كلية هنري فورد التي درس ويدرس فيها آلاف الطلاب العرب، ليست في أحسن أحوالها على الإطلاق.. فالطلاب الجديون يعانون الأمرين لمجرد أن هناك عدد كبير من الطلاب الذين ينخرطون في الكلية الحكومية بهدف الحصول على القروض والمنح الفدرالية ومن ثم يتبخرون من الصفوف تاركين خلفهم كلية مثقلة بالنفقات المالية ومستوى أكاديمياً هزيلاً، حسبما تظهر الإحصائيات.
كلية هنري فورد (عدسة عماد محمد) |
فالأموال الفدرالية التي يحصل عليها الطلاب غير الجديين باتت تشكل عبئاً مالياً على الكلية يعزز التوجه لرفع أقساطها بنسبة ٧ بالمئة للعام الدراسي المقبل وذلك لسد أموال فدرالية مستحقة بقيمة 4,1 مليون دولار دفعتها الحكومة لطلبة في الكلية انسحبوا ولم يكملوا الدراسة فيها..
أمام هذا الواقع يتجه مجلس ديربورن التربوي الذي يشرف على كلية هنري فورد، كما مدارس المدينة العامة، الى رفع الرسوم الدراسية للسنة القادمة، حيث من المرجح أن يتم اعتماد رفع الرسوم على الطلبة من داخل ديربورن من 75 دولاراً للساعة (للكرديت) الى 82 دولاراً، في مقابل 142 دولاراً للطلبة من خارج المنطقة التعليمية بدلا من 135 دولاراً حالياً. في حين سترفع على الطلبة من خارج الولاية والطلبة الأجانب الى 147 دولاراً بدلاً من 140. ويأتي مقترح الزيادة الذي لا يزال قيد الدرس داخل المجس التربوي لتغطية عجز متوقع في ميزانية الكلية للسنة القادمة يقدر بحوالي 7,5 مليون دولار, بحسب نائب رئيس الكلية مارج سوان والذي أكد أن أجمالي الانفاق للعام الدراسي المقبل سيصل الى 72,6 مليون دولار السنة القادمة.
مشاكل الميزانية
يذكر أن كلية «هنري فورد» كانت رفعت الرسوم الدراسية آخر مرة بواقع 7 بالمئة في خريف العام 2011. وهو ما يصعّب قرار رفع الرسوم الجديد لكن صحيفة «ديترويت فري برس» قالت إن المجلس التربوي بصدد السير بهذا المقترح.
وكانت عضوة المجلس التربوي ماري لاين اعترضت على الزيادة المقترحة للسنة القادمة حيث قالت في اجتماع سابق إن «ما نحاول القيام به هو مجرد استنزاف مزيد من المال من عدد صغير من الناس». وأكدت انها من خلال بحث أجرته تبين لها ان التكاليف المتصاعدة للدراسة قفزت 45 بالمئة على مدى العقد الماضي. وقالت «لا يمكن الاستمرار في هذا النمط الى الأبد، لا بد من احتواء التكاليف». ونوهت الى أن أعضاء الهيئة التدريسية في كلية هنري فورد يتقاضون رواتب اعلى من نظرائهم في الكليات المجتمعية في لانسنغ وواشطناو، ولكن أقل من نظرائهم في كليات ماكومب وسكولكرافت وأوكلاند.
غير أن رئيسة المجلس التربوي باميلا آدمز والتي حضرت مناقشات اللجنة المالية بشأن الموازنة وزيادة الرسوم، تؤيد زيادة الأقساط. وقالت «بذلنا قصارى جهدنا في البحث عن أية وسيلة محتملة يمكن اللجوء اليها لخفض التكاليف»، مؤكدة أن «لا أحد يرغب بزيادة الرسوم، ولكن لا خيار أمامنا لجلب المال غير زيادتها».
وقال عضو المجلس جيمس سكولماستر خلال اجتماع عقد في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي إن هناك أمرا واحداً هو أكثر ما ألحق الأذى بماليات الكلية وهو سوء استخدام الطلبة للقروض الفدرالية، مؤكداً أن 20 بالمئة من عوائد الرسوم الدراسية للسنة القادمة ستعاد الى الحكومة الفدرالية، والسبب عدم حضور بعض الطلاب لصفوفهم او رسوبهم في جميع المواد التي حصلوا على القروض والمنح لإتمامها. وقال «هذا سبب رئيسي من أسباب عجزنا في الموازنة».
وكانت رئيسة الكلية، غايل مي، اسهبت في شرح هذه المعضلة عقب أحد الإجتماعات الأخيرة حيث قالت «الطلاب يحصلون على منح فدرالية بناءاً على احتياجاتهم المالية، وقد يصل مبلغ هذه المنحة الى 5500 دولار في كل موسم دراسي لتغطية نفقات الرسوم والمعيشة، ولكن الطلبة اذا لم يستكملوا دراستهم في ذلك الموسم، يتوجب حينها على كلية «هنري فورد» اعادة كامل المبلغ للحكومة الفدرالية. وباستطاعة الكلية ملاحقة مايسمون بـ«خاطفي منحة بيل» ومطالبتهم باعادة المال، لكن هذه الوسيلة لا تحقق سوى نجاحاً محدوداً». وقالت إن الكلية تحاول ايجاد وسيلة لمتابعة وتحجيم مثل هؤلاء الطلبة الذين يلحقون الضرر بالاموال الفدرالية اضافة الى الضرر الذي يلحق مباشرة بالكلية وبالمستوى الأكاديمي فيها، كما ان هؤلاء الطلبة ياخذون مقاعد كان يمكن اخذها من طلبة منتظمين.
وتصادف عقد إحدى جلسات المجلس التربوي في نفس يوم الاحصاء الذي تجريه الكلية في الموسم الشتوي لتحديد الطلبة الذين لم يحضروا اطلاقا فصولهم الدراسية، وهؤلاء تحجب الكلية عنهم اي دفعات اضافية من المساعدات المالية، فيما يتوجب على الكلية إعادة المنح المصروفة (قيمة الشيك الأول) للحكومة الفدرالية. ولكن بعض «خاطفي منحة بيل» الحكومية استوعبوا اللعبة، فهم يحضرون الأسابيع الأولى من الفصل الدراسي بهدف تلقي الشيكات كاملة وبعد ذلك يتوقفون عن الحضور.
يذكر ان «كلية هنري فورد» وزعت 110 ملايين دولار على الطلبة السنة الدراسية الماضية في إطار صندوق الدعم المالي. ويبحث اعضاء المجلس طرقا مختلفة في محاولة للتعامل مع «خاطفي منحة بيل»، حيث قالت رئيسة الكلية ان الكلية تحاول ايجاد وسيلة تمكنها من تنميط الطلبة المحتمل الحاقهم الضرر بنظام المنح الدراسية، ما من شأنه محاولة تحجيم المبالغ التي يتلقونها، لكن الصعوبة تكمن في تحديد هؤلاء، في ظل وجود طلاب منتظمين قد يتضررون من ذلك.
من جانبها اقترحت عضوة المجلس التربوي آيمي بلاكبورن البحث عن آلية تمكن الكلية من معرفة ما إذا كان هناك طلاب لم يسددوا رسومهم في كليات أخرى، فهذه اشارة الى أنهم يستغلون النظام في كلية ومن ثم ينتقلون لكلية أخرى.
وردت غايل مي على هذا المقترح بالقول إن السجلات الفدرالية تضم اسماء الطلبة المستغلين لنظام القروض، لكن البيانات متقادمة الى درجة لم تعد ذات فائدة.
وفي سياق آخر، قالت لاين إن إعتماد سياسة ترحيبية لقبول اعداد اضافية من الطلبة ينبغي مناقشته مع اتحاد المعلمين في الكلية، «فعلينا مناقشة العقد ليتسنى لنا اخذ هذا الاقتراح في الاعتبار»، وأضافت انه في حال استمر العجز علينا ان نلجأ الى السحب من صندوق الموازنة او الرواتب. لكن سكولماستر اكد ان الكلية وفق المعدل الراهن لن يتبقى في صندوق موازنتها اية اموال في هذا العام.
وقبيل انتهاء الاجتماع الأخير، قال رئيس اتحاد معلمي «هنري فورد»، جون ماكدونالد، إن مناقشة المواضيع المتعلقة بالعقد ينبغي اجراؤها في اجتماع خاص، مؤكدا أن النقابة ليست بصدد تقديم تنازلات إضافية بعد أن وافقت في السنوات الأربع الأخيرة على تخفيضات في الرواتب وزيادة في رسوم التأمين تعادل في مجموعها 10 بالمئة من رواتب معظم المعلمين والموظفين، كما انهم وافقوا على تأجيل تعيين كوادر في 19 وظيفة شاغرة ما وفر على الكلية زهاء مليون دولار. وقال «ذلك تزامن مع انشاء كلية للتمريض كلفت الكلية 12 مليون دولار، إضافة الى تطوير وتوسيع مبنى كلية العلوم ومواقف السيارات واقامة مبنى «أس أم أي» وكل ذلك من صندوق الانفاق، وقبل هذا كانت الكلية تلجأ الى تمويل مثل هذه المشاريع عبر اصدار سندات خاصة».
وبعد ذلك قدمت آدمز اعتذارها على اي انتقاد وجه للمعلمين اثناء الاجتماع وقالت ان المجلس التربوي يتفهم ويثمن تضحياتهم، ورغم هذا لا بد من طرح الافكار المتعلقة بخفض الانفاق بشفافية بحيث يدرك الجمهور كيف تدير الكلية شوؤنها، والمصاعب التي تواجهها والتي افضت الى المطالبة بزيادة الأقساط.
وبانتظار تحديد معالم الميزانية المالية للعام الدراسي المقبل والتي ستتبلور في اجتماعات مقبلة لمجلس ديربورن التربوي، لا تزال كلية هنري فورد تعاني من تحديات كبرى على المستوى الأكاديمي.
تدن فـي معدلات التخرج
أظهرت نسبة التخرج ومعدلات النجاح في «هنري فورد» أن كلية ديربورن تتذيل ترتيب الكليات الحكومية الـ١٨ على مستوى ولاية ميشيغن. إذ تشهد «هنري فورد» أدنى نسب التخرج حيث تمكن في العام الماضي 9 بالمئة فقط من طلابها من التخرج مقابل 40 بالمئة في كلية ألبيون و٢٠ بالمئة في «سكولكرافت» بليفونيا. وهذه المرة الأولى التي تحتل «هنري فورد» ذيل الترتيب.
من جانبه أشار عضو المجلس حسين بري الى ان هذا المعدل ليس بالسوء الذي يبدو عليه فهو أدنى بست درجات مئوية من المركز الخامس على لائحة الكليات.
وقال نائب رئيس «هنري فورد»، كيم شوبماير، إن ثلث طلاب الكلية يحولون الى كليات أخرى ما يجعل معدلات التخرج تبدو أسوأ، مؤكداً أن 65 بالمئة من طلبة الكلية نجحوا في موادهم الدراسية في الخريف الماضي، ما يعني حصولهم على علامة «سي» أو افضل، وهذه نسبة اقل قليلا من مستوى 68 بالمئة في عام 2007.
ويرى آخرون أن نسبة الـ9 بالمئة تأتي نتيجة التحاق عدد كبير من الطلاب في الصفوف التمهيدية التي توفرها الكلية لتقوية الطلاب في العديد من المواد، وغالبية هؤلاء لا يكملون تعليمهم أو ينتقلون الى كليات أخرى.
في الخريف الماضي وصلت نسبة المحتاجين لمثل هذه الصفوف التمهيدية من مجمل الملتحقين بالكلية: 62 بالمئة في القراءة و 68 بالمئة في الكتابة و 89 بالمئة في الرياضيات، بحسب شادويك، أي بزيادة 10 نقاط في مجال القراءة والكتابة مقارنة بالعام 2007 ودرجة مئوية واحدة في الرياضيات.
يذكر أن خريجي المدارس العامة غالباً ما يعانون من ضعف في مواد القراءة والكتابة والرياضيات، وبهذا الصدد يشير عضو المجلس التربوي جو غايدو الى الطرافة في الصدفة ان تكون نسبة الخريجين 9 بالمئة وهي نسبة قريبة جدا من نسبة الطلاب المنتسبين الذين لا يحتاجون الى صفوف تمهيدية في مادة الرياضيات.
Leave a Reply