علي حرب
قبل تسعة عشر عاماً، قصف الجيش الإسرائيلي مجمعاً تابعاً للأمم المتحدة كان يؤوي المدنيين من مدينة قانا فـي جنوب لبنان، مما أسفر عن استشهاد ١٠٦ أشخاص، من بينهم طفلان من ولاية ميشيغن. وبعد حوالي عقدين من الزمن، لم تتمكن السنون من محو ذكرى الضحايا الأبرياء الذين قتلتهم إسرائيل بدمٍ بارد رغم معرفتها بأن المقر تابع للأمم المتحدة وبداخله مدنيون لاجئون من لهيب الحرب، حسب تقرير صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة انذاك بطرس بطرس غالي.
حيدر بيطار والد عبد المحسن وهادي بيطار اللذين استشهدا في مجزرة قانا الأولى ١٨ نيسان ١٩٩٦ يلقي كلمته |
وقد احتشد أكثر من ٢٠٠ شخص فـي المركز الإسلامي فـي أميركا يوم الأحد ١٨ نيسان (أبريل) لإحياء ذكرى المجزرتين.
وهذه الذكرى، التي ينظمها سنوياً كونغرس المؤسسات والمنظمات العربية الأميركية و«لجنة قانا الجليل»، وجهت تحية الى هادي وعبدالمحسن بيطار، وهما الطفلان اللذان ولدا فـي ميشيغن واستشهدا فـي مجزرة العام ١٩٩٦ أثناء زيارة لجدتهما فـي لبنان. قانا، التي استُهدفت أيضاً بمجزرة ثانية بعد ١٠ سنوات من المجزرة الأولى، خلال العدوان الاسرائيلي على لبنان فـي ٣٠ تموز (يوليو) ٢٠٠٦، أصبحت رمزاً للنضال والصمود فـي وجه إسرائيل.
وحصلت المذبحة عام ١٩٩٦تحت المراقبة الدولية حسب إفادة منظمات حقوق المدنية التي اتهمت اسرائيل باستهداف المجمع الاممي عن سابق تصور وتصميم.
وكشفت تحقيقات منظمة العفو الدولية حول مجزرة قانا الاولى أن الجيش الإسرائيلي «تعمد مهاجمة مجمع الأمم المتحدة، على الرغم من أن الدوافع للقيام بذلك تظل غير واضحة». وخلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة أن القصف كان «من المرجح خطأ فني أو إجرائي». ووصفت «هيومن رايتس ووتش» المجزرة بأنها «انتهاك لمبدأ رئيس من مبادئ القانون الإنساني الدولي».
الناشط محمد حمود، عريف الحفل، ألقى قصيدة حول قانا فـي بداية الحفل الخطابي. ثم ألقى الزميل أسامة السبلاني، ناشر «صدى الوطن»، كلمةً رئيسة تحدث فـيها عن الأهمية الفائقة للتذكير بضحايا مجزرة قانا. وقال «من المهم أن نتذكر المجزرة ونعرف من ارتكبها ومن هم ضحاياها، والاهم ان نعرف كيف ان نعتمد على انفسنا لمنع تكرارها وقتل المزيد من شعبنا، لأنه إذا سقطت من ذاكرتنا فلن يرحمنا التاريخ من تكرارها».
وأرسل السبلاني تحية عاطفـية للأخوين بيطار اللذين كانا يحتميان فـي مبنى يحمل شعار الأمم المتحدة الواضح، والذي كان من المفترض أن يتم استبعاده من الهجمات. وأردف «ولكن وجدنا أن لا الأمم المتحدة ولا الدول الأخرى ولا أحد غيرنا يستطيع او يريد حمايتنا، فكان علينا ان نعتمد على انفسنا لنحمي شعبنا ونحرر ارضنا فالإسرائيليون رموا المئات من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فـي سلة المهملات».
وأشاد بالمقاومة باعتبارها الحامية الوحيدة للمدنيين اللبنانيين مذكِّراً بأن «الإسرائيليين لا يجرؤون على عبور الحدود والتقدم شبراً واحداً فـي بلادكم، لأن أناساً شجعاناً من شعبكم كانوا لهم بالمرصاد وعلى استعداد للقيام بالتضحية الكبرى، فعلَّموهم درساً بأننا لا يمكن أن ننسى شهداءنا واسرانا ولا ننسى أبداً من هو العدو والمعتدي». وشدد السبلاني على أهمية الوحدة لحماية الجالية من التحديات الخطيرة التي تواجهها. وأوضح «أنَّ المقاومة هزمت إسرائيل فـي حرب عام ٢٠٠٦ عندما ارتكبت مجزرة قانا الثانية لذلك فإنَّ أعداء العالم العربي يعتمدون استراتيجية فرق تسد من أجل فرض هيمنتهم».
وأضاف ان «الطريقة الوحيدة التي يمكنهم هزيمتنا فـيها هي من خلال تقسيمنا. وهم لسوء الحظ عادوا إلى كتبهم وفتشوا عن وسيلة للقيام بذلك فوجدوها، وهي المذهبية».
وحذر من مخاطر السماح للمذهبية المتفشية فـي العالم العربي ان تصل الى مفاصل مجتمعاتنا هنا وتشرذم جاليتنا الصاعدة. وأردف «ساعد الله الناس فـي الشرق الأوسط، ولكن هنا فـي هذا البلد، يمكننا تحديد مصيرنا، ونحن يمكن أن نكون متحدين، وعلينا أن نستخدم عقولنا. ونبتعد عن الغرائز التي تدفع بنا الى الهاوية، ونحن لن ننقسم بين سنة وشيعة، فهذا لن يساعدنا أبداً».
وحث ناشر «صدى الوطن» الحشد على تعليم الأطفال بأننا جالية واحدة وبأننا نهوي اذا كنَّا منقسمين ونفوز إذا توحدنا معاً لأن الانقسام المستشري فـي صفوفنا والذي وصل إلى حد الانقسامات الضيقة حتى فـي المسجد الواحد،، فـي إشارة الى الانقسام السائد فـي المركز الاسلامي.
وخلص إلى القول«علينا أن نجلس معاً ونبحث الى أين وصلنا وماذا علينا ان نفعل حيال ذلك. فعندما تم إطلاق النار على الطلاب العرب الشبان الثلاثة فـي شابل هيل، لم يسألوا عما اذا كانوا من الشيعة أو السنة، او إذا كانو من المعارضة او النظام او من اي بلد عربي اتوا بل قتلوا بدم بارد، على غرار عملية الإعدام». فـي الختام تحدث حيدر بيطار، والد الشقيقين الشهيدين فـي قانا، شاكراً الجمهور لحضور ذكرى المجزرتين.
Leave a Reply