لانسنغ – تحتفل «مفوضية الحقوق المدنية بميشيغن» هذا الاسبوع بالذكرى الخمسين لتأسيسها، متابعةً مسيرة طويلة بدأت في ستينات القرن الماضي لمكافحة انتهاك الحقوق والحريات المدنية للأفارقة الأميركيين وتواصل عملها اليوم مع قضايا العرب والمسلمين خاصة بعد أحداث ١١ أيلول الإرهابية التي حولت هذه الشريحة من سكان ميشيغن الى شريحة مستهدفة يتعرض أبناؤها لمختلف أنواع التمييز وانتهاكات الحقوق المدنية.
أنشئت المفوضية في الأول من كانون الثاني (يناير) 1963، لتكون الأولى المكرسة دستورياً في ميشيغن، وهي اليوم واحدة من 18 دائرة ممولة من قبل حكومة الولاية، وهدفها الأولي كان منع انتهاك الحقوق المدنية لسكان الولاية على أساس العرق أو الإثنية أو الدين.
وفي السبعينات توسعت مهام المفوضية بعد صدور قانون «إليوت لارسن» للحقوق المدنية (1976) الذي جعل من مهامها مكافحة التمييز على أسس الجنس أو العمر أو الإعاقة.
يرأس المفوضية حاليا دَانْيال كيركباوم الذي تم تعيينه في هذا المنصب من قبل الحاكمة السابقة للولاية، جنيفر غرانهولم، في تموز (يوليو) 2010. ويقول كيركباوم الذي عمل سابقاً في إدارة غرانهولم إن مسألة التمييز عبر الحدود الدولية مع كندا تعتبر من القضايا الشائكة.
كيركباوم |
فميشيغن، واحدة من 17 ولاية لها حدود دولية، فيما يعدّ معبر ديترويت-ويندسور الأنشط على الحدود الشمالية. وأمام هذا الواقع، وبالأخذ بعين الاعتبار وجود كثافة عربية وإسلامية كبيرة في هذه المنطقة، باتت تجاوزات حرس الحدود بحق المسافرين من العرب والمسلمين تثير العديد من التساؤلات عن مدى احترام حقوق هؤلاء، المدنية، خاصة وإن الإجراءات التي يتخذها حرس الحدود عند هذا المعبر الدولي أصبحت أكثر عدوانية في السنوات الأخيرة.
ويقول كيركباوم إن منطقة جنوب غرب ديترويت وديربورن شهدت في الآونة الأخيرة نشاطات مكثفة لوكالة حرس الحدود (سي بي <ـي)، حيث يقوم عناصر هذه الوكالة باعتقال الناس ومداهمة دور العبادة، أو المدارس، في محاولة للبحث عن وثائق أو أدلة لإدانة أشخاص معينين، ويرى كِرشبُوم إن هذه المسألة باتت بحاجة الى معالجة حقيقية من قبل المفوضية والحكومة الفدرالية لأن نشاطات وكالة حرس الحدود غير مبررة إلا إذا توفرت لديها أدلة دامغة.
ويقول كيركباوم إنه «كان هناك تركيزا كبيرا في السنوات الأخيرة على العرب والمسلمين الذين قام العديد منهم برفع شكاوى أمام المفوضية ولكن ذلك لا يعني أن وتيرة التمييز ضد السود أو اللاتينيين قد تراجعت.
وعن التمييز الذي يتعرض له العرب على الحدود الدولية يقول كيركباوم إنه «منذ أحداث 11 أيلول، ازداد التمييز ضد من يتكلمون العربية أو من تبدو ملامحهم عربية، وقد أولينا هذا الأمر اهتماما كبيرا. وسواء وُجد أو لم يوجد تمييز ضدهم، فإنهم يشعرون وكأنهم يتعرضون للتمييز، وذلك بسبب الإجراءات المتبعة».
من جانبه، يقول المحامي العربي الأميركي نبيه عياد، الذي يرأس حالياً «الرابطة العربية الأميركية للحقوق لمدنية»، إنه خلال الفترة التي قضاها في هيئة المفوضية من العام 2009 الى العام 2012 إثر تعيينه من قبل الحاكمة غرانهولم، إنه تناول العديد من القضايا المتعلقة بالجالية العربية، بما في ذلك حق المرأة المسلمة في ارتداء الحجاب بقاعة المحكمة وذلك عقب حادث طلب فيه قاض من امرأة مسلمة إزالة حجابها عند مثولها أمامه.
كما تناول عياد وزملاؤه في المفوضية العديد من القضايا المتعلقة بالمهاجرين الذين يتعرضون للتمييز في العمل والدراسة وحتى في الحصول على رخصة القيادة.
ويقول عياد «لقد وجهت التركيز على العرب والمسلمين لأنني اعتبرت نفسي ممثلا لهم في المفوضية، حيث كنت العضو الوحيد من أصل عربي في ذلك الوقت، وقد عملت بطريقة فعالة في دفع قضاياهم الى الواجهة».
من جانبه، يقول المدير الإقليمي «للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي-ميشيغن)، عماد حمد إنّ «مفوضية الحقوق المدنية بميشيغن» تفتقر اليوم الى إنخراط فعّال للعرب فيها، وذلك منذ تولي ريك سنايدر لسدة الحاكمية وقيامه بتعيينات لأعضاء جدد في المفوضية دون الإهتمام بوجود تمثيل حقيقي للعرب والمسلمين الذين يعانون من أشد أنواع التمييز بحسب حمد.
واعتبر حمد أن المفوضية قد تسجل تراجعا ونقصا في المعلومات المتعلقة بالقضايا الحقوقية للمسلمين والعرب. وأضاف «اعتقد انّ دور المفوضية حالياً محدود فيما يخص قضايا جاليتنا، وهذا أمر يستحق مزيداً من الدفع، فكوننا من سكان ميشيغن، هذا يٌحَمّلُ المفوضية عبء مكافحة التمييز ضدنا». وتابع حمد «لقد أثبتت الجالية العربية أن انخراطها شكّل إضافة حقيقية لأي جهة حكومية. والمفوضية شاهدة على ذلك إبان مشاركتنا فيها، وهو ما جعلها أكثر فعالية ووضوح عما هي عليه اليوم.. أرى أنها إساءة كبيرة للولاية عندما تدّعي أنها متعددة الثقافات في حين انها تفتقر التمثيل العربي المناسب في المفوضية، وهذا الأمر متروك الى حاكم الولاية ريك سنايدر والى المفوضية لمعالجته بالشكل المطلوب.
يذكر أن سنايدر قام مطلع العام الجاري بتعيين العربية الأميركية، رشا دمشقية في عضوية المفوضية بعد انتهاء فترة عياد، ولكن يؤخذ على هذا التعيين أن دمشقية، وهي صيدلانية وعضو في المجلس التربوي لمنطقة بورت هيورون التعليمية، بعيدة عن أوساط العرب والمسلمين الذين يتركزون في منطقة ديترويت الكبرى والذين يحتاجون الى ممثل يملك الخبرة الكافية بما تواجهه هذه الجالية من تمييز بحق أفرادها.
بمناسبة الإحتفال بيوبيلها الذهبي تزمع المفوضية إقامة فعاليات حقوقية في خمسين مدينة بولاية ميشيغن بما فيها مدن ديربورن وفيرنديل، وسترلينغ هايتس وترُوي وبونتياك… وتعتزم المفوضية عقد ورشات تعليمية وحلقات دراسية تدريبية على كيفية تظلّم الأفراد وتقديمهم الشكاوى وما هي الطرق المتاحة لهم للدفاع عن حقوقهم.
وبهذا الصدد يقول كيركباوم إنّ أفضل طريقة للأفراد لمعالجة التمييز ضدهم هي عبر زيارة مقرات المفوضية ومراكزها والتحدث إلى الموظفين هناك. وللمفوضية مركز رئيسي في وسط ديترويت عند ساحة «كاديلاك» (3054 وست غراند بوليفارد/جناح 600-3).
Leave a Reply