بصمت، كعادته، بلا تذمر ولا شكوى، وبعدما قاوم حتى الرمق الأخير اعتلال الجسد، والمرض المزمن، بهدوء كما عاش رحل الإنسان الطيب، المرحوم أبو سهيل.
بسيطا كان المرحوم أبو سهيل، كأي مهاجر خلي البال من هموم المال والتفوق في الجالية اللبنانية. وعفويا كان ذلك الرجل الطيب الذي يمكن أن تصادفه في مكان ما، يتقدم منك وبمحبة يرد التحية، فيغمرك بابتسامة شفافة صادقة، تذكرك بوجه أبيك فتتمنى لو تحتضنه مثلما كنت أفعل أنا، عندما كنت ازروه وأقبل يديه، فأشم رائحة المرحوم أبي حيث كانا صديقين حتى الأخوة.
مثل أبي الرائع، عاش المرحوم أبو سهيل في صراع مرير مع الأيام من أجل الحياة للعائلة، وما أبعد الماضي عن الحاضر وما أشق الرحلة بينهما، والفاصل زمن من الهجرة الى دول الخليج والكويت تحديدا، وزمن انهيار الوطن في سوق المزايدات الحزبية والافتراءات الطائفية حتى اليأس من اصلاح الأحوال في الوطن العجيب لبنان، الذي أدى الى انهاك قلب المرحوم أبي الذي مات مقهورا محسورا، والذي دفع بالمرحوم أبو سهيل ليحمل عائلته الى أرض الهجرة والاغتراب.
استقر هنا في ديربورن وبمساعدة رفيقة العمر، الحاجة أم سهيل، تمكنا من مواجهة أزمات الحياة وصعوباتها والعبور بالعائلة الكبيرة العدد، إلى الحياة الكريمة والمحبة والاحترام والتألق فيما بينهم، تجلى ذلك عندما استطالت فترة مرض الحاج أبو سهيل فتبارى بناته وبنوه للعناية به والقيام بواجبه حتى وافاه الأجل هذا الأسبوع.
عز علي البارحة، البكاء في وداعك يا آخر الأحباء، وقد كنت تؤنسني بعد غياب أبي الذي كان مثلك قد حفر الصخر بأظافره من اجل مستقبل أولاده، وبإرادة صلبة لتثبتوا أنكم لستم أهل أهلية من أولاد الأغنياء الذين سرقوا الوطن منكم عن سابق تصميم وترصد. أتمنى أن تكون سيرتك المميزة، مثل المرحوم أبي، حافزا لكي ننجح ونكون جديرين بكم أنتم جيل الآباء جيل البركة والحكمة، لكي ننجح ونكون جديرين بكم، أنتم الذين شقيتم لكي ينعم من يجيئ بعدكم من الأبناء والأحفاد.
رحمك الله أيها الطيب، الذين عاش انسانا مكافحا وظل يحب الناس ويحبونه حتى النفس الأخير. والعزاء لأولادك الأحبة، حيث سيكون عليهم تحمل الحزن العميق وتكملة واجبهم وكل ما علمتهم وأنشأتهم عليه في سبيل والدتهم الحاجة أم سهيل، رفيقة دربك في المعاناة.
رحم الله الوالد، الحاج أبو سهيل خليل عيسى الرمال، رحمة واسعة وأنزله فسيح جنانه، وإنا لله وإنا اليه راجعون.
Leave a Reply