عادل سرحان مخرج لبناني بارز، أخرج على مدى 20 عاماً العشرات من الكليبات الغنائية والإعلانات التجارية، تعاون خلالها مع عديد نجوم الفن والغناء في العالم العربي. اتجه سرحان في السنوات الأخيرة إلى عالم السينما، وكانت باكورة إنتاجه فيلماً بعنوان «خلت وورد» والذي شارك في العديد من مهرجانات الأفلام ونال عدة جوائز.
فيلمه الثاني بعنوان «بيترويت» والذي صورت مناظره في بيروت وديترويت وتدور أحداثه حول جرائم العنف المنزلي، وقد حقق الفيلم نجاحات وإقبالاً جماهيرياً في بيروت، وسيعرض في أميركا لأول مرة في 27 من الشهر الحالي في صالة العرض بثانوية فوردسون في ديربورن.
«صدى الوطن» إلتقت بسرحان خلال زيارته الحالية لديتريوت وأجرت معه حواراً حول فيلم «بيترويت» والفن والسينما عموما في لبنان والشرق الأوسط:
أخبرنا عن فيلمك الجديد «بيترويت»
فكرة الفيلم تستند إلى الواقع ومشاكل الناس ومن الأشياء التي نراها يومياً، العنف المنزلي أضحى مشكلة العصر في كل أنحاء الدنيا وليس في لبنان وحده أو أميركا، علينا أن نتخذ الوسائل الكفيلة التي نوقف عندها العنف بقوة القانون، والفيلم يحاول إيصال هذه الفكرة لكل من يشاهده، إذن باستطاعتنا إيجاد قانون يحمي النساء دون الإساءة للرجال، فالإساءة للرجال ليست بالضرورة عنفا، لكنهم قد يفقدون حقوقهم وممتلكاتهم والحق في رعاية الابناء في ظل قوانين مجحفة وغير عادلة.
لماذا اختيار ديترويت مكاناً تجري فيه أحداث الفيلم؟
اخترت ديترويت بعد إعلانها مؤخرا أخطر مدينة في أميركا، والعديد من الجرائم المرتكبة فيها بمثابة عنف منزلي معظم ضحاياه من النساء.
كان يفترض عرض الفيلم فـي بيروت فـي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لماذا تأخر عرضه حتى آذار (مارس) ؟
يجب عرض الفيلم في وقت يناسب المتفرجين، لبنان بلد غير مستقر سياسيا، لم نرغب في عرض الفيلم في صالات االسينما دون أن يحظى بمشاهدة كثيفة ، انتظرنا لحين تحقق بعض الاستقرار النسبي، كنا نرغب بعرضه في 12-12-2012 لكنهم قالوا هذا الموعد هو نهاية العالم، لذلك أرجأنا العرض قليلا (ضحك).
ما مدى النجاح الذي حققه الفيلم فـي لبنان؟ كيف كان استقبال المشاهدين له؟
كان استقباله جيدا، تلقينا ردود أفعال سلبية بنسبة 2 بالمئة والبقية إيجابية، والعرض الأول كان مبهراً لم يشهد لبنان مثيلا لذلك العرض منذ 40 عاماً، ولغاية الآن وصل عدد المشاهدين للفيلم في لبنان إلى 65 ألف شخص.
ما هو تقييمك لحالة السينما فـي لبنان؟
خلال السنتين الأخيرتين انتقل حال السينما في لبنان إلى مكانة جيدة، نحن عندنا مشكلة رئيسة في لبنان : الوضع السياسي والأمني، فالسينما تحتاج إلى هدأة بال، لا يمكنك إنتاج أفلام سينمائية في ظل سماع أنباء عن اضطرابات في وطنك، خاصة في دولة صغيرة مثل لبنان، لو تحقق لنا الاستقرار والأمن سنحرز في غضون سنوات نجاحات باهرة في صناعة السينما ليس على المستوى العربي وحسب وإنما على المستوى العالمي.
نحن في لبنان لا تنقصنا الخبرة أو الموهبة، لدينا ممثلون ومخرجون مبدعون، وعندنا ثقافة منفتحة على العالم، كل هذه عوامل تمكننا من تحقيق النجاح والقدرة على المنافسة.
لماذا القاهرة وليست بيروت «هوليود العالم العربي»؟
مصر لها تاريخ عريق في صناعة الأفلام وكانت حتى قبل سنتين من الآن تنعم بالاستقرار، والمصريون لم يشهدوا حربا أهلية كالتي عانى منها اللبنانيون، هذا ما فجر الطاقات الابداعية عندهم، والسينما المصرية يتوفر لها التمويل على عكس لبنان والسبب فقدان الثقة بلبنان دولة ومشاريع تجارية وفنية.
فـي التسعينات من القرن الماضي كانت معظم الافلام اللبنانية حول الحرب الأهلية، الا تعتقد أن تلك الحرب ساهمت فـي خلق صناعة السينما اللبنانية الحديثة؟
الناس لم يعودوا يرغبون بأفلام حول الحرب، نعم الحرب شكلت موضوعا للأفلام، لكنك بحاجة إلى فسحة من الأمن والسلام تكون أعصابك فيها مرتاحة لتحويل هذه الموضوعات إلى أفلام سينمائية، مرة أخرى الحرب وغياب الاستقرار يدفعان السينما اللبنانية إلى الوراء.
لك تجارب مع العديد من نجوم الغناء من خلال الكليبات الغنائية، كيف كان تأثير الإضطرابات الأخيرة فـي المنطقة على الحركة الفنية عموما فـي الشرق الأوسط؟
تشهد الحركة الفنية في لبنان فيها ازدهارا مفاجئا، وحين تضطرب الأوضاع، يختفي الازدهار فجأة أيضا، وشركات الإنتاج الفنية لم تعد تنتج كليبات غنائية، كنت أخرج 4 كليبات شهريا لصالح شركة روتانا، الآن أخرج لها 4 كليبات سنويا، والمطربون يحاولون إنتاج كليبات بأنفسهم، كذلك هناك تراجع في عائدات الحفلات الغنائية، من يذهب إلى حفل غنائي في ظل ظروف سياسية مرتبكة؟ من يضمن عدم حدوث اشتباكات في محيط حفل غنائي أو أماكن التصوير؟ الأزمات بشكل عام وبالأخص في سوريا لها تأثير سلبي على جميع الفنانين.
هل السياسيون فـي لبنان لهم تأثير على الفنانين؟
الطبقة السياسية ليس لها تأثير على الفنانين في لبنان إطلاقا، لم يحدث أن طلب أحد الساسة من فنان أن يغني هذا أو يصور ذاك، فنحن عندنا حرية كاملة في هذا الإطار، لكن كما قلت سابقا المناخ السياسي يؤثر بعمق على حالة الفنانين النفسية.
كيف للجاليات اللبنانية فـي العالم المساهمة فـي دعم الفن فـي لبنان؟
الجاليات اللبنانية في الخارج تلعب دورا جوهريا فهم العمود الفقري للدولة اللبنانية من الناحية المالية، من خلال دعم ذويهم في لبنان وزيارة بلادهم وإنفاق المال ومن خلال حضور الحفلات وشراء السيديهات الغنائية، هم بذلك يدعمون الفن والاقتصاد، لبنان كان دوماً يعتمد على الأموال القادمة من أبنائه في الخارج، وحين كان لبنان يشهد أوقاتاً عصيبة، كان بعض الفنانين في ظل ظروف مالية صعبة يلجأون إلى إقامة حفلات في بلاد الإغتراب حيث الجاليات اللبنانية وبالأخص في أميركا.
فيلم جديد
يستعد سرحان لإخراج فيلم جديد مع بداية العام القادم على غرار فيلم «بيترويت» ذات أبعاد اجتماعية وسيصور جزءٌ منه في أميركا. ويعتعقد سرحان أن السينما اللبنانية بإمكانها في المستقبل أن تنافس السينما الإوروبية والإيرانية والإسرائيلية في مهرجان الأوسكار العالمي، وهو يعتبر الفن «رسالة لتحسين المجتمع» ويعتزم حالياً الطوفان بفيلمه الجديد في عدد من بلدان العالم، بدءا من ديربورن مع نهاية الشهر الحالي ومن ثم يعرض في عدة مدن أميركية، ويصف سرحان فيلمه «بأنه فيلم لكل الناس وليس للعرب فقط» نصفه ناطق بالانكليزية والنصف الاخر بالعربية والترجمة مطبوعة في أسفل الشاشة باللغتين.
Leave a Reply