ديربورن – خاص «صدى الوطن»«فتنة» عنوان لفيلم هولندي أنتجه زعيم حزب يميني متطرف في برلمان بلاده، يدعى غيرت وايلدرز، إتخذ من معاداته للإسلام طريقا للقفز إلى أعلى سلطة تشريعية، في بلد أوروبي يعيش فيه مليون مسلم، يرى كثير من الهولنديين فيهم رأس حربة لأسلمة المجتمعات الأوروبية.الفيلم تسجيلي مدته 17 دقيقة، حار منتجه في عرضه داخل هولندا، بعد أن رفضته الشاشات التلفزيونية هناك، فاتجه لعرضه عبر شبكة الإنترنت في واحدة من الشبكات الأميركية، وقد جاءت ردود الفعل الرسمية في أمستردام مناهضة للفيلم وتوجهاته المعادية للإسلام والمسلمين، حيث وقف رئيس الحكومة الهولندية معترضا ومناوئا على هذا النوع من الأفلام، على عكس ما اعتبرته الحكومة الدنماركية من حرية في التعبير، حين نشرت فيها رسومات تهزأ من النبي محمد صلى الله علي وسلم. ولعل موقف رئيس الحكومة الهولندية المتزن جاء في أعقاب سلسلة من ردود الفعل الساخطة على ما جاء في فيلم «فتنة»، تجلّت في تسجيل كل من إيران، وباكستان لإعتراضهما على إنتاج أو عرض فيلم مسيء كهذا لأكثر من مليار مسلم، أعقب ذلك تهديد من المقاومة الأفغانية باستهداف جنود هولنديين يعملون ضمن القوات متعددة الجنسيات في مدن أفغانية، في حين توعدت شركات هولندية تصدر منتجاتها للعالم الإسلامي، بمطالبة منتج الفيلم بتعويضات، في حال عرض الفيلم ونالها مقاطعة تجارية من تلك الدول.الفيلم يعتبر القرآن الكريم بمثابة محرّض على تنفيذ أعمال إرهابية، وهو يسوق آيات بذاتها تحمل هذا المعنى بل وتحمل مصطلح «الإرهاب» بعينه ومنها «وأعدوا لهم ما استطعتم من عدة، ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم، وآخرين من دونهم ..»، هذا إضافة إلى آيات كريمة تكرم الشهادة والشهداء، حين يموتون دفاعا عن أرضهم وشرفهم وعقيدتهم، وكأنما يطالب هذا الفيلم بإعادة تنقيح القرآن وشطب آيات منه تحض على العنف والكراهية، وهؤلاء بالطبع يغفلون الآية الكريمة «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون».أما وقد جاء الفيلم على آيات تكرّس في نظرهم العنف والكراهية والإرهاب، فإنه غفل أيضا عن آيات تدعو إلى السلم حين يجنح الآخرون له، «فإن جنحوا للسلم فاجنح لها..»، ما يفيد بعظمة العقيدة الإسلامية، كيف أنها اتخذت موقفا متوازنا بين إعلان الجهاد كحرب دفاعية وبين الجنوح للسلم حين يكون الآخرون متجهين له، وآية أخرى وردت في القرآن الكريم تجيز للآخرين إعتناق ما يرغبونه من مذاهب وأديان «قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا انتم عابدون ما اعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لكم دينكم ولي ديني».لست فقيها ولا رجل دين، حتى أدعي أني قادر على سرد آيات قرآنية أو أحاديث نبوية، تناهض أفكارا مشوهة حملها فيلم «فتنة» ولكنها دعوة إلى رجال الدين المسلمين، للتصدي إلى كل من تسوّل له نفسه بمهاجمة ديننا الحنيف، بأسلوب يتسم بالمنطق والرشاقة والعقلانية، فذلك ادعى من التهديد بمقاطعة تجارية أو إستهداف جنود أو مظاهرات وتخريب منشآت، فمثلما أن حفنة من المسلمين ضالة نفذت أحداث 11 سبتمبر وغيرها من أعمال القتل والتدمير في بلاد أوروبية وإسلامية، مدعية أنها تمثل الإسلام، والإسلام براء منها، كذلك يكون وايلدرز وأمثاله من المتهجمين على الإسلام والمسلمين، لا يجب أن نعتبرهم يمثلون الشعوب الأميركية والأوروبية والحضارة الغربية.
Leave a Reply