ستوكهولم – أعلنت لجنة جوائز «نوبل» في ستوكهولهم، الأسبوع الماضي أسماء ثمانية علماء حصلوا على جوائز هذا العام لعلوم الطب والفيزياء والكيمياء، فيما كانت جائزة الآداب من نصيب الكاتبة الكندية أليس مونرو عن قصصها التي تتناول الحب والصراع ومآسي النساء ووصفتها اللجنة المانحة للجائزة بأنها «من أفضل كتب القصة القصيرة في العصر الحديث» (إقرأ تفاصيلها في العدد القادم ضمن صفحة مدارات ثقافية). وسيتم الإعلان عن اسماء الفائزين بجائزتي «نوبل» للسلام والإقتصاد، يومي الجمعة، والإثنين على التوالي.
خطوة جبارة إلى الأمام فـي مجال الكيمياء الاختبارية
وقد منحت جائزة نوبل للكيمياء للعام 2013، إلى الأميركي النمساوي مارتن كاربلوس، والأميركي البريطاني مايكل ليفيت، والأميركي الإسرائيلي آرييه ورشل المتخصصين في وضع النماذج المعلوماتية للتفاعلات الكيميائية. ويعمل الباحثون الثلاثة في الولايات المتحدة. وقالت لجنة «نوبل» إن الباحثين كوفئوا «لتطويرهم نماذج متعددة النطاقات للأنظمة الكيميائية المعقدة». ونجح كاربلوس، وليفيت، وورشيل، ضمن إطار دراستهم للتفاعلات الكيميائية، في الجمع بين «الفيزياء الكلاسيكية النويتونية» و«الفيزياء الكمية»، التي تحكمها قواعد مختلفة تماما. إذ ان التطبيقات في هذا المجال لا تحصى ليس فقط للباحثين بل أيضا للمهندسين والقطاع الصناعي.
وأوضحت «الأكاديمية الملكية للعلوم» أن «المعرفة المفصلة للعمليات الكيميائية تسمح بالتوسع إلى الحد الأقصى بالمحفزات والأدوية والخلايا الفلطاضوئية».
وشكلت أعمالهم خطوة جبارة إلى الأمام في مجال الكيمياء الاختبارية، إذ أشارت الأكاديمية إلى أن «علماء الكيمياء كانوا فيما مضى يضعون نماذج الجزئيات بالاستعانة بالكرات البلاستيكية والعيدان واليوم توضع النماذج بالاستعانة بالحواسيب». وأضافت أن «النماذج المعلوماتية التي تحاكي الحياة الفعلية أصبحت أساسية في معظم التقدم المحرز على صعيد الكيمياء راهناً» موضحة أن «الحاسوب اليوم هو أداة مهمة كأهمية الأنبوب بالنسبة لعلماء الكيمياء».
ولفتت الأكاديمية إلى أن «عمليات المحاكاة واقعية إلى حد باتت فيه تتوقع نتيجة الاختبارات التقليدية»، مشددة على أن الفائزين الثلاثة «وضعوا في السبعينيات أسس برامج قوية تستخدم لفهم هذه العمليات وتوقعها». وقد طور كاربلوس ما يعرف بـ«معادلة كاربلوس» التي تستخدم في الرنين المغناطيسي النووي ولها تطبيقات في الكيمياء وفيزياء المواد، وخصوصا في الطب مع التصوير بالرنين المغناطيسي. أما ليفيت وورشل فكانا أول من نشر في العام 1976 المحاكاة المعلوماتية لـ«التفاعل الخميري» وهي بروتينات تتحكم بمعظم التفاعلات الكيميائية في الخلايا الحية.
الفيزياء لمكتشفي جسيمات «بوزون هيغز»
أما جائزة «نوبل للفيزياء للعام 2013، فقد منحت للبلجيكي فرانسوا إنغليرت والبريطاني بيتر هيغز لأعمالهما حول نظرية «بوزون هيغز» وهي جزئية تصنف من الجسيمات الأولية. وكوفئ الرجلان الثمانينيان على أعمالهما التي أدت إلى «الاكتشاف النظري لآلية تساهم في فهم أصل كتلة الجسيمات دون الذرية» بحسب ما أعلنت لجنة «نوبل».
ومنح هيغز اسمه إلى «بوزون هيغز» الذي يعتبره علماء الفيزياء الحجر الأساس في البنية الأساسية للمادة. و«بوزون هيغز» هو الجسيم الأولي الذي يمنح كتلة إلى الكثير من الجسيمات الأخرى وفقاً لنظرية «النموذج القياسي»، وهو يفسر كيف أن بعض الجسيمات لديها كتلة فيما جسيمات أخرى لا تتمتع بكتلة، ويفسر تالياً ماهية وجود الكون كما نعرفه.
وكان هيغز أول من أشار في العام 1964 إلى وجود هذا «البوزون» بشكل نظري، فيما اطلق البلجيكيان فرانسوا إنغليرت وروبير بروت (توفي في العام 2011) أولى الدراسات حول هذه المسألة.
وأعرب انغليرت عن سعادته بالحصول على الجائزة رافضاً التعليق على الأمر، بينما عبر هيغز عن فرحته قائلا «أنا متأثر جداً بحصولي على هذه المكافأة».
ويعتبر التقدم المسجل من قبل هؤلاء العلماء من الأهم في تاريخ الفيزياء. وكان الباحثون على ثقة في أن هذا الاكتشاف سيكافأ يوماً بمنحه أعرق جائزة علمية في العالم، ولكن لم يكن من الواضح للجنة «نوبل» من هم الأشخاص الذين ينبغي منحهم الجائزة.
يذكر أن المركز الأوروبي للبحث النووي («سيرن») أعلن في تموز العام 2012، وبعد خمسة عقود من التجارب، رصد «بوزون هيغز» بفضل أكبر مسرع للجسيمات في العالم. وشارك علماء على مستوى عال في العملية الطويلة التي أدت لهذا الاكتشاف، ما دفع الكثيرين إلى توقع فوز المركز بالجائزة.
الطب لاكتشاف نظام النقل بين الخلايا
فاز الأميركيان جيمس روثمان وراندي شيكمان والألماني توماس سودهوف، بجائزة «نوبل للطب» لاكتشافاتهم حول نظام النقل بين الخلايا. وكوفئ العلماء الثلاثة على اكتشافاتهم حول نظام النقل الذي يؤمن أيضاً «نقل الجزئيات إلى المكان المناسب في الخلية وفي الوقت المناسب». وبيّنت أبحاثهم كيف أن بعض الأمراض يمكن أن تبدأ عندما يتفاقم وضع الحويصلات أو الفجوات الخلوية، على ما أفادت لجنة «نوبل». وتسمح أيضا بتوفير أجوبة عن أمراض عصبية ومناعية مثل السكري. وقال راندي شيكمان، في حديث صحافي، «بإمكان الناس العاديين الاستفادة من هذا البحث الأساسي حول طريقة عمل الخلايا الذي له انعكاسات غير متوقعة ولافتة على حياتهم».
وأعلنت اللجنة أن «روثمان وشيكمان وسودهوف وضعوا آلية متطورة تسمح بنقل جزئيات إلى الخلايا وتحريرها»، موضحة أن «كل خلية هي مصنع ينتج الخلايا ويصدرها. فعلى سبيل المثال الأنسولين يصنع ويحرر في الدم بينما ترسل إشارات كيميائية تسمى ناقلات عصبية من خلية عصبية إلى أخرى».
وأضافت اللجنة أن «هذه الجزئيات تنقل إلى محيط الخلية في رزمات صغيرة تسمى حويصلات (أو فجوات خلوية). وقد اكتشف الفائزون الثلاثة المبادئ الجزئية التي تحكم وصول هذه الرزمات إلى المكان المناسب وفي الوقت المناسب في الخلية». ويعمل الباحثون الثلاثة في جامعات أميركية.
Leave a Reply