بلال شرارة
كما في ليلة «ما فيها ضو قمر»، اجتاحت «داعش» حدود سايكس-بيكو وأقامت مشروع «الخلافة» بين سوريا والعراق، اختفى التنظيم من الموصل كـ«فصّ ملح وذاب» أمام الحملة العسكرية لمختلف أنواع التناقضات من التحالفات الجوية والبرية الغربية والإقليمية والميليشاوية والتشكيلات الرسمية. هكذا.. اختفى «داعش» دون أن نشاهد صوراً لقتلاه او أسراه في العراق، لا في الموصل ولا في المناطق السابقة التي تم تحريرها.
بالترافق، جرى الإعلان عن هدنة محتملة في اليمن (بدون شروط مسبقة)، وكذلك في حل، أما في لبنان فيجري الحديث عن حلحلة لمسألة الرئاسة بين «الأخوة الأعداء».
كل ذلك يجب أن يلبّي دون شك التهدئة المطلوبة عشية الانتخابات الأميركية الحامية التي ستنتج الرئيس العالمي رقم 1 الذي يجب أن يمهر خريطة الشرق الأوسط الجديد بتوقيعه.
الرئيس -أو بالأحرى الرئيسة الجديدة- سيدخل البيت الأبيض على وقع الانتصار على «داعش» في معركة الموصل والرقة اذا اقتضى الامر، طالما أن إمكانية الضغوط لصياغة الفدراليات القادمة ممكنة عبر التلويح بإقامة «إمارة اسلامية» في إدلب.
الآن يجري إجهاض الحمْل على مساحة المنطقة، نصف هزيمة ونصف انتصار للجميع على مخلوق شبحي يدعى «داعش»، وما تبقى من القاعدة او خلافها من الممكن التفاهم أو التواطؤ معه.
بقية المشكلات والتوترات على مساحة الشرق، مثل الأزمة التركية-العراقية، وتطبيع العلاقات المصرية-الإيرانية وتنظيم الاختلاف المصري-السعودي كله سيخضع لشروط التفاهمات الدولية الأكبر على الشرق الأوسط الجديد.
المزيد من الحروب او تعميق التسويات كله يخضع لرؤية الكبار وإلا فإن مدفعيتهم ستعاود قصف نقاط العالم وطائراتهم القوافل الحربية أو أنه سيقال إن طرفاً ما استغل الهدنة.
لبنان دخل أجواء هدنة رئاسية عاصفة تؤدي في أحسن حالاتها الى رئيس يملك ولا يحكم، وفي أسوأ حالاتها وحسب السياق الدولي-الإقليمي القادم الى انقسام لبنان الى لبنانات.
هي الفدرالية: برلمانات موحدة، جيوش لمكافحة الاٍرهاب ولحراسة الحدود.
وهذا سيشمل أيضاً الضفتين ولا يحتاج الى حرب لفرضه، إذ أن إسرئيل ستكسب المساحات التى استوطنتها في الضفتين يقوم عليهما ملك واحد وبرلمانيون وجيش واحد فلا تعود السلطة (الفلسطينية) عاجزة والنظام الملكي ضعيفاً، وغزة ستقع ضمن حراسة مشددة من الناتو ترفع «تهديد» الصواريخ عن اسرائيل وتهديد كرة النار البرية والبحرية والجوية لغزة، ومعها البديل النفطي في المتوسط (الاسرائيلي-الفلسطيني، السوري، المصري، اللبناني، القبرصي وخلافه). ذلك سيعوّم اقتصاديات الشرق الأوسط (الدول ومتفرعاتها) ويؤمن البديل عن النفط الخليجي الذي دخل عنق الزجاجة.
طبعاً أنا لا أرى كابوساَ ولا حلماَ ولكن أقول إن اختراع «داعش» العابر للحدود سيُصبِح -أو أصبح في الواقع- عابراً للقارات وستتكرر التجربة على مساحة ليبيا والجوار الليبي.
وإن غداً لناظره قريب.
Leave a Reply