قدمت فرقة «مسرح اليوم» المسرحية الشعبية «ماما عدها فيسبوك» وهي من تأليف وإخراج حسام زورو، على خشبة مسرح ثانوية ستيرلنغ هايتس. والمسرحية من تمثيل مجموعة من المسرحيين العراقيين المغتربين نذكر منهم باسم الامين، أكرم السبع، ناصر الحمداني، صوفيا المراني، حميد دلي، نازك الياس، ريتا عمانوئيل، سرمد خمورو، الين النشمي، حيدر السبع، مهند الهلالي، نظير وردا..
وقد عرف الفنان المغترب حسام زورو الذي أسس فرقة «مسرح اليوم» والتي قدمت أكثر من 16 عملاً مسرحياً، بعناده وإصراره الكبير لتحقيق وتجسيد، ومن «حسابه الخاص»، أفكاره وطروحاته الفنية على خشبة المسرح تأليفاً وإخراجاً وتمثيلاً،
فجاء النص المسرحي الموجَّه لجمهوره التقليدي الذي خبره زورو لأكثر من ثلاثين سنة في منفاه الإغترابي، عبر رسائل سلسة وبسيطة لكنها عميقة فيما تحمله من مضامين تنويرية ومعرفية واعطاها مساحة في هذا النص لتبدو أكثر بريقاً وإشعاعاً، في عالم يتطور ويتغير بسرعة من حيث التكنولوجيا وأسرارها، موظفاً موضوعة «الفيسبوك» وتأثيراته على عالمنا الحالي في ظل صومعة البحث عن الذات في الغربة وما تتيحه القوانين وحريتها في التعبير عن مكنونات النفس وخاصة لدى «المرأة» التي هي أكثر حرية وتصرفاً في الغرب.
والنص المسرحي الذي كتبه زورو قدم في ثلاثة فصول استمر عرضها لأكثر من ساعتين وحملت هجاءً لاذعاً لجمهوريات «الفيسبوك» إضافة الى مضامين الحب والحلم والتطلع للمستقبل. حيث جاء مشهد الشجار بين «الزوج والزوجة» ليلقي الضوء على تدهور العلاقة بينهما لانشغال الزوجة عن مهامها المنزلية والتربوية حيث يستغرق وقتَها «الفيسبوك» واهتمامها الزائد بمظهرها الخارجي والحفلات والرقص، وكذلك قدم العمل مشهد «الاولاد» وعدم إكتراثهم بالدراسة.
وقدمت المسرحية، من خلال شخصية «أبو نافع» المحورية التي أداها حسام زورو، خطابها الفكري الواضح. وعكس معظم شخصيات العمل، يعيش «أبو نافع» في عالمه المخملي وواقعه الإغترابي.
وهناك أيضاً شخصيات: المحامي طارق، الزوجة، والفراّش، التي تكشف عن الجهل المنتشر في واقعنا الإغترابي من خلال شخوص العرض المسرحي نتيجة للتغيرات المختلفة التي ألمت بالمجتمع، أو لنقل بجاليتنا العزيزة، التي فقدت بعض القيم نتيجة الإنغمار بظواهر وطقوس غريبة على عادات المجتمع العراقي والعربي عموماً، وبالتالي جاء العرض المسرحي يحمل هموماً قوية في الحياة اليومية لواقع الغربة من حيث وجود أزمة الهوية، وهنا نتذكر قول الناقد جورج لوكاتش «في كل فن جميل أبحث عن الإنسان» فنجد في النص المسرحي رؤى عميقة بالرغم من كتابته باللغة الدارجة، إذ يقف الكاتب على أرضية هذا التوتر الحاصل بين الشخصيات على خلفية «الصراع بين الجذور والقيم المحلية وقيم الواقع الغربي والخيوط التي تشد إلى الماضي».
وقد حرص زورو من خلال بناء منظومة إخراجية على تحقيق المشاهد المسرحية المتعددة وتجسيدها حسب طبيعة النص الذي كتبه لينسجه في رؤاه بأسلوب واقعي إهتم بالتفاصيل اليومية المعاشة ولم ينتبه الى تقوقعه داخل تفسير النص، الأمر الذي حال دون التحليق عالياً على صعيد إنتاج رؤية إخراجية عميقة التأويل، وظل الإيقاع الواقعي يتحكم في لغة العرض مما وضعه في خانة مستهلكة فاقدة لكثير من جوانب التفسير والإضافة، وأدخله في نقل الصورة بفوتوغرافيتها، من صورة مكتوبة إلى صورة مرئية، بما يتفق وأسلوب الواقعية، وبدت أجواء البساطة على الديكور والملابس والإضاءة وحركة الممثلين والمؤثرات الموسيقية لتقدم لنا صورة واضحة بنقل التفاصيل اليومية الى خشبة المسرح لتأكيد المغزى الذي أراده المؤلف والمخرج. ويبقى العرض المذكور خطوة إيجابية على صعيد تفعيل حركة المسرح الإغترابي في أميركا بوصف هذا العرض نتاج جهود ذاتية من قبل كادر العمل دون وجود جهات داعمة. العمل القادم لفرقة «مسرح اليوم» مسرحية «سيدتي الجميلة»، وهي أيضاً من تأليف وإخراج زورو.
Leave a Reply