بغداد – حاصر الإرهاب العراقيين مرة جديدة، الأسبوع الماضي، حين سعت القوى المحتضنة له إلى نقل الاهتمام من معارك محافظة الأنبار المحاذية لسوريا عبر تنفيذ سلسلة من الهجمات في بغداد وفي محيطها، أسفرت عن مقتل وإصابة المئات، لكن رئيس الوزراء العراقي يتجه الى اعتماد الخيار العسكري في مواجهة تمدد المسلحين في غربي البلاد.
جندي عراقي في أحد شوارع بغداد |
إذ يستعد الجيش العراقي للقيام بعملية عسكرية كبيرة حيث بدأت القوات الأمنية بقطع وسائل الاتصال كافة في منطقة الخالدية شرق مدينة الرمادي. وتشير المعلومات أن التحضيرات العسكرية متواصلة باتجاه الخالدية، التي تربط ما بين الفلوجة والرمادي وهي بمثابة خط وصل بين المسلحين في المدينتين، وأن السيطرة عليها سيؤدي الى قطع الاتصال. وأضافت المعلومات أن الجيش يتقدم ببطء بسبب الكمائن المزروعة على الطرق المؤدية الى تلك المنطقة، فيما امتدت الاشتباكات بين العشائر العراقية وعناصر تنظيم «داعش» إلى محافظة ديالى، حيث كشف مسؤول أمني عن استيلاء مسلحين ينتمون إلى «داعش» على نقطة أمنية تابعة لقوات الصحوة في الأنبار.
ومع استمرار الحملة العسكرية شهد العراق الأسبوع الماضي جولات جديدة من العنف المتنقل، حيث أفادت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن مصادر أمنية وطبية عراقية أن حصيلة موجة العنف التي ضربت العراق الاربعاء الماضي بلغت 46 قتيلاً، بالإضافة الى جرح العشرات. وأفادت مصادر أمنية أن ما يقارب الـ12 تفجيرا بسيارات مفخخة وعبوات وأحزمة ناسفة ضربت مناطق المعامل جنوبي بغداد، وشارع الصناعة وساحة الاندلس والشعلة والشعب والحسينية وشارع فلسطين في العاصمة العراقية.
وفي ناحية بهرز جنوب محافظة ديالى إستُهدف مجلس عزاء بعبوات ناسفة كانت موضوعة داخل سرادق العزاء أدت إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح. وقد شهدت المناطق المستهدفة انتشارا كثيفا لقوات الأمن والشرطة فيما حلقت المروحيات في سماء العاصمة بغداد في إجراءات أمنية مشددة.
وكان ما لايقل عن ستة اشخاص قتلوا وجرح 18 آخرون بانفجارات وقعت الثلاثاء الماضي، بغداد أيضاً، فيما تمكن الجيش من إلقاء القبض على ستة من «داعش» في محافظة بابل. وفي خضم الأحداث الأمنية التي طغت على المشهد العراقي في الآونة الأخيرة، خرج رئيس الوزراء نوري المالكي ليلقي كلمته الأسبوعية، معتبراً أن «المنزل الذي تطلق منه رصاصة باتجاه القوات الأمنية سيكون هدفاً لهم». وأضاف «نقول بصراحة إن مقاتلة القاعدة والتشكيلات المتحالفة معها والذين يقفون خلفها من دول وجماعات أو منظمات، لا بد أن تجري في آن واحد في جميع البلدان التي تعيش فيها تنظيمات القاعدة».
وأشار إلى أن «هذه المعركة مقدسة، وهي دفاع عن المقدسات، وقد تطول وتستمر، ولكن القرار المتخذ هو إدامة هذا الصراع، لأن السكوت عنه يعني تكوين دويلات شريرة تعيد البلدان إلى الوراء وإلى القرون الجاهلية»، مؤكداً أن «هذه المعركة لن تنتهي إلا بالنصر».
وقد أعلنت وزارة الدفاع العراقية أمس عن تنفيذ قيادة القوة الجوية أكثر من 230 طلعة جوية في محافظة الأنبار ضربت فيها أهدافاً لتنظيم «القاعدة». وقال بيان صادر عن الوزارة إن «طائرات القوة الجوية نفذت 235 طلعة جوية فعالة على 30 هدفاً لتنظيم «داعش» الإرهابي، التي تم رصدها بناءً على معلومات استخبارية دقيقة في الأنبار منذ مطلع العمليات العسكرية لثأر القائد محمد».
ولكن المتحدث باسم «البنتاغون» وقائد القوة البحرية الأميركية، بيل سبيكس، قال إن «الولايات المتحدة ستتريث في الوقت الحاضر في إرسال المعدات العسكرية اللازمة التي طلبتها الحكومة العراقية». وأكد أن «قرار التريث في إرسال المعدات العسكرية لا يلغي التزام الإدارة الأميركية بتعهدها بمساعدة العراق في حربه ضد المسلحين».
في هذا الوقت، دعا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي إلى مراجعة شاملة لملفات السنوات العشر من عمر العملية السياسية في البلاد، فيما حذر من «مؤامرة» تتخذ من الدين الإسلامي «غطاءً» لإشاعة «الإرهاب» في دول المنطقة والعالم، مبيّناً أن «هذا الأمر يدعونا إلى التآزر والتوحد، وإن لم نفعل فإن أوطاننا ستذهب أدراج الرياح وتصبح أثراً بعد عين». وشدد على أن «العراق أوعى من غيره في الخروج من الطائفية والفئوية والحزبية، لأنه اكتوى بنار الطائفية»، مستدركاً بالقول إن «خروج العراق معافى من خطر الطائفية لن يتحقق إلا بمراجعة لما جرى في السنوات العشر الماضية». ودعا أيضاً إلى «الحد من الترويج والتحريض الطائفيين وإيقاف عسكرة الشارع وتحويل مدن إلى متاريس وخنادق للقتال، والتريف (والتفريق) بين الإرهاب، ومن لهم حقوق شرعية يطالبون بها».
وفي وقت يثير العنف قلق إقليم كردستان أيضاً، قال رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين، إنّ «هذه كارثة وإن الإرهابيين يهددون البلد كله»، داعياً إلى «تكوين جبهة مشتركة في مواجهتهم»، فيما برز، انسحاب الوزراء الأكراد من اجتماع لمجلس الوزراء العراقي احتجاجاً على مسودة ميزانية البلاد لعام 2014، في خطوة تفاقم نزاعاً بشأن خطط إقليم كردستان شبه المستقل لتصدير النفط عبر خط أنابيب جديد إلى تركيا.
وقال النائب الكردي روز خوشناو «بالتأكيد فإنّ هذه رسالة سلبية ترسلها بغداد باعتماد الميزانية من دون موافقة حكومة إقليم كردستان… كان يجب على الحكومة العراقية أن تمنح المزيد من الوقت للمحادثات والتفاوض مع حكومة إقليم كردستان».
Leave a Reply