سبعة أسابيع ونيف تفصلنا عن «جنيف السوري» بعد أن توافق العالم على تأجيل المؤتمر الى ٢٢ كانون الثاني (يناير) المقبل، بالتزامن مع إعلان اتفاق النووي الإيراني الذي يمهد الطريق للتسويات الكبرى على الساحتين الاقليمية والدولية.
الحلف الدولي-الإقليمي الواسع المناوئ للنظام السوري، بدأ بدوره بالتفكك، فالغرب تراجع بوضوح في ظل صمود الدولة السورية إزاء انكشاف دور المقاتلين «الجهاديين»، أما القطريون والأتراك فبدأوا يبحثون عن طريق العودة الى دمشق، فلم يجدوا غير الضاحية الجنوبية لبيروت لإعادة فتح القنوات مع الرئيس بشار الأسد بواسطة «حزب الله». أما رهانات إسرائيل والسعودية، الخاسران الأكبران، في مسار أحداث الأزمة السورية، فتسعى الى تحقيق خرق ميداني للمعارضة كاد أن يتحقق بهجوم شامل شنه آلاف المقاتلين في الغوطة الشرقية لاستعادة بعض البلدات لفك الطوق عن المناطق التي يسيطرون عليها في ريف دمشق، غير أن الجيش السوري تمكن من صد الهجوم الذي تزامن مع احتدام المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في جنيف.
وقد دخلت ميادين الاشتباكات في سباق واضح، مع موعد الأسبوع الأخير من كانون الثاني المقبل. ولا يُستخلص هذا الربط من تقدم الجيش السوري في مناطق القلمون، تحديداً في دير عطية والنبك، وحده، وإنما من هجوم الفجر «الانتحاري» الواسع المضاد الذي شنه مسلحو المعارضة مع بداية الأسبوع الماضي في الغوطة الشرقية، في تعبير واضح عن رغبة سعودية سياسية بإعادة الإمساك بأوراق الوضع الميداني المتساقطة، مع تأزم المشهد الإقليمي أمام المملكة، سورياً وإيرانياً.
جنيف ٢
لم تنفع استجداءات الرياض لدى الحليف الاميركي بتأخير موعد المؤتمر لحين تحقيق نصر معقول يحسن موقف المعارضة على طاولة المفاوضات، رغم استقدام آلاف المسلحين لمعركة الغوطة الشرقية التي سرعان ما احبطها الجيش مكبداً المسلحين خسائر فادحة.
وانعكاسا للانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش السوري على المسلحين، رحبت دمشق بقيام الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتحديد يوم 22 كانون الثاني 2014 موعدا لعقد مؤتمر «جنيف 2»، مؤكدة مشاركتها بوفد رسمي يمثل الدولة السورية مزودا بتوجيهات الرئيس بشار الأسد ومحملا بمطالب الشعب السوري وفي مقدمتها القضاء على الإرهاب.
وقالت الخارجية السورية في بيان «إن الوفد السوري الرسمي ذاهب إلى جنيف ليس من أجل تسليم السلطة لأحد بل لمشاركة أولئك الحريصين على مصلحة الشعب السوري المؤيدين للحل السياسي في صنع مستقبل سوريا».
وفي خضم التحضير لعقد مؤتمر «جنيف 2»، دعت تركيا، إحدى أبرز الجهات الداعمة للمعارضة السورية، وإيران، أبرز حليف إقليمي لسوريا، الأربعاء الماضي، الى وقف لاطلاق النار في سوريا قبل انعقاد مؤتمر السلام الدولي.
واكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بعد استقباله نظيره التركي أحمد داود أوغلو ان كل جهودنا يجب ان تتركز الآن على طريقة إنهاء هذا النزاع والتوصل الى وقف لإطلاق النار.
وقال أوغلو «علينا ألاّ ننتظر شهرين للتوصل الى وقف للمعارك. علينا اعداد الارضية لوقف لاطلاق النار يفترض ان يؤدي الى جنيف».
سير المعارك
لم يكن ارتباط المشهد الميداني بالمسار السياسي بمثل هذا الوضوح في الأزمة السورية. ومعركة القلمون الدائرة حاليا، لم تكتسب أهميتها في الإعلام وحده، وإنما بسبب دلالاتها السياسية، كما العسكرية، عشية مؤتمر جنيف.
تطورٌ مَيدانيّ بارزٌ شهدته المعاركُ بينَ الجيشِ السوريِّ ومسلحي المعارضة ولا سيّما على الطريقِ الدوليةِ بين دمشقَ وحِمص. فقد سيطر الجيشُ السوريُّ على معظمِ بلدةِ النبك بعد إحكامِ سيطرتِهِ على مدينةِ ديرِ عطية. وأفادت التقارير الإعلامية بأنّ مسلحي المعارضةِ بدأوا بالانسحابِ منَ النبك في ريفِ دمشقَ باتجاهِ العرقوب، غرب القلمون (باتجاه لبنان).
وتعتبر منطقة القلمون استراتيجية لانها تشكل قاعدة خلفية لإمداد المعارضة المسلحة في ريف دمشق وبعض الجيوب المتبقية لهم في حمص.
جاء ذلك بعد تمكن الجيش السوري من القضاء على مئات المسلحين الذين قدموا عبر الحدود الاردنية باتجاه الغوطة الشرقية التي طلب المسلحون المؤازرة من السعودية فارسلت لهم مقاتلين عبر الاردن حاولوا استعادة بلدة العتيبة لفك الطوق عن الغوطتين لكن الهجوم باء بالفشل بعد أن تكبد المقاتلون خسائر فادحة في الارواح والمعدات.
واستمرت المعارك في بيت سحم الواقعة على طريق المطار والمحاذية لمدينة جرمانا مساء الاربعاء الماضي، وامتدت الى المناطق المجاورة في يلدا وبيبيلا الواقعتين الى الشمال من بلدة السيدة زينب (شرق دمشق).
الى ذلك فقد قام المسلحون بقصف قذائف هاون على عدة أحياء في دمشق وحلب وإدلب، طالت إحداها السفارة الروسية في دمشق.
وفي السياق ذاته أعلنت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة عن التوصل لاتفاق من مرحلتين، ربما ينهي مأساة الفلسطينيين في مخيم اليرموك بدمشق، ويقضي بانسحاب مسلحي المعارضة الذين دخلوه منذ ما يقرب العام.
من جهته، قال رئيس هيئة اركان الجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس في حديث الى تلفزيون «الآن» إن المعارضة المسلحة تحتاج الى سلاح وذخائر، وهذا ما يعيق توحدها. وأضاف «لا تتوفر لدينا الذخائر والاسلحة الكافية ولا تتوفر وسائل النقل ووسائط الاتصال، وان ما قدمته الدول من دعم يستطيع صاحب متجر صغير أن يتبرع به»!!.
Leave a Reply