فتح اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، الإثنين الماضي، الباب أمام سلسلة من التطورات الأمنية والسياسية التي جعلت من المشهد المصري يطغى على المشهد العام فـي المنطقة. سارع الرئيس عبدالفتاح السيسي الى توجيه أصابع الإتهام نحو «من يصدرون أوامر القتل من خلف القضبان» فـي إشارة واضحة الى «الإخوان المسلمين».
وفـيما كانت قوات الأمن المصرية تداهم شقق هؤلاء فـي مدينة ٦ أكتوبر لتحقيق «العدالة الناجزة» التي تعهد السيسي بتطبيقها فـي جنازة بركات، دخلت المواجهة التي تقودها القوات المصرية مع المتشددين الإسلاميين فـي شبه جزيرة سيناء، مرحلة «الحرب» الحقيقية، بعد هجوم دموي
غير مسبوق نفذه تنظيم «الدولة الإسلامية فـي العراق والشام» (داعش) فرع «ولاية سيناء» يوم الأربعاء الماضي، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 70 شخصاً، بينهم ١٧ جندياً.
الهجوم الواسع قابلته مصر بإعلان الحرب على المسلحين فـي شمال شبه جزيرة سيناء، وأكدت السلطات أنها ماضية فـي مكافحة الإرهاب بقوة، حيث أغارت الطائرات الحربية على مجموعة من «داعش» قرب رفح فـي اليوم التالي من الهجوم الكبير، فـيما طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي القوات المسلحة «بإذاقة الإرهابيين نار جهنم»، وذلك بعد ساعات من إقرار قانون مكافحة الإرهاب يوم الخميس الماضي.
وفـي تفاصيل الهجوم الكبير، بدأت الإشتباكات عند الساعة السادسة والنصف صباحاً باستهداف حاجز أبو رفاعي على طريق العريش الدولي بسيارتين مفخّختين، بالتزامن مع إطلاق أعيرة نارية وقذائف «آر بي جي» على 15 نقطة أمنية، بالإضافة إلى مهاجمة معسكر الزهور لقوات الأمن وقسم شرطة الشيخ زويد.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤولين أمنيين قولهم إن المسلّحين «أسروا جنوداً واستولوا على أسلحة والعديد من السيارات المدرّعة»، وهو ما نفاه لاحقاً مسؤولون لوكالات الأنباء المصرية. وقال مسؤول كبير فـي الجيش لـ«فرانس برس» انها «حرب.. لم نشهد مثل هذا العدد من الارهابيين ونوعية الاسلحة المستخدمة من قبل».
واعتلى مسلحون اسطح البنايات واطلقوا النيران من مدافع الـ«ار بي جي» على قسم شرطة الشيخ زويد بعدما لغموا الطريق المؤدي له لمنع وصول اي امدادات للقسم، حسب ما قال عقيد فـي الشرطة.
من جهته، تبنّى تنظيم «ولاية سيناء»، فـي بيان، العمليات الإرهابية، مشيراً إلى أن أنصاره «تمكّنوا من الهجوم المتزامن على أكثر من 15 كميناً وموقعاً عسكرياً للجيش المصري، حيث قاموا بتنفـيذ عمليات متنوعة ومتزامنة على نادي الضباط فـي العريش وكميني السدرة وأبو رفاعي فـي مدينة الشيخ زويد، وهجوم بالأسلحة الثقيلة والخفـيفة والآر بي جي والهاون على كمائن الماسورة وسادوت وولي لافـي والوفات وأبوطويلة والضرائب وقسم شرطة الشيخ زويد، وكمين جرادة وكمين بنزينة فـي الخروبة وكمين العبيدات، وكمين قبر عمير وكيمن الإسعاف وكمين البوابة وكمين الشلاق».
وقال التنظيم فـي بيان إنه سيطر على «مواقع» عدة واستولى على ما فـيها من أسلحة ومعدات، كما تم استخدام الصواريخ الموجّهة ضد المواقع المصرية، وقطع الإمداد والسيطرة والتصدّي للطيران المصري باستخدام مدافع الدفاع الجوي، ما أجبر الطيران المصري على الابتعاد عن مواقع الاشتباك، على حد زعم التنظيم.
وأضاف البيان أن العمليات «شارك فـيها 300» من عناصر التنظيم، وهو العدد الأكبر الذي يُشارك فـي عملية له، مضيفاً أنهم «كانوا يزرعون العبوات الناسفة فـي طرق رئيسية عدة لعرقلة وصول التعزيزات العسكرية لقوات الأمن، ومنع وصول سيارات الإسعاف لنقل المصابين».
وسارعت إسرائيل إلى استغلال الهجوم الدموي فـي سيناء. وأعلن الاحتلال رفع حالة التأهب على الحدود مع مصر. وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «إننا شركاء مع مصر ومع دول كثيرة أخرى فـي الشرق الأوسط وفـي العالم فـي النضال ضدّ الإرهاب الإسلامي المتطرِّف»، فـيما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون إنَّ «هناك إرهاباً إسلامياً فـي كل أرجاء الشرق الأوسط، وأنا من هنا بودي المشاركة فـي إبداء الأسى ومعانقة الشعب المصري بسبب الحادث الأليم فـي سيناء».
إلى ذلك، أعلنت الشرطة المصرية مقتل تسعة مسلحين مشتبه فـيهم فـي تبادل لإطلاق النيران إثر مداهمة الشرطة لشقة كانوا يختبئون فـيها فـي غرب القاهرة. وقالت الشرطة إن هذه المداهمة استهدفت «إسلاميين مطلوبين» فـي قضايا عنف فـي حي 6 أكتوبر غرب القاهرة، فـيما أشارت مصادر أمنية إلى أن المسلحين فتحوا النار على قوة من الشرطة داهمت شقتهم لإلقاء القبض عليهم ما أدى إلى مقتلهم جميعاً.
ولاحقاً، أكد محام من جماعة «الإخوان المسلمين» مقتل ناصر الحوفـي، أحد قيادات «الجماعة» والعضو السابق فـي مجلس النواب خلال عملية المداهمة. وقال المتحدث باسم «الإخوان المسلمين» محمد منتصر فـي اتصال هاتفـي مع قناة «الجزيرة» التلفزيونية القطرية إنه «تمت تصفـية مجموعة من قيادات الإخوان بدم بارد»، مضيفاً أنه «لم تكن هناك أي اشتباكات».
يذكر أن محكمة جنايات القاهرة كانت عاقبت الحافـي بالإعدام فـي قضية هروب جماعي من سجون مصرية فـي الأيام الأولى للانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك فـي العام 2011.
Leave a Reply