شكراً للأستاذ أسامة السبلاني، ناشر «صدى الوطن» العريقة، ولفريقه الصحفي على تواصله مع بعض أئمة المساجد لمناقشة المشهد والخطاب الديني هنا في مدينتنا العزيزة ديربورن، لاسيما لناحية بعض المناسبات الدينية، كالمسيرات العاشورائية، التي تناولتها الصحيفة مؤخراً في تقرير حمل عنوان: مشاهد «السبي» في «اربعينية الحسين» بديروبورن تثير استياء الجالية.
وقد أصاب الشيخ طالب السنجري –في التقرير الآنف الذكر– حين حمَّل المشايخ ورجال الدين مسؤولية تراجع الخطاب والسلوك الديني نحو الخرافة والتخلف بشكل مريع. ومن ناحيتي أضيف أن العتب، كل العتب، على سماحة المرجع عبد الّلطيف برّي، لتغاضيه عن السلوكيات «المخزية» والخرافات المنتشرة بين عموم المسلمين البسطاء في ديربورن.
لماذا لم يستنكر سماحته مسيرة «السبي» السوداء بمشهديتها الداعشية بامتياز؟ ولماذا لم يتبرأ من الغربان السود، وهو الذي يملك منبراً إعلامياً مهماً. لماذا –مثلاً– لم يكتب الأستاذ غالب الياسري، مستشار «المجمع الثقافي»، عن جدوى إقامة المسيرة–التمثيلية لسبي نساء الحسين (ع)؟
أما الشيخ هشام الحسيني، فالعتب عليه أكبر. فهو المسؤول والداعي للمسيرة الأربعينية كل سنة، حيث تنصَّل من تنظيم «مشهد السبي» المثير للاستفزاز والاشمئزاز، والذي لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال، مبرراً سكوته بأن القائمين على المشهد «غافلوه» و«اندسُّوا بينهم». هذا كلام لا يليق بالشيخ هشام، وهو ليس كلام عالم دين له «قرص في كل عرس إعلامي»، بل هو كلام «فارط» فيه استخفاف وضحك على ذقون البسطاء، خصوصاً من أهل الطرق التي مزقتهم الخطابات الدينيّة غير المسؤولة، وأنهكتهم الشعائر دون طائل، وهم يطمعون بأجرٍ على حساب صورة الجالية والمدينة التي تحتضننا جميعاً.
هذه المسيرات والمشايات والأعلام التي تنصب على البيوت وبعض المراكز الإسلامية، ماذا أضافت للحسين؟ وماذا قدمت للحوراء زينب؟ وهل هذه المشاهد مقبولة هنا في الولايات المتحدة؟ وما الهدف منها؟ هذه الأعلام الكبيرة التي يموجها الهواء والتي تثير حفيظة المسلمين المعتدلين قبل الأميركيين، لماذا يتغاضى عنها شيوخ جاليتنا وعلى رأسهم المرجع آية الله الشيخ عبد اللطيف برِّي؟
لماذا التركيز على المظهر دون الجوهر؟ لماذا يركز الخطاب الديني على مأساة الإمام الحسين: حسين مظلوم، حسين غريب، وحسين مغصوب، حتى أنه قلما يُذكر الله عزَّ وجل وقلما يُذكر النبيّ محمَّد عليه السلام في الخطاب الديني. لماذا هذا الشحن الطائفي هنا؟ دعونا نعيش، دعونا نفكّر بعيداً عن الخزعبلات. دعوا الناس تعرف الصراط المستقيم لله العلي القدير، كي نتقرب من دفء الإيمان. تحدّثوا للأجيال، لأولادنا وأحفادنا عن النبي محمد ورسالته التي غيّرت وجه التاريخ بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والسلوك القويم. علموهم كيف وصل الإسلام إلى الصين بصدق وأمانة التجار المسلمين، وليس بالكذب والتحايل على نظام «الولفير» والمساعدات الاجتماعية، التي يعيش عليها معظم الذين يدعون عشق الحسين (ع)، الذين يجدون لذّة وشطارة في النصب واغتصاب حقوق المستحقين والمحتاجين لتلك المساعدات.
من المثير للاستغراب ألا نسمع استنكاراً أو استهجاناً من قِبل مشايخ ديربورن وسادتها، لكل ما يسيء للإسلام وكل ما يقترف باسم هذا الدين الحنيف. هل هذا هو الإسلام الذي نفخر به؟ أم أنه الطريق إلى هاوية الإلحاد ونكران الله وأنبيائه؟
كيف أجيب، وغيري الكثيرون، عندما يتساءل جاري أو زميلي الأميركي في العمل عن ما يسمعه في الإعلام عن تخاريف وممارسات ما أنزل الله بها من سلطان. ألا تقولون –بمناسبة وبدون مناسبة– إنه «لكل مقام مقال»، فلماذا لا تأخذون بعين الاعتبار اختلاف البيئة الثقافية في هذه البلاد؟
Leave a Reply