عماد مرمل – «صدى الوطن»
كما درجت العادة في كل عام، اجتمع الاتحاد الدولي البرلماني في دورته الـ١٣٥ في جنيف، بين ٢٣ و٢٧ تشرين الأول (أكتوبر)، بحضور نواب من 138 دولة، حيث تمحورت نقاشاته حول انتهاكات حقوق الإنسان في الكثير من الدول التي هبت عليها رياح الحروب والويلات، والدور المفترض للبرلمانات في الاستجابة المبكرة لهذه المشكلة وكيفية القيام بدورها في حماية الشعوب وحقوق الإنسان.
جانب من المشاركين في جلسات المؤتمر الـ135 للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، الإثنين الماضي. |
وقد شارك في المداولات أكثر من 700 نائب، يضمون 67 رئيس برلمان من بينهم رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.
وتركزت أعمال المؤتمر على البحث في الاشكاليات الآتية:
– كيفية ضمان عدم وقوف البرلمانات في وجه الرد على معاودة أشكال انتهاك حقوق الإنسان، بل على العكس تسهيل هذا الرد، وما هو دور الحكم الرشيد في منع أو وقف حصول نزاعات عنيفة؟
– كيف يُواجَه الميل الى عدم منح أولوية لاحترام حقوق الإنسان لدى اندلاع نزاع عنيف؟
– كيف تستطيع البرلمانات تفعيل التزام المرأة بالجهود الرامية الى مواجهة التحديات المرتبطة بحقوق المرأة وحل النزاعات القابلة للاندلاع وبالتالي الاستفادة أكثر من مشاركة النساء وقيادتهن في التصدي لتحديات حقوق الإنسان؟ وأي دور على هذا الصعيد للمجتمع المدني والمجموعات المهمّشة؟
– كيف تستطيع الدبلوماسية البرلمانية، الإقليمية والدولية، أن تلفت الانتباه الى انتهاكات حقوق الإنسان وتتحرك حيالها، وذلك بهدف منع فرص حصول إبادات وجرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية؟
– ما هي الآليات التي يستطيع الاتحاد البرلماني الدولي وضعها من أجل المساهمة في معالجة حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي تنذر بحصول نزاع عنيف؟
– كيف يمكن ضمان تعاون البرلمانات بشكل أكبر مع جهود التنبيه والاستجابة المبكرة التي تبذلها الامم المتحدة ومنظمات إقليمية أخرى، ومراعاة مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة التي تحمل عنوان «حقوق الإنسان قبل أي شيء آخر»؟
وقد أعد الاتحاد البرلماني الدولي دراسة تكشف عن مستويات خطيرة من التمييز على أساس الجنس، والعنف ضد النائبات في شتى أنحاء العالم. وتشير الدراسة الى انه ينبغي عرض قضايا انتهاك حقوق النائبات عرضاً منتظماً أمام لجنة البرلمانيين المعنية بحقوق الإنسان.
وغطت اجتماعات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني كذلك العديد من القضايا الأخرى، منها مدى استجابة الامم المتحدة لادعاءات الاستغلال الجنسي والاعتداء الجنسي، المقدمة ضد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة، ودور البرلمان في منع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة، ودور النواب في مكافحة أنشطة الصناديق الانتهازية. كما جرى البحث في توطيد التعاون الدولي في مجال أهداف التنمية المستدامة، وحرية النساء في المشاركة في المسارات السياسية مشاركة تامة وآمنة بلا تدخل، وضرورة إقامة شراكات بين الرجال والنساء لتحقيق ذلك الهدف.
المشاركة العربية
وبدل أن تشكل مشاركة ممثلين عن البرلمانات العربية في هذا الملتقى الدولي فرصة لتغليب هموم شعوبهم المصيرية على ما عداها من حساسيات وحسابات ضيقة، خصوصاً أن المؤتمر البرلماني يلتئم تحت شعار حماية حقوق الإنسان، إذا بالانقسامات والصراعات بين الانظمة العربية تطغى على نقاشات وفودها في الاجتماعات الجانبية التي عُقدت بينها سعياً الى التوافق على رفع بند طارئ واحد الى جدول أعمال الجمعية العامة للاتحاد البرلماني، كما تستوجب الأصول المعتمدة في هذا الملتقى الدولي.
وبرغم تدخل الرئيس بري، بكل ثقله، لتقريب المسافة بين آراء اعضاء المجموعة العربية المبعثرة، إلا أن هذا المسعى اصطدم بإصرار كل وفد على مقاربته للبند الطارئ، إذ تمسك الوفد السوري بالدعوة الى رفع الحصار الاقتصادي والعقوبات الدولية المفروضة على سوريا، فيما قدم الوفد المغربي اقتراحاً يقضي بإعطاء الاهمية لمطلب إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، واعتبر الوفد السعودي من جهته أن القانون الاميركي «جاستا» ينطوي على تدابير جائرة ضد المملكة وانتهاكا سافراً لسيادة الدول وبالتالي يستحق أن تكون له الأفضلية.
وقد حاول بري بصفته رئيساً للاتحاد البرلماني العربي إقناع المختلفين بدمج كل هذه المطالب في بند واحد يتمحور حول حماية السيادة التي تشكل قاسما مشتركاً بين جميع الطروحات، لكن عرضه رُفض، ما فرض أن يدخل العرب الى جلسات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني مشتتين، كلٌ منهم يتخبط في جرحه منفرداً، الأمر الذي أضعف موقفهم وقدرتهم على التأثير في مسار المداولات.
وفي كلمته أمام الجمعية، دعا بري البرلمانات الى دعم لبنان في كافة المحافل لمواجهة الازمات الناتجة عن وجود ما يعادل نصف عدد سكانه من النازحين واللاجئين. واعتبر أن الحل الأساس هو قيام البرلمانات بجهود من أجل صنع حلول سياسية تضمن الاستقرار في البلدان المضطربة والوصول الى حل عادل وشامل بدءا من القضية الفلسطينية. كما شدد على ضرورة حماية حقوق الاقليات داخل الدول عبر قوانين ملزمة. وطالب باعتبار تعزيز الدبلوماسية البرلمانية أولوية للاتحاد لأن دبلوماسية الحقائب السود الحكومية لم تعد مجدية.
Leave a Reply