عام آخر من روزنامة حياة الجالية العربية في أميركا يسارع إلى الرحيل. ٢٠١٣ حملت في أيامها تناقضات كثيرة تراوحت بين النجاح المدوي وخيبات الأمل، وبين حزن شديد على أحباء فقدناهم وفرح على إنتصار إنتخابي واعد، وأخيراً، وليس آخراً، صمودنا الصلب داخل «صدى الوطن» بوجه «الهجمات العاتية».
وكجريدة عربية أميركية هي الأكبر في الولايات المتحدة، تنهي «صدى الوطن» مع نهاية هذا العام عقدها الثالث، وتدشن عقدها الرابع وهي شاهدة على نمو وتاريخ وإنجازات ومستقبل العرب الأميركيين وتقف في المقدمة دفاعاً عن قضاياهم وشؤونهم وشجونهم وأفراحهم وأتراحهم وتدوّن يومياتهم بحلوها ومرّها.
شهد هذا العام مشاركة سياسية فعالة للجالية العربية لاسيما في «عرينها» ديربورن حيث تمكنت المرشحة سوزان دباجة -بفضل الصوت العربي- من الفوز برئاسة المجلس البلدي في سابقة لم تشهدها المدينة، كما رسخ العرب الأميركيون وجودهم الإقتصادي المؤثر في منطقة ديترويت، التي تحولت الى محط أنظار العالم مع إعلان إفلاس مدينة ديترويت، التي يملك العرب الأميركيون فيها مئات المصالح التجارية الصغيرة التي تشكل العصب التجاري لسكان المدينة.
ولكن مع نمو الجالية المضطرد ونجاحاتها، ظهرت أيضاً بعض القضايا السلبية والمثيرة للجدل. «صدى الوطن» أضاءت وستستمر بتسليط الضوء على ما يعتور مسيرة الجالية من عيوب، من باب التزامها بتأدية مهمتها أمام قرائها كما تقتضي الرسالة الإعلامية الملتزمة. وإن إضاءة «صدى الوطن» على أي من سلبيات الجالية ليس حباً بالسبق الصحفي غير المتوازن ولا بالشهرة على حساب مجتمعنا، بل من أجل دفع المسؤولين الى تولي مسؤولياتهم سيما في المواضيع الشائكة التي تؤذي تاريخ جاليتنا ومستقبلها. وفي السنة الجديدة، تتعهد «صدى الوطن» بأن تكون أكثر إقداماً في أداء دورها كسلطة رابعة، تستمد قوتها وعزمها من دعم القراء والتزامها بالمجتمع العربي الأميركي وقضاياه.
«صدى الوطن»، ليس لديها «أجندة خفية» أو ممولين سريين يفرضون عليها ما يخالف دورها كثمرة لمجتمع ولد قبل عقود لا ينفك عن التوسع والإزدهار، حتى في أحلك الأزمات.
«صدى الوطن» عندما تنشر خبراً عن شخص أو مؤسسة ما، إنما تؤدي دورها الإعلامي بكل مهنية، ولا تحركها سوى مهمة خدمة الحقيقة. وإذا كان أي حدث إخباري يستحق النشر، فسوف تنشره دون النظر الى هوية المتورطين.
ففي عام ٢٠١٣ المبارح لم تتوان «صدى الوطن» عن إبلاغ جاليتنا بالقضايا الساخنة والفضائح التي طالت بعض من هم يعتبرون أصدقاء لنا، ونريد أن نطمئن قراءنا في كل مكان بأن واجباتنا المهنية ستظل تستبق علاقاتنا الشخصية أو إنتماءاتنا السياسية أو أي حسابات أخرى.
إن سيل المعلومات الذي يصل إلى أعتاب صفحاتنا ليس طريقاً باتجاه واحد فقط. فأبوابنا مفتوحة، فعلاً لا قولاً، لأي فرد يريد أن يدخل ويشارك بآرائه. هواتفنا لا تتوقف عن الإستجابة للمتصلين من الجالية الكريمة الذين يريدون أن يخبرونا عن شجونهم واهتماماتهم.
صحافيونا يجمعون الملاحظات والمعلومات ليكتبوا تقاريرهم ومقالاتهم المستقاة من هموم القراء فقط، وصفحات الرأي في الصحيفة مفتوحة لأي شخص يريد نشر رأي معاكس. كما أننا نشجع ونحث أبناء جاليتنا في المواظبة على «صنع التاريخ»، وتزويدنا بالأحداث الإيجابية من أجل إيصالها إلى قرائنا في عموم المجتمع الأميركي عبر القسم الإنكليزي.
وهنا لا بد من الإشارة الى أن كتّاب الصحيفة يسعون إلى الإتصال بكافة الأفراد المعنيين في كل قضية، ولكن عندما يحين موعد صدور العدد نضمّن في تقاريرنا ما كان متاحاً من مصادر، وإذا إرتأى البعض عدم التجاوب مع إتصالات الصحيفة فإن هذا سيرتد عليهم لأن التقرير سيفتقد وجهة نظرهم التي قد تكون في غاية الأهمية بالنسبة لقرائنا.
في عام ،٢٠١٣، تناولنا قضايا حساسة جداً وكسرنا حاجز الصمت عن قضايا مكتومة (تابو) من قضية المثليين جنسياً في جاليتنا وصولا الى معاناة النساء المسلمات «المعلقات» من دون طلاق ديني، وصولا الى الإضاءة على الفساد داخل بعض المؤسسات.
ولن تدخر الصحيفة وسعاً في إبراز الأحداث والمواضيع الحساسة التي قد يعتبرها البعض من المحرمات، بل لديها الجرأة على التطرق إلى أعقد القضايا ولن تتعامى عنها وتدعي عدم وجودها تحت حجج وذرائع واهية. ففي وطن حرية التعبير المكفولة دستورياً لن نقوم بإجراء رقابة على أنفسنا من أجل تجنب إخبار الناس ما لا يريدون سماعه.
«صدى الوطن» ستستمر في الدفاع عن قضايانا المشتركة وتكتب سجل نجاحات أبنائنا وبناتنا وأجيالنا. كما أنها مستمرة في ترويج ونشر الحوار وقبول الآخر ومحاربة التعصب والتمييز أينما وجد وبأي شكل كان.
ولم يخل العام المغادر من ملامح الألم والحزن بالنسبة لأسرة «صدى الوطن» التي فقدت عضواً مؤسساً وعماداً أساسياً بوفاة ماريانا كاي سبلاني التي استسلمت للقدر بعد صراع مرير مع مرض السرطان فخسرت الصحيفة واحدة من أهم كتابها ومحرريها ومديريها كما خسرت الجالية مناضلة أميركية طليعية شديدة البأس في الدفاع عن العرب وقضاياهم.
ومن إتشاح السواد ظهر بياض الأيام، بمساهمة من أعزاء مثل كاي سبلاني، فقد اختير ناشر الصحيفة الزميل أسامة السبلاني لدخول «قاعة مشاهير الصحافة في ميشيغن» في ٢١ نيسان (أبريل)، كأول إعلامي عربي أميركي يحظى بهذا الشرف الى جانب رائدة الإعلام الأميركي، العربية الأصل، هيلين توماس. وفي الشهر الماضي أيضاً، أعلن متحف «نيوزيوم» عن إعتزامه تخصيص قسم خاص لـ«صدى الوطن» ضمن معرض يقيمه بالتعاون مع متاحف «سميثسونيان» الوطنية، حول جذور وأصول ونفوذ الإعلام العرقي في أميركا.
كذلك قامت «صدى الوطن»، بمشاركة كبريات الصحف العرقية والأقلوية في منطقة ديترويت، بتأليف مؤسسة «نيو ميشيغن ميديا» التي مهمتها تعزيز التواصل والتعاون بين الجاليات العرقية وإبراز دورها الإقتصادي في جنوب شرق ميشيغن.
وأخيراً، ونحن نودع العام ٢٠١٣ نريد أن نشكر أولاً قراءنا الأعزاء الذين منحونا سبب الإستمرار عبر ثلاثة عقود متواصلة، كما نشكر المعلنين الكرام الذين سمحوا لنا بتوزيع الجريدة وتطويرها بشكل دائم، وأملنا أن يرد قراؤنا الجميل بالمثل ويدعموا المعلنين. كذلك نتقدم بالتقدير لكافة العاملين الحاليين والسابقين في الصحيفة، من محررين وكتاب وموظفين شكلوا القوة الدافعة لنجاح الصحيفة بسبب إخلاصهم لمهنتهم وتفانيهم في العمل.
إننا نتطلع إلى الأمام بعزم وثقة ونحن على أعتاب العام الجديد ٢٠١٤ ومطلع العقد الرابع لصحيفتنا وسنبقى دائماً معكم وإلى جنبكم، وكل عام وأنتم بخير.
ملاحظة: كما جرت العادة سنوياً تحتجب «صدى الوطن» عن الصدور بمناسبة عيد رأس السنة، وتعود الى دورتها الأسبوعية في ١١ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤.
Leave a Reply