لوس أنجلوس – «صدى الوطن»
فـي بيفرلي هيلز والمتفرعات الراقية المحيطة بها، تدور أحاديث الصالونات والنميمة هذه الأيام فـي المناسبات الاجتماعية، حول مظاهر وسلوك «الزوار العرب» الأثرياء الذين يتصرفون بشكل مشاكس وسيء جداً من دون مراعاة للقوانين والأعراف فـي هذه الأحياء الراقية من ضواحي لوس أنجلوس.
ففـي وقت سابق من هذا الشهر، قام رجل مجهول بقيادة سيارة نادرة يملكها أمير قطري من نوع «فـيراري» يقدر ثمنها بأكثر من مليون دولار، فـي سباق جنوني مع سيارة من نوع «بورش» (جي تي٣-٩١١) فـي حي سكني هادىء من مدينة بيفرلي هيلز، متجاهلين إشارات التوقف والسيارات والمارة الذين دب بهم الذعر، حسب ما تظهر لقطات الفـيديو المصورة.
وتبيَّن فـي التحقيقات أن السائق كان الشيخ خالد بن حمد آل ثاني من الأسرة الحاكمة فـي قطر، وقد ادعى لدى اعتقاله بأنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية، ثم ولى الأدبار من المدينة، مع سيارتيه الباهظتي الثمن اللتين يملكهما.
القصر الذي ألقي القبض فيه على الأمير السعودي. |
وقد ضربت هذه القضية على الوتر الأمني الحساس فـي المدينة حيث تعهد قائد الشرطة فـي مؤتمر صحفـي بالقول «ان بيفرلي هيلز ستطبق القانون بالتساوي بغض النظر عن من أنت ومن تعرف أو من أين أنت»…
ويوم الأربعاء قبل الماضي، اعتقلت السلطات أميراً سعودياً اتهم بمحاولة إجبار عاملة فـي قصر يستأجره على ممارسة الجنس معه، وفقا لشرطة المدينة.
وحضرت الشرطة إلى المكان بعد بلاغ من العاملة وألقت القبض على الأمير السعودي ماجد عبد العزيز آل سعود، البالغ 28 عاماً للاشتباه فـيه بإجباره عاملة على ممارسة الجنس الفموي معه، وفقا لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز».
وذكرت الشرطة أن الأمير ماجد اعتقل الأربعاء وأفرج عنه بكفالة قدرها 300 ألف دولار تم دفعها فـي اليوم التالي، على أن يمثل أمام المحكمة فـي 19 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
ورغم طرح الشكوك حول إمكانية فراره من البلاد، قالت النقيب تينا نييتو إن شرطة لوس أنجلوس لديها قسم قنصلي خاص مهمته التحقق مع قنصليات الدول الأجنبية بشأن الحصانة الدبلوماسية للأجانب.
وأكدت الشرطة أن هذا الأمير لا يحظى بحصانة دبلوماسية. وفـي هذا الشأن، أوضحت نييتو أن بعض الملوك والأمراء الأجانب يتمتعون بحصانة دبلوماسية، لكن ذلك يعتمد على وضع كبار الشخصيات فـي الدولة الأم، ومستوى الجرم المرتكب فـي الولايات المتحدة.
وأدى الكشف عن حادثة الاعتداء الجنسي التي ارتكبها الأمير السعودي الى القاء الضوء على الثراء الفاحش للزوار العرب، حيث كان الأمير يستأجر قصراً ضخماً مساحته ٢٢ ألف قدم مربع، وقيمته ٣٧ مليون دولار.
لكن جاره تينيسون كولينز قال «ان الزائر الأجنبي كان يستأجر القصر منذ عدة أشهر، وكان حراسه ينتشرون فـي بعض الأحيان فـي المكان. ومن الواضح ان الجيران ليسوا راضين عن ذلك، وإنما كان الوضع هكذا».
سخاء عربي!
جيمي دلشاد، رئيس البلدية السابق لمدينة بيفرلي هيلز، قال لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» إن أصدقاءه يتساءلون «بحق الجحيم من يظن هؤلاء أنفسهم حتى يأتوا الى هنا ويتصرفون بهذا الشكل؟».
ولكن دلشاد، الذي هاجر لأميركا فـي عام ١٩٥٩ من إيران، أيضاً يسارع إلى القول أن هذه الحوادث «العرضية والاستثنائية» لا تغير الواقع بأن هؤلاء الزوار يشكلون عماد القوة الاقتصادية لمدينته التي تعتمد بشكل متزايد «على ما يجود به سخاء هؤلاء النخبة من الزوار العرب».
وبحسب الصحيفة ينفق الأثرياء العرب من دول الخليج ببذخ وترف لا يوصفان، حيث يستأجرون شواطىء خاصة بمبلغ ١٠٠ ألف دولار شهرياً ويشترون الشقق الفخمة والبنتهاوس لأبنائهم الذين يدرسون فـي جامعة كاليفورنيا وجامعة جنوب كاليفورنيا، وفقاً لمعلومات مستقاة من سماسرة العقارات.
«العديد من هؤلاء لا يريدون لفت الأنظار» قال جيف هايلاند، وهو وكيل عقاري يعمل مع الزبائن الأثرياء، وأضاف «ولكن أولئك الصاخبين الذين نسمع عنهم هم من «أفراد العائلات المالكة الذين يلوحون بالكاش (النقود) ويملكون سيارات «لامبورغيني».
وذكرت جولي واغنر، الرئيسة التنفـيذية لمكتب الزوار فـي المدينة، «ان الزوار من الشرق الأوسط وخصوصاً من المملكة السعودية، عززوا لفترة طويلة من أرباح المحلات الفاخرة والفنادق فـي بيفرلي هيلز. وفـي السنوات الأخيرة، شهدت بيفرلي هيلز أيضاً نمواً هائلاً فـي عدد السياح من الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، الذين يجدون موظفـين ناطقين بالعربية لخدمتهم فـي المحلات التجارية الراقية».
وتقيم شركتا «الإمارات» و«الاتحاد» للطيران رحلات مباشرة إلى لوس أنجلوس من دبي وأبو ظبي، كما تعتزم الخطوط الجوية القطرية بدء الخدمة فـي كانون الثاني (يناير).
سياحة راقية
وأكد واغنر أن الأثرياء العرب ينفقون أكثر من باقي السياح الأجانب فـي فنادق بيفرلي هيلز وعموم المنطقة، وهم فـي المرتبة الثانية بعد الزوار الصينيين فـي الإنفاق على قطاع التسوق والشراء. والنساء المسلمات اللواتي يرتدين الحجاب لا يتناولن العشاء الا بأعداد كبيرة فـي أفخم المطاعم مثل «مطعم آيفـي» و«أورث كافـيه»، وهما مطعمان ذوا شعبية فائقة لأنهما يقعان فـي أمكنة يتاح من خلالها مشاهدة السياح والناس المارين.
وبعد ظهر كل يوم سبت، يقوم السياح من الشرق الأوسط وبقية دول العالم عادة بـ«الكزدرة» ذهاباً وإياباً على شارع «روديو». وفـي هذا المضمار أعربت أفنان الغامدي من المملكة السعودية «ان سمعة شارع بيفرلي هيلز الدولية هي نقطة جذب كبيرة فكثير من الناس يأتون إلى هنا لرؤية المتاجر»، مشيرةً إلى محلات ماركات الملابس والأزياء الراقية.
وكانت الغامدي وعائلتها تقضي عطلتها فـي المدينة قبل أن تواصل دراساتها العليا فـي اللغة الإنكليزية فـي مدينة فريزنو. وقد توقفت عند مخزن «رولكس» قبل أن تواصل تبضعها فـي محل «غوتشي». «أنا أحب الأزياء العالمية»، أردفت الغامدي قبل أن يختفـي صوتها مع هدير محرك سيارة «لامبورغيني» ذات اللون الأسود والأصفر وسيارتي «فـيراري» حمراوين وهي تتسابق فـي الشارع ثم سمع زعيق المكابح وهي توقف السيارات عند الإشارة الضوئية الحمراء، بحسب ما نقل مراسل صحيفة «لوس أنجلوس تايمز». الذي قال إن الضوضاء جمعت حشداً كبيراً من النَّاس وقام معظم الأشخاص بالاقتراب محاولين التقاط صور للسيارات الفاخرة من خلال هواتفهم الذكية.
عبد الرضا كلجان فـي المكان، مع صديق فتوقّفا فـي الشارع الشهير وهما فـي اليوم الثاني من رحلتهما من الكويت وكانا يرتديان قميصين متطابقين وسواراً وحزاماً ماركة «لوي فـيتان» لكل منها. «الطقس جميل، والناس لطفاء» قال عبد الرضا ردَّاً على سؤال عن سبب اختياره لزيارة بيفرلي هيلز، واستطرد «أشعر بالسعادة هنا».
لكن تسوق الضيوف الأغنياء لا يقتصر على المجوهرات والعطور والهدايا التذكارية فحسب. بل انهم يشترون أيضاً سيارات من نوع «بنتلي» «أو فـيراري» وغيرها..
اما البعض فـيفضل البقاء فـي الفنادق وقضاء فصل الصيف بأكمله ومن ثم يعود فـي العام المقبل، وكل سنة يأتي مع حاشيته التي يبدو انها تنمو مع كل زيارة. وهذا ما دفع الكثيرين الى شراء قصور وشقق فخمة فـي المنطقة.
«السوق هنا فـي منطقة لوس أنجلوس قوي جداً» قال وكيل العقارات سام ريل، وتابع «إنه مكان جيد بالنسبة لهم لوضع أموالهم. وهنا ترى الكثير من العائلات المالكة تحاول تنويع استثماراتها».a
Leave a Reply