سامر حجازي – «صدى الوطن»
شعار «المستقبل» الذي ترفعه «كلية هنري فورد» بـ«نسختها الجديدة»، لا يبدو بعيداً جداً عن الواقع، حيث يستعد حرم الكلية في ديربورن الى تغييرات استراتيجية في الفترة القادمة بقيادة رئيس الكلية ستان جنسن الذي نجح خلال ثلاث سنوات من توليه منصبه، من إجراء تحولات ملموسة في مسار الكلية التي كانت تعاني من العجز المالي والتراجع الواضح في مستواها الأكاديمي.
جنسن تحدث لـ«صدى الوطن» بإسهاب حول التعديلات الجذرية التي شهدتها الكلية في عهده، مؤكداً أن ما تحقق حتى الآن من إنجازات لا يعد سوى بداية الطريق لمستقبل أكثر إشراقاً لـ«هنري فورد» وطلابها.
فابتداء من فصل الخريف المقبل، ستبدأ الكلية باعتماد «خطة استرايجية» جديدة أقرها مجلس ديربورن التربوي، وتهدف الى الحرص على ألا يقضي الطلاب أكثر من عامين في الدراسة دون الحصول على أية شهادة علمية خلال هذه الفترة.
أفاد جنسن أن الكلية ستركز على نجاح الطلاب بوضعهم على سكة المستقبل والحصول على الشهادة في الوقت المحدد.
وقال «نريد من الطلاب الجدد ان يضعوا نصب أعينهم هدف الحصول على الشهادة. انها مأساة حقيقية فيما لو استمر الطلاب في الدراسة لمدة سنة أو سنتين من دون الحصول على أي نوع من الشهادات العلمية». وأضاف «نريد أن يبقى الطلاب على مسار موجّه، فمن المهم أن يتخرجوا بشهادة الكلية وأن يحصلوا أيضاً على شهادات أخرى خلال دراستهم».
ومثال على ذلك، بدأت الكلية -في العام الماضي- توفير شهادات جامعية (أربع سنوات) في فنون الطهي يمكن معها الحصول على شهادات ثانوية مثل الخَبز.
الأهم بالنسبة لجنسن هو أن يدخل الطالب الخريج سوق العمل مزوداً بشهادات تفتح له أبواب الوظائف. ويشير الى أن الكلية أجرت أبحاثاً حول الوظائف الأكثر نمواً في منطقة مترو ديترويت وتوصلت الى أن قطاع الضيافة (الفندقية) هو أحد أكثر القطاعات ازدهاراً حيث تتطلع الفنادق والكازينوهات إلى توظيف أعداد متزايدة من الموظفين المؤهلين.
ويضيف جنسن أن حصول الطلاب على شهادات مؤهلة للعمل في هذا القطاع سيكون أمراً بغاية الأهمية بالنسبة لهم، حيث بإمكانهم في «كلية هنري فورد» الحصول على شهادات مطلوبة في هذا المجال ومجالات أخرى متنوعة.
إنجازات تحققت
عندما عُيّن جنسن رئيساً للكلية في عام 2013، كانت «هنري فورد» واقعة تحت وطأة أزمة مالية خانقة وكانت معنويات الموظفين في الحضيض. ولكن، على حد قول جنسن، تمكنت الكلية من العثور على طريق النجاح مرة أخرى مع إنفاق حوالي ٢٥ مليون دولار لإعادة تشكيل صورة الكلية التي تأسست في العام 1938.
فبالإضافة الى تحقيق فائض مالي بقيمة عشرة ملايين دولار، نجحت الكلية بالحصول على منحة فدرالية من وزارة العمل الأميركية بقيمة ١٥ مليون دولار، كما حصلت على منحة من حكومة ميشيغن بقيمة ٤.٥ مليون دولار لتحديث المعدات التعليمية في جميع الفصول الدراسية.
وأشار جنسن الى أن الكلية كانت أيضاً قادرة على رفع رواتب المعلمين الثابتين بنسبة 10 بالمئة في العامين الماضيين، لافتاً الى أن النقابات أكدت له على أن معنويات المعلمين ارتفعت وبأن وظائفهم باتت أفضل وأكثر أمناً.
وأضاف بأن المعلمين بدوام كامل يحصلون على «تعويض مناسب» و«نحن نقدر الكادر التعليمي جداً. ونشكر جهود النقابة التي أسهمت في جعل هذا الإنجاز حقيقة».
أما أبرز ما تحقق في عهد جنسن، هو استعادة كمية كبيرة من القروض الطلابية التي استحوذ عليها طلاب لم يكملوا صفوفهم التعليمية وتحولت الى ديون تثقل كاهل الكلية التي بات يتوجب عليها سدادها للحكومة الفدرالية.
وقبل ثلاث سنوات فقط، بلغت تلك الديون 11.8 مليون دولار في حين أنها انخفضت اليوم الى حوالي 2.4 مليون دولار فقط. وما كان هذا الإنجاز ليتحقق، بحسب جنسن، لولا سلسلة من الإجراءات التي تضمنت تخفيض الأعباء المالية على الطلاب، إما عبر تعريفهم على فرص الحصول على منح دراسية أو القروض المزدوجة أو عبر برامج التقسيط الخاصة التي أصبحت متاحة بعد تعافي الكلية مالياً.
حرم متجدد
في عهد جنسن أيضاً شهد حرم الكلية في ديربورن عملية تجديد وتطوير شاملة، الى جانب تغيير شعار واسم كلية «هنري فورد كولدج» بإزالة كلمة «كوميونتي» منه.
وقد عانت مباني وحدائق الكلية طويلاً من الإهمال خلال السنوات العجاف التي مرت بها الكلية من ترهل البنى التحتية ومواقف السيارات المزدحمة المليئة بالحفر. أما اليوم فيمكن للطلاب التمتع بالعديد من المشاهد الخلابة وهم يمشون من مبنى الى آخر.
«علامتنا التجارية هي «نحو المستقبل» وقد أردنا ان نطبق هذا الشعار» لخص جنسن كلامه، واستطرد «لقد قمنا بإصلاح جميع الأسطح والأرصفة ومواقف السيارات وكل شيء آخر حتى الشجيرات والزهور والمروج تبدو أفضل. ويمكن للطلاب التمتع حقاً بالمشي وسط هذه المسارات. فالكلية اليوم أفضل بكثير، وهي مكان أخاذ لأي شخص يأتي إلينا».
الكلية والمجتمع المحلي: برامج وشراكات
وصرح جنسن «أن كلية هنري فورد مستمرة في التركيز على جذب مجموعة متنوعة من الطلاب والمعلمين لتحقيق تمثيل دقيق لسكان منطقة ديترويت».
وأشار إلى أن ما يقرب من 35 بالمئة من طلاب الكلية هم من سكان ديربورن، التي تضم جالية عربية كبيرة. ولهذا نما برنامج تعليم اللغة الإنكليزية كلغة ثانية (ESL) بثلاثة أضعاف خلال عامين فقط.
وتتشارك الكلية أيضاً مع مدارس ديربورن العامة من خلال برنامج «الكلية المبكرة»، الذي يتيح لطلاب المرحلة الثانوية تحصيل صفوف الكلية خلال دراستهم في مدارسهم.
وأردف جنسن بأن الكثير من الآباء والطلاب يفضلون سلوك هذا الطريق لأنه يؤدي إلى خفض التكاليف وتوفير الوقت. «إنها صفقة كبيرة» لخفض التكاليف التي تشكل مصدر قلق كبير للأهالي والطلاب. وسنويا، تقدم الكلية ٢٨٠ منحة دراسية للطلاب المحليين. كما تتشارك مع منظمات محلية مثل «النادي اللبناني الأميركي» ومركز «أكسس» لتقديم منح بحوالي 250 ألف دولار سنوياً.
ولفت جنسن الى أن الكلية شهدت عدة مبادرات لمساعدة الطلاب محدودي الدخل عبر توفير وجبات غذائية مجانية في حجرة «عشّ الصقور» (هوكس نيست) التي تقدم الوجبات غير الساخنة.
كما أضافت الكلية برنامج لتوجيه الطلاب نحو النجاح The Inside Track، وهو برنامج خاص يهدف إلى إعطاء الطلاب الجدد فرصة لتحسين علاماتهم والاستفادة بشكل افضل من المساعدات الفدرالية وبرامج المنح الدراسية.
كما يهدف برنامج «وينغز» (WINGS) الجديد في الكلية الى مساعدة الطالبات بالتخصص في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والأعمال التجارية.
«نحن ملتزمون جداً بهذا المجتمع ونحن نقدر كل مواطن هنا وكل طالب» أعلن جنسن ومضى الى القول «السبب الوحيد الذي نحن موجودون هنا من أجل هو لخدمة طلابنا ومجتمعنا ونحن نواصل التصويب الصحيح. والتركيز على كل ما يساعد طلابنا ليحققوا نجاحاً أكبر وهذا هو هدفنا في نهاية المطاف».
وتسعى الكلية أيضاً إلى زيادة جهودها التعاونية مع «جامعة ميشيغن» المجاورة لها في ديربورن. وقد تعاونت المؤسستان بالفعل في برامج الأمن وآليات قبول الطلاب بينهما.
ويسعى جنسن أيضاً للاستمرار في العلاقة الحيوية مع الشركات الكبرى مثل «جنرال موتورز» و«فورد» من أجل توفير فرص التدريب والتوظيف لطلاب علوم الهندسة في الكلية.
توقيع
جنسن يوقع على رسائل البريد الإلكتروني بقول «مقبلون على انجازات عظيمة في المستقبل»- مختطاً بذلك شعاراً مفعماً بالتفاؤل نحو الكلية. وخلص جنسن الى القول «أنا أؤمن بذلك ونحن نتحسن على نحو مضطرد وقادرون على خدمة الطلبة بشكل أفضل. الحياة ليست سهلة في بعض الأحيان وكل شخص تعترضه العقبات التي يجب ان يتخطاها. وأعتقد أنه من المهم أن نغمر طلابنا بالعطف ومتابعة امورهم ونقدم لهم الاحترام اللازم. نريد من كل يوم ان يكون يوماً جديداً في كلية هنري فورد. إنه مكان رائع لينطلق المرء مرة أخرى، بغض النظر عن وضعه الأكاديمي».
Leave a Reply