا معنى..».إشارات ومخاوفبعض الخبراء الأمنيين أشادوا بالتغييرات، ورأى مايكل رولنس من «معهد واشنطن للشرق الأدنى» والعميل السابق في الـ«أف. بي آي» لإحدى وثلاثين سنة، وكعميل خاص مولج بمكافحة الإرهاب في واشنطن بين العامين 2002 و2005 «إن المراجعة خطوة ضرورية وهامة». أضاف في الوقت ذاته يجب أن تأتي التغييرات مترافقة مع التدريب الملائم والتشديد القوي على التواصل مع الجاليات العربية الأميركية.وشهد الشهر الماضي لقاء بين أفراد من مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالات فدرالية أخرى وممثلين عرب ومسلمين أميركيين في احد المراكز اللبنانية في مدينة ديربورن لمناقشة التغييرات الطارئة.وقال أندرو آرينا، العميل الخاص المسؤول عن مكتب ديترويت في الـ«أف. بي. آي» إنه لن يجري أي فرز عرقي بموجب القواعد الجديدة موضحاً أن كل عميل سيخضع للتدريب حول الخطوط العامة الجديدة المعتمدة.غير أن منظمات مثل «اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي) و«إتحاد الحريات المدنية الأميركية» تقول إن القواعد الجديدة المتبعة تفتح الأبواب أمام الفرز العرقي والإثني والديني لأنها ترتكز بوضوح على توجيهاات عامة تتيح الفرز في قضايا محدودة. وتخشى هذه المجموعات أيضاً أن التوجيهات العامة الجديدة ستتيح لعملاء الـ«أف. بي. آي» التحقيق مع أفراد دون توفير أية أدلة على إرتكابهم مخالفات.وقال مايك جيرمان وهو عميل خاص سابق يعمل حالياً كمستشار لدى «إتحاد الحريات المدنية الأميركية» إن ما نشهده هو سلطة خارقة ممنوحة للمكتب.غير أن الناطق باسم وزارة العدل الأميركية دين بويد قال: «في المحصلة لن يفتح مكتب التحقيقات الفدرالي تحقيقاً ينبني فقط على خلفية عرقية أو دينية». ويوافقه مسؤول مكتب ديترويت أندرو آرينا الرأي ويقول: «في منطقة ديترويت الخوف في صفوف الجاليات يكمن في حصول إنتهاكات، وسيفتح إمكانية الفرز ونحن لن نسمح بحدوث ذلك».
Leave a Reply