عماد مرمل – «صدى الوطن»
وسط اجراءات أمنية مشددة، جمعت دمشق قبل أيام، فـي «فندق الشام» عدداً كبيراً من الشخصيات العربية والاسلامية، المتعددة المذاهب والجنسيات واللغات والافكار، ولكن «المتماهية» فـي دعم محور المقاومة والممانعة.
حرص الرئيس السوري بشار الأسد على استقبال وفد موسع من المشاركين. |
شخصيات وازنة، تعكس نبض الشارع، من المحيط الى الخليج حتى أفريقيا، التقت حول طاولة واحدة وهموم مشتركة، فـي ما يشبه قمة الشعوب فـي مواجهة مؤتمرات الانظمة التي اندفعت فـي هجومها على حزب الله، الى حد توصيفه بانه منظمة ارهابية، ما استفز شرائح ونخباً واسعة، تداعى بعضها الى اللقاء فـي العاصمة السورية، لما تحمله من رمزية فـي هذه المرحلة.
وإذا كان دعم المقاومة ضد الإرهاب الإسرئيلي والإرهاب التكفـيري، يفترض أن يكون تحصيل حاصل، ومن بديهيات الأمور، فـي العالمين العربي والاسلامي، إلا أن الضغوط التي يتعرض لها كل من يدعم أو حتى يناصر «حزب الله»، بموجب القرارات التي صدرت مؤخرا عن مجلس دول التعاون الخليجي وأكثرية وزراء الداخلية والخارجية العرب، جعلت للموقف بحد ذاته قيمة مضافة وأهمية خاصة، باعتبار أن صاحبه سيكون فـي هذا الزمن مرشحا للملاحقة أو للترهيب بتهمة الوقوف الى جانب.. المقاومة!
وبهذا المعنى، فان لقاء دمشق العابر للحدود، بكل أنواعها، حاول أن يرفع الصوت فـي مواجهة صخب مشاريع الفتنة وهدير التحريض المذهبي وزمهرير عواصف الصحراء وصراخ الأنظمة المعادية لخيار المقاومة والتي تستخدم كل أنواع الاسلحة فـي معركتها.
قد تكون المحاولة متواضعة قياساً الى حجم القدرات التي يملكها المحور الآخر، وربما يكون تأثيرها ضعيفا بالمقارنة مع المؤثرات السمعية والبصرية المضادة، لكن ذلك لا يقلل من أهمية الرسالة التي انطلقت من صندوق البريد الدمشقي، موقّعة بأسماء علماء دين ورؤساء أحزاب ونواب ومفكرين وباحثين واعلاميين، أتوا من لبنان وتونس والمغرب والجزائر والسعودية والكويت والسودان وفلسطين واليمن والبحرين وليبيا ومصر وباكستان وتركيا والعديد من الدول الافريقية، الى جانب سوريا.
وبالنظر الى أهمية هذا الملتقى ودلالاته، فقد كان الرئيس السوري بشار الأسد حريصاً على استقبال وفد موسع من المشاركين، ومناقشته حول التحديات التي تواجه المنطقة فـي هذه المرحلة الحساسة، حيث استمع الى آرائهم، وأسمعهم ما يطمئنهم الى المستقبل، مؤكداً امامهم استمرار المقاومة على الجبهات كافة، لاستعادة السيادة وتحرير الأرض وحماية الحقوق ومكافحة الإرهاب.
وخلال النقاشات فـي الجلسات المغلقة، توافق الحاضرون على ضرورة تعزيز ثقافة المقاومة وتمكينها، ودعم معادلة الجيش والشعب والمقاومة فـي مواجهة الإرهاب التكفـيري فـي سوريا ولبنان والعراق وليبيا.
وجرى البحث فـي القرارات التي صدرت عن أطر النظام الرسمي العربي ضد «حزب الله» وصولاً الى اتهامه بأنه منظمة إرهابية، وهو ما أثار غضب عدد من المشاركين الذين اعتبروا أن تلك القرارات تعكس «الذل والعار».
وانتقد المشاركون فـي الملتقى السياسات السعودية بشدة، معتبرين أن «النظام السعودي بفكره الوهابي ومنتوجاته المتوحشة ضد الفكر الانساني عموماً والفكر الإسلامي خصوصاً -وفق أدبياتهم- يشكل الخطر الأكبر على المنطقة».
وعُلم أن المجتمعين كلفوا هيئة من الحقوقيين المشاركين فـي اللقاء بالتواصل مع الهيئات والمنظمات العربية والدولية المختصة بسن القوانين والانظمة، لاتخاذ قرارات «تُجرّم الفكر الوهابي وداعميه ومروجيه ومعتنقيه، واعتباره فكرا يخالف القيم الإنسانية وأهم مصدر للإرهاب الدولي العابر للقارات»، تبعا لما ورد فـي الصياغة المعتمدة من قبل المنظمين.
وفـي حين كانت لافتة للانتباه مشاركة شخصيتين معارضتين، سعودية وكويتية، فـي المداولات الدمشقية ودعمهما لكل ما تمخضت عنه من مواقف حازمة، حذر المجتمعون من مغبة المساس بأي عضو من الاعضاء الذين حضروا جلسات هذا التجمع، وأدلوا بدلوهم اعتراضاً على استهداف المقاومة.
وعلى وقع الملاحقة التي يتعرض لها فـي الكويت، أحد المشاركين، وهو الدكتور عبد الحميد دشتي، بفعل خياراته، نبه الحاضرون الى انه «إذا مسه هو أو غيره أي سوء لا سمح الله، فسيبنى على الشيء مقتضاه، وسيطلب من جميع الحاضرين التحرك، كلاً فـي ساحته، وبالتالي استخدام كل الوسائل الرسمية والأهلية المشروعة بغية التصدي لاي إجراء».
ولئن كانت القضية الفلسطينية قد أصبحت فـي أسفل سلم اهتمامات الانظمة الرسمية العربية المصنفة بالمعتدلة، بعدما تبعثرت الاولويات وانحرفت بوصلة الصراع عن وجهتها السليمة لتغدو إيران هي العدو بدل إسرائيل، وليصبح الشريك فـي الدين أو الوطن هو الخصم بدل المتطفلين على الإسلام.. مع ذلك، وبرغم ذلك، شدد الوافدون الى دمشق على أن فلسطين تبقى هي القضية المركزية، متمسكين بالمقاومة كخيار وحيد لتحريرها.
Leave a Reply