عباس الحاج أحمد
الجمال، أناقة الكاراكو، رخامة الصوت، الثقافة المتنوعة، الحضور القوي، سرعة البديهة، الانفتاح الفكري، ولغة الجسد التي تختصر كلمات. كل ذلك، يميز ابنة الجزائر الإعلامية الصاعدة–المخضرمة آمال عرّاب.
من يطٌلع على سيرتها، يتذكر شخصية إزميرالدا في رواية أحدب نوتردام، ولكن بمهنة الإعلام. فهي الغجرية التي تحمل بتنقلاتها خبرة الجغرافيا وجمال التقاطع الشرقي–الغربي. تتمرد بتنورها على سجن المحيط، مغردة بصوتها الإذاعي من الجزائر إلى سائر المحيط. تسير بروح شمال أفريقيا من التراث الأمازيغي إلى النحت العربي، لتنسج فسيفساء اجتماعية–سياسية بإطلالالتها اليومية. مما يؤهلها لاحتلال المراتب العليا على عرش الإعلام العربي.
علاقة حب
تتحدث آمال عن علاقتها مع الإعلام قائلةً: علاقة حب، قصة عشق… قصة غرام كبيرة. هكذا يكون جوابي عندمل أسأل عن علاقتي مع الإذاعة والإعلام. بدأت صغيرة من برنامج «الصحفي الصغير». هناك، بدأ شعوري بالمسؤولية والرغبة الكبيرة بأن يصل صوتي إلى أبعد الحدود. أتمنى أن أخاطب عقول المشاهدين لأستمع إلى نقدهم البناء. فننهض بتلفزيوننا العربي. محققين الأفضل لعالمنا العربي.
بدأت آمال عراب عملها في الإعلام وهي في سن الـ12. فكان أول برنامج إذاعي قدمته بعنوان «الصحفي الصغير». ليدفعها شغفها بالصحافة للعمل كمحررة ومراسلة في الإذاعة الحكومية الجزائرية. انتقلت بعدها للتلفزيون الحكومي الجزائري بعد الانتهاء من دراستها. عملت كمذيعة أخبار ومقدمة برامج في العديد من القنوات التلفزيونية في إيران ولبنان والأردن. ثم انتقلت إلى لندن للعمل مع قنوات عربية أخرى، لتطل على الجمهور بعدها عبر شاشة «التلفزيون العربي»، حيث باتت تعتبر آمال اليوم واحدة من المذيعات الأساسيات في القناة.
مشوار شاق .. لكن بكرامة
تؤكد امال أن اختيارها للتلفزيون العربي هو خيار وفرصة لها. حيث يتناسب بخطته مع تطلعاتها.
قدمت برامج متعددة من الصباحية إلى المسائية، مواضيع اجتماعية وسياسية، قضايا خاصة بالشأن المصري وغيرها… ولكنها تعتبر، أن أجندتها الأساسية هي الإنسان. تأثرت بالعديد من الإعلاميين الجزائريين قبل أن تحمل بلدها بصوتها ولهجتها إلى العالم العربي. فالعمل الإعلامي يتطلب حضور الكثير من المناسبات ووقتاً طويلاً خارج المنزل، إنه مسؤولية كبيرة، وبالتالي فإن شريك الحياة يجب أن يتمتع بالمرونة.
تؤكد آمال بحواراتها دائماً على مبدأ العمل الشاق والنفس الطويل. فيجب على التلميذ أو المبتدئ، أن يتمتع بالصبر. تحدي العقبات يحتاج لنفس طويل، صعود السلم درجة درجة بكرامة أفضل بكثير من الصعود السريع على حساب الشرف أو المضمون. الاجتهاد، الثقة بالنفس، التدريب والقراءة سبيل النجاح.
كلمة السر: المصداقية
المصداقية هي كلمة السر وعُملة النجاح. إقناع الرأي العام يحتاج للصدق. فالكذب على الجمهور هو خسارة مع مرور الوقت، بينما الإقناع بالحقائق يؤمن الاستمرارية.
يسجل لعراب نشاط واسع في مواقع التواصل إذ لها مواقف صريحة وثابتة تجاه بعض القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ولا يخفى على متابعي المنصات الرقمية تدويناتها حول الشأن السياسي العالمي بمختلف تفاصيله، كيف لا وهي من تحمل ﺷﻬﺎﺩﺓ ﻓﻲﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ؟.
التمييز الجندري
تؤكد ابنة الجزائر على أنها لا تؤمن بالفصل الجندري في أي مجال. فالمرأة حين تريد تستطيع. جرت العادة أن نجد الذكور في مجال المراسلة الحربية مثلاً. لكن، إذا ما التفتنا إلى فلسطين نجد لبوات في الإعلام اقتحمن ساحات المعارك ونقلن الصورة تماماً كما يفعل الذكور وبجدارة. ولا ننسى النساء الكرديات اللواتي حاربن بكل بسالة ونقلن صورة يومياتهن بكل مهنية. أما نموذج الإعلام الغربي بمدرستيه الفرنسية والإنكليزية فلا حصر للأمثلة عن ريادة المرأة فيه.
وسائل التواصل
تؤكد آمال على أن الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد احتل مساحة واسعة من حياتنا وأصبح منافساً للإعلام التقليدي في نقل الأخبار. لكنه لن يحتل مكانه.
ببساطة، معيار الحرفية والمصداقية غير موجود في قاموس إعلام وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مرتعاً للإشاعات والأخبار الكاذبة والخاطئة.
فالساحة مفتوحة بلا حسيب أو رقيب، وأي شخص يمتلك كاميرا أو هاتف يمكن أن يصبح إعلامياً! وهذا الأخير حتى وإن نقَلَ الصورة وتحدث عنها وانتشرت لا يمكن أن يضمن المصداقية والحرفية التي يملكها صانعو الأخبار المحترفون أو الصحفيون.
حمامة زاجلة في عصر السيليكون
في ظل تدني معايير تقييم الإعلام الناجح. وسط انتشار ثقافة نسبة المشاهدات واللايكات. امتلأت شاشاتنا بنجوم السيليكون. وغزت صفحاتنا صور الفارغات. هنا، نقف لنعيد الاعتبار إلى القيم والجمال الطبيعي والمضمون القوي والخطاب الموزون، تقديراً لعملها المتقن وثقافتها المميزة. لتحمل «إزميرالدا الشاشة العربية» بجمال شكلها ومضمونها رسالة الحمام الزاجل الذي يبهرنا بطلته ويزودنا برسائله.
Leave a Reply