لم تضطر العاصفة «أولغا» أن تأخذ إذناً من السياسيين اللبنانيين لتزور لبنان.. ولم تكترث ما اذا كانت ستجذب انتباهاً واهتماماً كانوا قد حازوا عليه بمناقشاتهم التي لا تنتهي.. أما التوقعات التي سبقت قدوم العاصفة فلم يتهيأ لبنان، بأجهزته كافة وبطرقاته وبيوته، لمواجهتها، ولكن عوضاً عن إغراق اللبنانيين بموجة من السجالات العقيمة التي تتأرجح درجات حرارتها بين العلو والإنخفاض، غمرت «أولغا» البلاد ببساط أبيض شارف السواحل مُرفقاً بدرجات حرارة متدنية لم يشهد لها لبنان مثيلاً منذ عشرات السنين، فخلّفت أضراراً استدعت تقديم 3 مليارات ليرة (مليوني دولار) للمتضررين منها على الرغم من أنّ المليارات قُسّمت ما بين ضحاياها والمتضررين في الأشرفية وفي باب التبانة-طرابلس.
الثلوج تغطي قلعة بعلبك. |
جاءت «أولغا» وجلبت معها إذناً لتلاميذ المدارس بالعطلة، وتحذيراً للبنانيين بالبقاء في المنازل، وتشريداً للنازحين وكأنّ تشريدهم الماضي والحاضر ليس بكافٍ.. فتناسى «وزير التوافق والسلام» مروان شربل رغبته في الترشّح للإنتخابات مؤقتاً لينصب اهتمامه على تأمين السلامة للشعب اللبناني.. عكس رفاقه من السياسيين الذين لم تُنسهم «أولغا» تطلعاتهم الإنتخابية والسياسية المختلفة على الرغم من محاولاتها المتعدّدة صبّ «الثلج» على نار القوانين الإنتخابية المختلفة التي تحظى بقبول يستمر أياماً عدة قبل أن تُجابه بالرفض.
في هذا السياق، لم يترك موضوع الإنتخابات الواجهة ليعود اليها.. بل بقيت قوانينه خاضعة لمدى توافق وعدم توافق الساسة ورغباتهم في كسب الأصوات السريع. ولكن يبدو أنّ هذا الأسبوع حمل معه تغييراً نوعياً ليعود مشروع «الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية» والمعروف بـ«مشروع فؤاد بطرس»، والذي يمزج بين النظام الأكثري والنسبي، ويطلّ على الساحة الإنتخابية حاملاً معه أملاً جديداً في إجراء الإنتخابات في موعدها، وفي توافق من نوع ما. وعلى الرغم من أنّ المشروع لاقى تأييداً عند البعض ورفضاً تاماً عند البعض الآخر لاعتبارات تتعلّق بصيغته الأساسية، الا أنّه استطاع أن يذيب بعضاً من الجليد بين الفرقاء. أما الإهتمام الحقيقي فقد حاز عليه «مشروع القانون الأرثوذكسي» الإنتخابي الذي غطى على «مشروع بطرس» و«مشروع الستين» الإنتخابي خاصةً أنّه حصد توافقاً مسيحياً رباعياً شمل «حزب الكتائب» و«القوات» و«التيار الحر» و«المردة »دون أن يشمل مستقلي «14 آذار». أما «حزب الله» فقد أعلن تأييده لهذا القانون، في حين أكّد رئيس الجمهورية فؤاد سليمان على رفضه له لعدم دستوريته مثله مثل «كتلة المستقبل» التي شدّدت على وقوفها في وجه القوانين التي تتصادم مع الطائف.
على صعيد آخر، حمل الأسبوع الماضي معه خبراً جنبلاطياً مهماً تمثّل بـ«بشرى تحقيق المصالحة بين أبناء بريح بإزالة التعديات على املاك المسيحيين فيها». وقد بشّر النائب وليد جنبلاط البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بهذا الخبر وذلك ضمن لقاء جمع الإثنين في بكركي فلم يتطرّق الى موضوع الإنتخابات وإنما الى الحوار وهو ما تطرّق اليه الوفد الإشتراكي الذي حمل مبادرة رئيسه «الحوارية» الى رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في بنشعي ليخرج الوفد من اللقاء كما خرج من غيره: بإيجابية بعد تشديد فرنجية على أهمية الحوار في الوصول الى اتفاق حول القضايا كافة.
الى ذلك، لا زالت كلمة السيد حسن نصرالله والتي ألقاها في ذكرى أربعين الإمام الحسين (ع)، فاشتملت على موضوعات مثل المخطوفين اللبنانيين في أعزاز السورية، والنازحين الذين جرى التناقش في موضوعهم ضمن لقاء جمع رئيس الحكومة ميقاتي مع وفد من «لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي» في مجلس النواب الأميركي، والنفط والحوار، ولا زالت تُلاقي أصداءً مُختلفة بحسب الجهات التي تُعلّق عليها. ففي حين وصف وزير الجمهورية ميشال سليمان الكلمة، خاصة من ناحية استراتيجية حماية النفط، بالإيجابية، انبرى تيار «المستقبل» كعادته بانتقاد كلام نصرالله في هذا الخصوص، مُشدداً على أنّ حماية النفط لن تحصل عن طريق سلاح «حزب الله». أما موضوع النازحين والذي كان له حصة أساسية في الكلمة، فلم يُغيّر رأي القائلين بضرورة مقاربة الموضوع انسانياً، وهو ما برز في لقاء مُمثّل حماس في لبنان علي بركة مع رئيس «حزب الكتائب» أمين الجميّل، ولا رأي المنادين بإقفال الحدود أو ضبط التدفّق في تجمعات قرب الحدود السورية اللبنانية، وهو كان آخر ما نادت به «كتلة المستقبل». أما وزير الطاقة جبران باسيل، الذي حاول من خلال مؤتمره الصحفي الأخير نزع صفة «العنصرية» عن نفسه، فقد أوضح مدى خطورة الموضوع وجديّته والعبء الذي يفرضه على الواقع اللبناني.
أيضاً، وفيما يخصّ قتلى تلكلخ، فقد نفّذت لجنة أهالي القتلى اعتصاماً أمام منزل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في طرابلس لتنفي هيئة «الموقوفين الإسلاميين» أي علاقة بهذا الإعتصام. ولاحقاً، نفّذت اللجنة اعتصاماً آخر عند معبر العريضة الحدودي. وقد غابت عائلة الرفاعي عن الإعتصامين بينما لم ينضم الى اعتصام العريضة من عائلة حسان سرور سوى شقيق حسان.
أخيراً، زار الرئيس القبرصي ديمتريس خريستوفياس نظيره اللبناني وجرى التطرّق الى أمور جاء النفط والغاز على رأس أولوياتها.
Leave a Reply