بدأت «وكالة الفضاء الأميركية» (ناسا)، الأسبوع الماضي، مجهوداً طموحاً لمعرفة ما إذا كان القطب الشمالي من كوكب المريخ آوى في أحد الأيام حياة جرثومية، بعدما هبط المسبار «فينكس» قرب هذه المنطقة وباشر إرسال صور إلى الأرض. فبعد رحلة استغرقت تسعة أشهر منذ إقلاعه من الأرض، أعلن باري غولدستين مدير مشروع «فينكس» في مركز مراقبة المهمة في مختبر الدفع النفّاث في باسادينا بولاية كاليفورنيا، أن المركبة هبطت في منطقة مسطحة وخالية نسبياً من الصخور.
وقال مسؤولون إن رسائل لاسلكية تم تلقيها أكدت نجاح عملية الهبوط الدقيقة وملامسة المسبار أرض المريخ.
وقال مايكل غريفين رئيس «الإدارة الوطنية للطيران والفضاء» في بيان «للمرة الأولى خلال 32 عاماً، وللمرة الثالثة فقط في التاريخ، أنجز فريق مختبر «جيت بروبالجن» هبوطاً هادئاً على المريخ»، مضيفاً «شعرت بسرور عارم لوجودي هنا شاهداً على هذا الإنجاز الاستثنائي».
ونشر المسبار مظلة ثم استخدم صواريخ الدفع المضاد لإبطاء هبوطه الذي استغرق سبع دقائق سادها توتر شديد، بعدما كانت سرعة تقدمه تبلغ 20400 كلم في الساعة، فحط بسلاسة على قوائمه الثلاث.
وعند ملامسة أرض المريخ، نشر «فينكس» ألواحه الشمسية التي تُعدّ أساسية لتوليد الطاقة خلال مهمته.
وسيعمل المسبار في منطقة السهل القطبي الشمالي من المريخ المعروفة بـ«فاستيتاس بورياليس»، والشبيهة بمنطقة شمال كندا على الأرض، حيث سيستخدم معداته الشديدة التطور على مدى ثلاثة أشهر لاستكشاف التربة الجليدية، بحثاً عن إشارات إلى وجود ماء أو معادن، ورصد مركبات الكربون والهيدروجين بشكل خاص، وهي العناصر الضرورية للحياة.
ويعتقد العلماء استناداً إلى تعاقب الفصول في المنطقة القطبية من كوكب المريخ كما على الأرض، أن القطب الشمالي من المريخ قد يكون ساده في الحقبات الجيولوجية الماضية طقس دافئ مؤات للحياة.
وقال العالم المشرف على المهمة بيتر سميث من جامعة أريزونا قبل هبوط فينكس «إن مهمتنا برمتها تقوم على الحفر»، موضحاً أن «المنطقة القطبية من كوكب ما تتأثر فعلاً بتغيير الطقس، كما أنها تحتفظ بآثار الحياة».
وأضاف «نعتقد أن المواد العضوية لا بد أنها وجدت مرة على الأقل» في الماضي على المريخ. وأوضح سميث أن وجود ماء سائل ومواد عضوية سيشير إلى «منطقة قابلة للسكن». وأبدى الفريق مخاوف حيال المخاطر العالية التي يتضمنها المشروع، حيث فشلت 50 بالمئة من البعثات إلى المريخ حتى الآن في تخطي عملية الهبوط بسلامة منذ أن أطلق الاتحاد السوفياتي أولى هذه الرحلات عام 1960.
وأظهرت الصور الأولى مشهداً من المريخ وأجزاءً من المسبار.
والمسبار مجهز بذراع آلية بطول 2,35 م قادرة على الحفر حتى عمق متر في الأرض بحثاً عن عيّنات من التربة والجليد تلتقطها وتنقلها إلى تجهيزات في المسبار، لإخضاعها لتحليل كيميائي وجيولوجي مفصل.
والمسبار يتضمن أيضاً كاميرا ثنائية تلقبها ناسا بـ«عيني فينكس»، مثبتة على ارتفاع مترين، تنتج صوراً بانورامية عالية الوضوح للمشاهد المحيطة بالمسبار.
Leave a Reply