«قمة روضة خريم»: هل رأبت الصدع الأميركي-السعودي؟
واشنطن، الرياض – عناوين كبيرة رافقت زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما للسعودية، حيث التقى الملك عبدالله دون إطلاق أي تصريح يذكر عن حقوق الإنسان حتى في الكلمة التي ألقاها أمام الصحفيين خلال لقائه الناشطة الاجتماعية السعودية الطبيبة، مها المنيف، لتسليمها جائزة «أشجع إمرأة» التي منحتها وزارة الخارجية الأميركية قبل أسابيع، مشيداً بجهود الطبيبة السعودية أثناء التقاط الصور بينما كان يسلمها الجائزة بقوله «لاقناعهم (السعوديين) بأن هذه المسألة ستحقق أهمية على المدى الطويل».
الملك عبدالله أثناء لقائه أوباما |
لكن أوباما لم يبحث أوضاع حقوق الإنسان مع الملك عبدالله الذي استقبله قرب الرياض في جلسة خُصصت في غالبيتها للمواضيع التي أثارت خلافات بين الطرفين في الأشهر الماضية، مثل الحرب في سوريا والمفاوضات مع إيران، حسبما أفاد مسؤولون أميركيون لوكالات الأنباء العالمية.
وفي قراءة للخطوات السعودية التي سبقت الزيارة وجاءت على وقع توتر غير معهود في العلاقة بين البلدين، يمكن القول بأن هناك ملفات أخرى كانت على أجندة اللقاء الذي وصفه المراقبون بـ«الفاشل»، وهذه الملفات تتدرج من مسألة مكافحة الإرهاب وتماسك العائلة الحاكمة في السعودية وصولاً الى المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية التي لا يبدو أنها نالت مباركة من الرياض التي تتخوف من تقارب أميركي-إيراني قد يطيح بمصالحها في المنطقة، وقد حاولت العائلة المالكة تنظيم صفوفها، مع تعيين الأخ غير الشقيق للملك عبدالله، الأمير مقرن ولياً لولي العهد، وملكاً في حال شغور المنصبين.
ويرى محللون أن الرئيس أوباما طار من روما الى السعودية في ختام جولته الأوروبية لرأب الصدع في العلاقات بين البلدين، بعد غضب الرياض من التقارب الأميركي الإيراني في الملف النووي ورفض أوباما الذهاب أبعد في حرب سوريا كما ترغب المملكة.
وهناك أيضاً غضب مماثل لدى واشنطن من الرياض بسبب دعمها لتنظيم «القاعدة» والتنظيمات الإرهابية الإسلامية المتشددة.
كواليس القمة
استخدم الملك البالغ من العمر 90 عاماً أنبوباً للتنفس خلال لقائه مع أوباما، ولكن مسؤولا في الإدارة الأميركية قال إنه بدا بصحة جيدة، وكان واضحاً أنه كان قادرا على الاستمرار في «النقاش بجدية» حول الملفات.
وتناقلت الوكالات الأجنبية صور العاهل السعودي وهو يستخدم الأنبوب الصغير الذي كان واضحا على مستوى الأنف، لكن الأنبوب لم يظهر في الصور الأربع التي بثتها وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وقد جلس الرئيس والملك وجهاً لوجه، في منتجع «روضة خريم»، خارج العاصمة الرياض، وكرر أوباما أن الولايات المتحدة مصممة على منع إيران من امتلاك سلاح نووي. وقد عبر الملك عبدالله عن القلق من الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة والقوى العظمى، لاستخدام المفاوضات لاحتواء طموحات إيران النووية.
وقال مسؤول أميركي للصحفيين «ليس هناك شيء مثل اللقاء وجهاً لوجه» مضيفاً أن النقاش «ليس موضع نزاع». وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها أوباما إلى السعودية منذ عام 2009.
ونفى مسؤول كبير في الإدارة الأميركية تقارير حول تفكير الولايات المتحدة في تزويد المعارضة السورية بصواريخ أرض جو، التي تطلق من الكتف.
وبخصوص القضية الفلسطينية والخطة الأميركية لإحلال السلام، كان الجواب السعودي مبكراً وواضحاً بأن المملكة غير معنية بتقديم أية تنازلات في هذا الشأن، فقد عبر البيت الأبيض قبل ثلاثة أيام من الزيارة عن «خيبة أمل شديدة» من رفض الرياض لاستقبال صحافي أميركي لأنه يعمل لدى صحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية، وكان ينوي تغطية زيارة أوباما، وذلك في إشارة سعودية واضحة بأنها الآن ليست في وارد تقديم أية مكافآت «للحليف» الأميركي الذي يقترب رغماً عنها من تفاهم مع إيران قد يعيد ترتيب أوراق المنطقة برمتها في غير صالح النظام السعودي، إضافة الى تلكؤ الإدارة الأميركية في التدخل عسكرياً في سوريا، ما يثير استياء الرياض التي لم تحفظ خط الرجعة مع دمشق، رغم ما أعلنته مؤخراً من ملاحقة الجهاديين السعوديين العائدين من سوريا.
ورسمياً لا تعترف السعودية بإسرائيل، لكنها قالت إنها مستعدة لتغيير هذا الموقف إذا وافقت إسرائيل على خطة سلام اقترحتها الرياض في قمة بيروت العربية العام ٢٠٠٢ تشمل إنشاء دولة فلسطينية أضيف اليها بند يؤكد على حق العودة بإصرار من الرئيس اللبناني إميل لحود.
وتقضي خطة الإطار التي اقترحها كيري الى اعتراف بيهودية دولة إسرائيل ما يعني إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة (مزيد من التفاصيل ص ١٤).
وبدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي رئيس تحرير صحيفة «الحياة»، جميل الذيابي، أن حجم استياء السعودية من سياسة أوباما جسده الاستقبال له على أرض المطار أثناء زيارته الأسبوع الماضي.
وقال الذيابي: «بدا واضحاً حجم الاستياء السعودي من السياسات التي ينتهجها الرئيس الأميركي باراك أوباما في قضايا المنطقة، وذلك من خلال اقتصار استقباله وتوديعه في مطار الرياض على أمير المنطقة ونائبه، مقارنة بزيارته الأولى للمملكة العام 2009». وأضاف الكاتب: يبدو أن «قمة روضة خريم» لم تَحُلْ التباينات الكبيرة في وجهات النظر بين البلدين حول القضايا الراهنة. تختلف الرياض مع واشنطن في ملفات رئيسة: الأزمة السورية، البرنامج النووي الإيراني، الموقف من مصر، والقضية الفلسطينية.
انتقادات
وفي سياق آخر، تعرض الرئيس أوباما، الذي رافقه الى السعودية وزير الخارجية جون كيري، لحملة انتقادات من بعض المنظمات الحقوقية وناشطين في ميدان المجتمع المدني، بسبب عدم تطرقه الى أوضاع حقوق الإنسان خلال محادثاته مع الملك السعودي.
وقبل مغادرته المملكة، التقى أوباما الناشطة المنيف في أحد فنادق العاصمة الرياض لتسليمها جائزة «أشجع إمرأة» التي منحتها وزارة الخارجية الأميركية قبل أسابيع، مشيداً بجهود الطبيبة السعودية أثناء التقاط الصور بينما كان يسلمها الجائزة بقوله «لاقناعهم (السعوديون) بأن هذه المسألة ستحقق أهمية على المدى الطويل».
وقال أوباما في لقائه الناشطة السعودية «لم تتمكن الدكتورة (مها) المنيف من إقامة خدمات هنا في المملكة فحسب، لكنها تمكنت أيضاً وأهم من كل ذلك بطرق ما من تمرير قوانين تنص على حماية النساء والأطفال من العنف المنزلي وتوفير مساحة آمنة ومأوى لأولئك الذين يعانون من العنف الأسري»، مضيفاً «نحن فخورون كثيراً جداً بك ونكنّ امتناناً لك نظراً لما تفعلينه هنا».
لكن الناشطة الحقوقية في المنطقة الشرقية من المملكة نسيمة السادة، عبّرت لوكالة «فرانس برس» عن خيبة أملها إزاء عدم تطرق أوباما لمسألة حقوق الإنسان. وقالت في هذا الشأن إن اللقاء بين أوباما والمنيف كان «مناسباً له سياسياً لكنه لم يوجّه الرسالة الحقيقية للمرأة السعودية من حيث المطالبة بحقوقها». وأضافت «لقد وعد بإثارة موضوع المرأة لكنه لم يفعل. ليس هذا ما كنا نأمله من زيارته»، موضحة أنه «كنا نأمل لقاءه وفداً من الناشطات في المجتمع المدني لشرح أوضاع المرأة وحقوق الإنسان بشكل أفضل».
يكرّم أبطال الرياضة
لاعب البيسبول ديفيد أورتيز يلتقط صورة ذاتية (سيلفي) مع الرئيس أوباما. (رويترز) |
كرم الرئيس الأميركي باراك أوباما، يوم الثلاثاء الماضي في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض، إدارة ولاعبي فريق «بوسطن ريد سوكس» بطل الموسم الماضي في لعبة البيسبول، حيث التقط صوراً تذكارية مع نجوم الفريق وقائده ديفيد أورتيز (في الصورة) الذي قدم للرئيس قميص «ريد سوكس» بالرقم ٤٤، وهو ترتيب أوباما في قائمة رؤساء أميركا. كما كرم أوباما يوم الخميس الماضي أعضاء الفريق الأولمبي الأميركي الذين شاركوا في ألعاب سوتشي الشتوي الشهر الماضي.
وقد انطلق يوم الإثنين الماضي موسم البيسبول لهذا العام بمبارة احتضنها ملعب «كومريكا بارك» في وسط ديترويت، حيث استضاف الـ«تايغرز» فريق «رويالز» القادم من كنساس سيتي، وانتهى اللقاء الإفتتاحي الحاشد جماهيرياً بفوز الفريق الديترويتي (٢-١).
يجدد دعوته لرفع الحد الأدنى للأجور من آناربر
وصل الرئيس الأميركي باراك أوباما ظهر الأربعاء الماضي الى مدينة آناربر، حيث ألقى كلمة في حرم جامعة ميشيغن، جدد فيها دعوته الى رفع الحد الأدنى للأجور الفدرالية تدريجياً من 7,25 دولاراً في الساعة إلى 10,10 دولار بحلول العام ٢٠١٦، قائلاً إن «أميركا تستحق علاوة».
وفي كلمته أمام الطلاب أبدى أوباما دعمه لبعض المرشحين الديمقراطيين في الإنتخابات المقبلة، حيث شكر حضور النائبين غاري بيترز وجون كونيورز كما شكر حضور مرشح الحزب الديمقراطي لسباق حاكم ميشيغن مارك شاور، وزوجة النائب جون دينغل، ديبي دينغل المرشحة لمقعد زوجها الذي قرر التقاعد بعد ٥٨ عاماً قضاها تحت قبة الكابيتول.
وقبل كلمته أمام الطلاب، رافق بيترز الرئيس أوباما لتناول الغداء في مطعم «زينغرمان دلي» بمدينة آناربر، والذي تجاوب مع دعوة الرئيس وقام برفع أجور موظفيه. ويخوض بيترز سباقاً انتخابياً مهماً جداً بالنسبة لأوباما، حيث يسعى للفوز بمقعد الولاية في مجلس الشيوخ بعد قرار السناتور الحالي كارل ليفن بعدم الترشح لولاية جديد. ويحاول الديمقراطيون الإحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي حتى لا يتحول أوباما في العامين الأخيرين من عهده الى رئيس عاجز، أو بطة عرجاء بحسب التعبير الأميركي، حيث من المتوقع أن يحتفظ الجمهوريون بالأغلبية في مجلس النواب ويحاولون انتزاع الأغلبية في الشيوخ.
وفي ختام زيارته الخاطفة الى ميشيغن، توجه الرئيس الى شيكاغو حيث شارك في حفلات خاصة لجمع التبرعات لصالح حملات المرشحين الديمقراطيين في ولاية إلينوي.
Leave a Reply