آناربر – خاص “صدى الوطن”
يزور الشاعر السوري المرشح لجائزة نوبل في الآداب أدونيس (علي سعيد إسبر) جامعة ميشيغن-آن آربر، ويحل ضيفاً على الجامعة عبر أسبوع أدونيسي في تشرين الأول (أكتوبر) الجاري يتضمن قراءات شعرية ولقاءات وحوارات تتصل بالشعر وقضاياه.
ويعتبر أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل، هو الذي لم يعرف المدرسة النظامية قبل سن الثالثة عشرة من عمره. ولد في قصابين، إحدى قرى اللاذقية عام 1930، وتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم على يد أبيه. ألقى قصيدة وطنية من شعره أمام شكري القوتلي، رئيس الجمهورية السورية حينذاك، والذي كان في زيارة للمنطقة فنالت قصيدته الإعجاب، فأرسلته الدولة إلى المدرسة العلمانية الفرنسية في طرطوس، فقطع مراحل الدراسة قفزاً، وتخرج من جامعة دمشق متخصصاً في الفلسفة سنة 1954.
درّس في الجامعة اللبنانية، ونال درجة الدكتوراة في الأدب عام 1973 من جامعة القديس يوسف، وأثارت أطروحته “الثابت والمتحول” سجالاً طويلاً. بدءاً من عام 1955، تكررت دعوته كأستاذ زائر إلى جامعات ومراكز للبحث في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وألمانيا. تلقى عدداً من الجوائز العالمية وألقاب التكريم وتُرجمت أعماله إلى ثلاث عشرة لغة.
استطاع أدونيس أن ينقل الشعر العربي إلى العالمية. ومنذ مدةٍ طويلة، يرشحه النقاد لنيل جائزة نوبل للآداب. كما أنه، بالإضافة لمنجزه الشعري، يُعدّ واحداً من أكثر الكتاب العرب إسهاما في المجالات الفكرية والنقدية بالإضافة لإتقانه الرسم وخاصة بـ”الكولاج”.
نال أدونيس في مسيرته الطويلة جوائز أدبية وشعرية كرسته كواحد من أبرز الشعراء العرب على مستوى العالم إضافة الى اعتباره مرشحاً دائما لجائزة نوبل في الآداب. وفيما يلي أبرز الجوائز التي حصدها:
– جائزة الشعر السوري اللبناني. منتدى الشعر الدولي في بيتسبورغ، الولايات المتحدة 1971.
– جائزة جان مارليو للآداب الأجنبية. فرنسا 1993.
– جائزة فيرونيا سيتا دي فيامو روما. إيطاليا 1994.
– جائزة ناظم حكمت. إسطنبول 1995.
– جائزة البحر المتوسط للأدب الأجنبي. باريس، فرنسا.
– جائزة المنتدى الثقافي اللبناني. باريس، فرنسا 1997.
– جائزة التاج الذهبي للشعر. مقدونيا 1998.
– جائزة نونينو للشعر. إيطاليا 1998.
– جائزة ليريسي بيا. إيطاليا 2000.
•
وأثار أدونيس في أعماله الشعرية والنقدية جدلا واسعا في الأوساط الثقافية على مدى أربعة قرون أصدر خلالها أعمالا شعرية لاقت رواجاً واسعاً مثل “أغاني مهيار الدمشقي” و”كتاب التحولات والهجرة في أقاليم النهار والليل” و”هذا هو اسمي” و”الكتاب”.
وفي مجال النقد عرف أدونيس بمشاغباته التي توجت بإصداره للمجلة النقدية “مواقف” التي تصدت بجرأة كبيرة لمسائل التراث والتاريخ والثقافة والدين والسلطة، إضافة الى منتجه الأبرز في هذا المجال كتاب “الثابت والمتحول” في أجزائه الأربعة.
برنامج زيارة أدونيس
وعبر أربع إطلالات، سيقدم أدونيس أمسية شعرية ومحاضرة ولقاء شعري على طاولة مستديرة وندوة حوارية، حسب البرنامج التالي:
– الاثنين 11 تشرين الأول، الساعة 5:10 قراءات شعرية على “مدرج هيلمت ستيرن” في مدينة آناربر على العنوان 525 S. State St.
– الثلاثاء 12 تشرين الأول، محاضرة بعنوان “قراءة في الشعر المترجم” على العنوان 202 South Thayer St. قاعة ٢٠٢٢.
– الأربعاء 13 تشرين أول، لقاء شعري على طاولة مستديرة. في قاعة هوبوود في “أنغيل هول” على العنوان S. State 435
– الخميس 14 تشرين أول، ندوة حوارية مع الشاعر والمترجم د. خالد مطاوع والبحث لورانس جوزيف. وذلك في مكتبة “هارلين هاتشر” القاعة ١٠٠، على العنوان 193 S. University.
مختارات من شعر أدونيس
أول الشعر
أجمل ما تكونُ أن تُخلخلَ المدى
والآخرون – بعضهم يظنّك النّداءَ
بعضهم يظنّك الصّدى.
أجمل ما تكونُ أن تكون حجّةً
للنور والظّلامِ
يكون فيك آخرُ الكلامِ أوّلَ الكلامِ
والآخرون – بعضهم يرى إليك زبدًا
وبعضهم يرى إليك خالقًا.
أجمل ما تكون أن تكون هدفًا –
مفترقًا
للصمت والكلام.
هذا هو اسمي
ماحيًا كل حكمةٍ هذه ناريَ
لم تبقَ – آيةٌ – دميَ الآيةُ
هذا بدْئي
دخلتُ إلى حوضكِ أرضٌ تدور حوليَ
أعضاؤكِ نيلٌ يجري
طَفَونا ترسَّبْنا
تقاطعتِ في دمي قطعَتْ صدركِ أمواجيَ
انْهصرتِ لنبْدأ: نسيَ الحبُّ شفرَةَ الليل هل
أصرخُ أنَّ الطوفان يأتي? لِنبْدأ: صرخةٌ
تعرج المدينةَ والناسُ مرايا تمشي إذا عبَر الملحُ
التقينا هل أنتِ?
– حبِّيَ جرحٌ
جسديَ وردةٌ على الجرح لا يُقطَفُ إلاّ موتًا. دمي
غُصُنٌ أسلم أوراقَه استقرَّ…
هل الصخرُ جوابٌ? هل موتكِ السيدُ النائم
يُغْوي? عندي لثدييكِ هالاتُ وَلوعٍ لوجهك الطفل
وجهٌ مثلهُ… أنتِ? لم أجدكِ.
وهذا لهبي مَاحيًا
دخلتُ إلى حوضكِ عندي مدينةٌ تحت
أحزانيَ عندي ما يجعل الغُصنَ الأخضرَ ليلاً
والشمسَ عاشقةً سوداءَ عندي…
تقدَّموا فقراءَ الأرض غطّوا هذا الزّمان بأسمالٍ
ودمْعٍ غطّوهُ بالجسد الباحث عن دفئِه… المدينةُ
أقواسُ جُنونٍ رأيتُ أن تلدَ الثورة أبناءَها، قبرت
ملايين الأغاني وجئتُ (هل أنتِ في قبريَ)? هاتي
ألمسْ يديكِ اتبعيني.
زَمني لم يجىءْ ومقبرة العالم جاءت عندي
لكل السلاطين رمادٌ هاتي يديك اتبعيني…
قادِرٌ أن أغيِّر: لغْمُ الحضارة – هذا هو اسْمي.
شجرة الحنايا
في حقول الكآبةِ ، في العشب أرسمُ أيّامي الحَجَرِيّهْ
كاسراً صفحةَ المرايا
بين شمس الظهيرة والماءِ في البُركةِ الآدميّهْ.
سنَواتي تُهاجرُ كالجوع تنهارُ في غابة الحنايا
سَنَواتٌ …
رأيتُ مناقيرها تَتَشابكُ، تنْهارُ في غابةِ الحنايا
بين أعْشاشِها الأبَديّهْ.
أول الكيمياء
لا أريدُ لمهيارَ أن يترسّمَ خَطّ السّوادِ-
يكون، إذن ، عاصياً.
لا أريد لمهيار أن يترسّمَ خَطّ البياضِ-
يكون، إذن، طيّعاً.
لا أُريد له أن يكون القرارَ
ولا أن يكونَ جواباً-
بل أريد لمهيارَ أن يتلبّسَ وجهَ الفضاءْ
…
مَرْحباً، زهرةَ الكيمياءْ
نحن، هذا الصّباحَ، شقيقانِ-نِدّانِ،
والكونُ فينا سواءْ.
قصيدة إلى الغريبة
أسألُ ماذا أكتبُ
لزوجتي الغريبةِ – العاشقةِ الصَغيرهْ
وورَقي، إذا حضرتُ، يهربُ
وريشتي في طرَف الجزيره
حمامةٌ تلتهبُ.
أسألُ ماذا أكتبُ؟
غريبةٌ
أجفانُها سلالمُ وجُدُرُ
غريبةٌ لأنها تحبّ غيرَ نفسِها
لأنها تحيا لجارٍ بائسٍ
لطفلةٍ شريدةٍ،
لأنّها، الأعمى تقود خطوَهُ
تفرشُ عينيها لَهُ
غريبةٌ لأنها تبدلُ كلّ مقصلَه
بسنبلَهْ.
لأنها تحترقُ
لكي تجيءَ الطُّرُقُ.
…
أعرف أنّ حلمها يطولُ
أعرف أن شَعْرها يطولُ
أعرف أن سرّها يطولُ
أعرفها…
تختصرُ الكونَ بلفتتين.
أعرف أن بيتها ينتظرُ
ويسهرُ
وأنه التجربةُ الصميمةُ
الطّالعةُ، الآنَ، غدا
وأنه الحب الذي يبتكر
ويسهرُ…
Leave a Reply