بقلم خليل اسماعيل رمّال
عندما أعلن السيِّد حسن نصرالله أنَّ إسرائيل هي أوهن من بيت العنكبوت لم يدرك كلامه إلا الله والراسخون في علم المقاومة والصواريخ المباركة التي نقلتنا، نحن الجيل الذي وُلِدَ وترعرع في زمن الخيبة العربية، من عصرٍ إلى آخر. فبعد أكثر من ١٨ يوماً (حتى كتابة هذه السطور) على العدوان الصهيوني الوحشي في القطاع، تقطَّعَتْ أوصال الكيان الغاصب العسكرية والبشرية والاقتصادية والمادية والمعنوية وحتى الاستراتيجية بعد أنْ تمكَّنَتْ «العين» الفلسطينية من الصمود والنصر في وجه «المخرز» الاسرائيلي الذي فقد صوابه من صلابة وقوة المقاومة وتكبيدها له خسائر جسيمة، المُعلن عنها حتى الآن ٣٢ جندياً إسرائيلياً من ضمنهم قائد قوات النخبة فيها غسان عليان ممَّا حوَّل «الجيش الرابع في العالم والذي لا يُقهر» إلى جيشٍ كرتوني مُرِّغَتْ كرامته بالوحل من قبل المقاومين في لبنان وفلسطين. وكما حصل في مثل هذا الشهر من عام ٢٠٠٦ في جنوب لبنان، إنتصر الدم على السيف وحاصر الضحية الجلاد. ولحسن حظ المقاومة الفلسطينية لن يأتِ منافق على شاكلة وليد جنبلاط لكي يتساءل كما فعل أمام المقاومة اللبنانية، لمن ستهدي نصرها؟!
ويبدو أنَّ تموز (يوليو) أصبح شهر شؤم وهزيمة لإسرائيل لدرجة انه يكاد يمحي عار شهر حزيران (يونيو) الذي كان شهر هزائم العرب، بعد أنْ وُلدت المقاومة العظيمة في لبنان وعزَّزت المقاومة الفلسطينية والآمال بالنصر والشرف والكرامة وهو أيضاً شهر ذكرى ثورة يوليو في مصر جمال عبد الناصر العظيم الذي وضع إرهاصات المقاومة والممانعة ضد العدو التاريخي وتوابعه اليوم من المشيخات والمهالك السلالية في الخليج والذي كان سيُسر ويفرح بما آلتْ اليه المقاومة في لبنان وفلسطين من قوةٍ ومنعة تقارع أشرس عدو عرفه الكون. وبمناسبة الحديث عن الكبير عبد الناصر الرجاء أن لا يقرن أحد اسمه باسم عبد الفتاح السيسي بعد اليوم بعد أنْ كشَفَتْ خلفية الأحداث أنَّ العدوان على غزَّة تم بتخطيطٍ من نظامه ومن الإمارات والسعودية التي موَّلَتْ العدوان الاسرائيلي على القطاع من أجل نزع سلاح المقاومة الفلسطينية وذلك من خلال «المبادرة المصرية» التي يصر السيسي على القبول بها. وقد كُتب على المقاومة الفلسطينية، كشقيقتها اللبنانية في عدوان تموز، أنْ تحارب، للأسف، على عدة جبهات بالإضافة إلى جبهة الحرب مع الصهاينة. آخر معاركها هي المبادرة السيسية التي عليها إسقاطها مثل إسقاط أجرام العدو لأنها تبيَّن أنها من أهداف العدوان. لذا، بعد تجربته الأولى في الحكم وطريقة معالجته الكارثية للعدوان الصهيوني على غزة: سيسي نو، مرسي نو، عبد الناصر يس. (وعلى الهامش، يبقى الكلام البليغ: شاط يور ماوس أوباما).
ذلك أنه بعد المجازر الإسرائيلية الجبانة ضد المدارس والمستشفيات والمساجد والمنازل الآمنة بقصد إبادة الشعب الفلسطيني، وقع جون كيري بهفوة (يبدو أنها تمثيلية) تحت الهواء وهو يتهكَّم سراً على عملية إسرائيل «الدقيقة» التي لم تحصد إلاَّ المدنيين الأبرياء ممَّا يخالف في القشور موقفه العلني مع رئيسه أوباما الذي لا يملك ركباً كافية للوقوف في وجه اللوبي الصهيوني حتى عندما قام نتنياهو بتوبيخ أوباما علناً في عقر دار أميركا مرتين وتدخل في الإنتخابات الرئاسية لصالح المرشح الجمهوري.
فمثل الرئيس الأسبق جيمي كارتر، وغيره من المسؤولين، لا يصحو ضمير الأميركيين إلاَّ عندما يخرجون من الحكم ويتحررون من الصوت والسوط الإسرائيلي وهذا عارٌ وعيبٌ على العرب الأميركيين أولاً قبل غيرهم. كيري، وإدارة أوباما ووزرائه، يشاهدون المجازر الإسرائيلية يومياً لكنهم جبناء عن قول الحقيقة في العلن وهذا ما يثبته كيري ورئيسه عندما يصران على الهواء على حق اسرائيل الإرهابيَّة في الدفاع عن نفسها من دون الالتفات إلى دماء أطفال غزَّة!
مرةً جديدة تثبت أميركا أنَّ لا فرق بين جمهوري أو ديمقراطي أو حتى أسود أو أبيض، فكلهم في الخنوع أمام السيد الاسرائيلي المجرم مِلَّة واحدة. شاط يور ماوس كيري ذا كاوارد.
ولعل أكثر المفارقات العجيبة من العدوان الإسرائيلي موجودة (ليس إلا) في «شبه الوطن»!
فقد خطر لأحد الأصدقاء الفيسبوكيين سؤال: الشعب الفلسطيني في غزَّة بحاجة الى مساعدات إنسانية من بطانيات وحليب للأطفال وحفاضات ومال، فأين عقاب سقر؟ أم أن اختصاصه هو ومعلِّمه سوريا فقط؟!
كذلك لم نسمع من راعي العملاء والمجرمين اللحديين كلمة واحدة عن أطفال غزَّة وعن الأرض المحتلَّة التي زارها مطبِّعاً مع العدو ومبرِّئاً لساحة السفَّاحين ومطبِّلاً بتأييده للقضية الفلسطينية فقط للاستهلاك لأنَّ بيانات البطركيَّة لم تتطرق إلى قضية فلسطين إلاَّ لماماً. بل أنَّ الراعي، في عيد القديس شربل بحضور السيِّء الذكر أبو خشب العائد من سياحته الباريسية، ندب حظ لبنان لعدم بقاء ميشال الجوَّال في قصر بعبدا المائل «حفاظاً على الكرامة الوطنية»! أي كرامة وطنية هذه باستعداء وإهانة أهالي الشهداء والمحرَّرين من السجون الإسرائيلية وعدم الوقوف مع أبناء الشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين الذين يُذبحون؟! تبَّاً لرئاسة تكون على شاكلة صاحبه ناكر الجميل وظفر شهيد سقط على طريق المقاومة أينما كانت تساوي كل موقع الرئاسة وما بعد بعدها. والأنكى أنَّ الراعي رغم كل ما يحدث في فلسطين يريد أنْ يتحاور مع «داعش» فقط من أجل مسيحيي الموصل.
لا تعليق ماعدا القول بوركت أيدي المقاومة العظيمة في لبنان والتي بدأت عصر الإنتصارات ووأدَتْ زمن الهزائم ومهَّدت لمقاومة باسلة عظيمة في فلسطين رغم الزمن العربي الرديء. وبارك اللّه بسوريا الأسد التي احتضنت المقاومة وظلَّتْ باقية على العهد رغم كل التهديدات والإغراءات. وحما الله الجمهورية الإسلامية في إيران السند والعضد الأكبر، ونجَّا الله العراق من غُمَّة أخطر هجمة وهابية تكفيرية جاهلية متصهينة.
بعد المقاومة الأسطورية في غزَّة والتي هي بفضل ونتاج من ذكرنا، على المقاومة في شقفة الوطن تجاوز الخطوط الحمراء وان لا تساير بعد اليوم أي من الحاقدين المجرمين في الداخل الذين يهدسون بتجريدها من سلاحها ليل نهار، مهما علا كعبه فإذا فتح فمه يجب أنْ تنزل عليه الكعاب! لأنَّ المقاومة شرف وعزة والحل الوحيد للنصر ولا وجود للبنان من دون مقاومته ومن الآن فصاعداً تبَّاً للوفاق الكاذب ومجلس النوائب والنظام السائب وشغور موقع الرئاسة الخائب، طالما بقي علم المقاومة الثاقب!
Leave a Reply