للمرة الثالثة نضطر أنْ نتحدث عن سوريا بسبب تآمر وألاعيب المعسكر المعادي لها. ذلك ان آخر تقليعات بلد البدع والأعاجيب سياسة بقايا صغار 14 آذار في الحكومة الحريرية، وبالأخص تيار «المستقبل» وحزب «القوات»، تجاه سوريا. فبعد تعيين سفير للبنان في دمشق، وهذا اعترافٌ رسمي وعلني بالحكومة السورية الحالية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، نشب خلاف داخل الحكومة حول زيارة وزراء إلى سوريا بصفةٍ رسمية فزعم المكابرون ان هذا يشكِّل خرقاً لسياسة النأي بالنفس المعروفة التي أسسها سيئو الذكر ميشال سليمان ونجيب ميقاتي.
وتتضمن حُجَّة الأجداث المتحركة في قرطة حنيكر (التي لا تقلي عجَّة) ان موضوع سوريا غير واضح ووضعها ملتبس داخل «جبانة» الدول العربية وهي ملف خلافي بين اللبنانيين! ولكن يا صيصان كوندي ماذا عن الملفات الخلافية المتعلقة بالسعودية وأميركا والبحرين واليمن مثلاً؟ هل هناك إجماعٌ عليها؟ أم أنّ بقايا فرقة حصب الله اللاعبة على خط النفط والغاز هي التي تقرر ما هو الملف الخلافي أو خلافه؟
وبالإضافة إلى أنَّ المعادين لسوريا متخبطون خبط عشواء، فهم أيضاً مهرجون فاشلون وليس عندهم «جنس الهضامة»! فهم يريدون إرسال الوزراء الى دمشق بصفتهم الشخصية وعلى حسابهم الخاص من دون تاثير رسمي للزيارات على الدولة وكأن دمشق التي تكسرت أعتابها وطرقاتها من خطى زياراتهم المتملقة، أصبحت طاعوناً يجب تجنبه أو غير موجودة على الخريطة. لكن مشكلة هؤلاء أنَّ سوريا ستنتصر قريباً على الإرهاب وستبدأ فيها ورشة البناء والإعمار وهناك سماسرة ولصوص في لبنان لا بد أن لعابهم يسيل سلفاً للمشاركة في الربح، فمِن مصلحة مَن ترميم العلاقات مع سوريا والتي تتطلب زيارات وزراء مختصين إلى دمشق؟ ثم كيف يعمل اللعي بالنفس هذا ولبنان مازال يشتري الكهرباء من سوريا وهي في حالة حرب كونية عليها بينما «شبه الوطن» ينعم بالسلام منذ 1989 ومازالت الخدمات فيه جرصة لدى دول العالم؟
نزيل معراب عقد مؤتمرين صحافيين لكي يقنعنا ان الحكومة والرئيس غير موجودين في سوريا وأنَّ فيما يخص موضوع الكهرباء فهناك اتفاق مع سوريا موجود منذ عشر سنوات ولا يجب خلط ذلك بالسياسة! إذاً بالمنطق نفسه هناك اتفاق أكبر هو اتفاق الأخوة والتعاون والمجلس الأعلى المشترك بين البلدين فلماذا لا ينفذ مثل اتفاق الكهرباء؟ أم إننا نستفيد من سوريا بأشياء حسب المصلحة وننبذها متى نشاء؟ كيف الرئيس عون متحمل هكذا رجل ومنطق حتَّى الآن؟
ثم كيف يُسمح لوزير الدفاع بزيارة العراق، مع أهمية الزيارة، وعقد إتفاقات عسكرية معها من ناحية، ومن ناحية ثانية محرَّمٌ عليه زيارة سوريا التي بيننا وبينها حدود طويلة مشتركة واتفاقيات أمنية واقتصادية، عدا عن إنها المتنفس الوحيد لنا؟ الا يذكر هؤلاء البراكيل عندما أغلقَت سوريا حدودها في السبعينيات على عهد الرئيس سليمان فرنجية كيف اختنق لبنان وجثا على ركبتيه لإعادة فتحها؟ وماذا عن الإرهاب الذي يحاربه لبنان ومصدره المرتزقة شذاذ الآفاق التكفيري الوهابي في سوريا، أليس من مصلحة لبنان التنسيق مع الجيش السوري وحلفائه لدحر هذا السرطان؟ وهل كانت معركة تحرير الجرود لتتم لولا سواعد المقاومة والجيش اللبناني ومساندة سوريا والحلفاء؟
تماماً، كما حدث في حرب تموز التي ما زلنا نعيش ذكرى انتصاراتها هذه الأيام، تتم مصادرة انتصار الشعب اللبناني على الإرهاب الاجرامي في جرود عرسال. فقد طالعنا بالبداية المشنوق بموقف حاقد مسلوق، وكأنه يعيش في زمن السلجوق، أو في عصر مسروق، يدعي فيه ان سفاحي «النصرة» كانوا 500 فقط وانه لن يعطي الفضل للمقاومة وأنَّ الجيش كان بمقدوره تحرير الجرود لولا القرار السياسي! أي أن الجيش اللبناني، مع احترامنا لتضحياته وعطاءاته، كان سيتمكن من فعل ما عجزت عنه أقوى جيوش المنطقة لا بسبب عدم قدراتها المادية وغير المادية بل بسبب تكتيكات حرب العصابات الارهابية وفِي مناطق هي الأكثر وعورة في العالم!
الظاهر أنَّ على المشنوق أنْ يكمَّل إجازته في اليونان أو في…عرسال واللقلوق.
فتحرير الجرود حصل نتيجة جهد مشترك تحاول جوقة الدنيا هيك تمييعه، هو جهد المقاومة مع الجيشين اللبناني والسوري والحلفاء في محور المقاومة مهما كابر الحاقدون. وليس صحيحاً ان الجيش لن يطلب مساعدة من أحد في المعركة المرتقبة ضد «داعش»، لان العدو اشرس والمنطقة التي يسيطر عليها أكبر لذا فلن ينتصر من دون المقاومة والجيش السوري، مع تقديرنا له مرة أخرى!
كان بإمكان سوريا ان «تتبغدد» على لبنان وتفرض عليه طلبات تعجيزية كما يفعل ساسة لبنان اليوم وكانت تستطيع عرقلة رحيل إرهاب «النُصرة» الظلامي الوسخ إلى مناطقها، لكن سوريا هي أكبر من ذلك وتصرفت تصرف الشقيق الأكبر مع أن كل هذا لم ينفع مع جاحدي النعمة وقليلي الوفاء!
علقة براكيل 14 آذار أصبحت سخنة بعد تحرير الجيش السوري والمقاومة لمنطقة «السخنة» وها هو يصل الى منطقة السويداء عند الحدود الأردنية ويقف على أعتاب دير الزور وإدلب لاستكمال تحرير الأرض من دنس الشياطين.
أعداء سوريا هم اليوم أمام مفترق طرق. حتى بني سعود أبلغوا أذنابهم في المعارضة السورية أنَّ الأسد باقٍ، وحجبوا رياض حجاب عن العمل السياسي بطرفة عين، فماذا ينتظر هؤلاء؟ بني سعود يستبدلون غلمانهم بطرفة عين وهم اليوم لديهم دمى يتسلون بها من شيعة الوهَّابية وعلى رأسهم مقتدى الصدر الذي شرع بزيارته لإبن سلمان إبادة منطقة العوامية في القطيف المظلوم وسط صمت العالم.
على لبنان أنْ يحذو حذو الدول المهمة التي عادت إلى دمشق من الباب الواسع واعترفت بصحة موقفها، وأن لا يستمع لتنبؤات جعجع التي لم تتحقق منها ولا نصف نبؤة واحدة ولا يلتفتوا لتخرّصات فارس سعيد وبكاسيني التي على نمط أواسيك وتواسيني (لول)!
Leave a Reply