القاهرة – صادف الثلاثاء الماضي الذكرى الاربعين لوفاة الزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي شكل حالة رمزية في الوطن العربي لم يسبق ان نازعه عليها احد خلال القرن العشرين. وجاءت الذكرى الاربعين لوفاة عبد الناصر في ظل عودة الجدل حول وفاته واتهام الرئيس المصري الاسبق انور السادات بتسميمه بفنجان قهوة، وما كشف عنه الكاتب محمد حسنين هيكل في برنامجه “تجربة حياة” على قناة “الجزيرة” مؤخراً.
مؤيدو عبد الناصر يعتبرونه “رمزا وقائدا” ساهم خلال مسيرته في القضاء على الاقطاع والفساد في مصر بعد سنوات من حكم الملك فاروق الذي اطيح به في ثورة “23 يوليو” بشكل اعاد للشعب احترامه وقوته، ولدوره في تأميم قناة السويس والسيطرة على مقدرات البلد من الاستعمار الى سياسة الاصلاح الزراعي والصناعي وتنمية القطاعات الاخرى، الامر الذي ادى الى ازدهار الاقتصاد المصري، الى جانب مشروع بناء السد العالي الذي حمى مياه النيل، والاراضي المحيطة حوله من الفيضانات.
ويعتبر مناصرو عبد الناصر بانه كان السد امام الاطماع الغربية لنهب ثروات الوطن العربي واستعمارها بكافة السبل والوقوف في وجه “الصهيونية”، الى جانب انه كان رمزا للقومية والوحدة العربية، وهو الامر الذي ساهم في بروز الفكر الناصري الذي تبناه الكثيرون من بعده.
اما معارضوه، فيعتبرون انه كان دكتاتورا ساهم في اقصاء الاخرين عن الحكم ورفض المشاركة على مبدأ الديمقراطية، ومن اهم من عارضه ابان فترة حكمه هم “الاخوان المسلمون”، حيث تم اتهامهم بالتدبير لمحاولة اغتياله والانقلاب على حكمه اكثر من مرة، واتهموه بانه سجن المئات من عناصرهم وعذبهم في سجونه.
وخرجت أصوات أخرى بعد نكسة حزيران 67 اتهمت عبد الناصر بانه كان سببا في الهزيمة بشكل مباشر، حيث قرر التنحي بعد الهزيمة عن الحكم الا ان خروج المصريين الى الشارع جعله يعدل عن فكرته.
وبرز قول “ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة” لجمال عبد الناصر كواحد من اشهر الاقوال التي يتم تداولها على نطاق واسع بين الناس، وخصوصا في ظل الازمات التي يعاني منها الوطن العربي في الوقت الراهن.
ويستذكر محبو عبد الناصر كل عام مواقفه خصوصا في ظل التراجع المستمر للسياسة المصرية الحالية في التعامل مع قضايا الامة العربية والانصياع لرغبات “الامبريالية والصهيونية” التي ناضل عبد الناصر لمواجهتها.
ولد جمال عبد الناصر في 15 كانون الثاني (يناير) 1918 وتوفي في 28 ايلول (سبتمبر) 1970. وهو ثاني رؤساء مصر. تولى السلطة من سنة 1954، بعد أن تم عزل الرئيس محمد نجيب، إلى وفاته سنة 1970. وهو أحد قادة ثورة 23 تموز (يوليو) 1952، ومن أهم نتائج الثورة هي خلع الملك فاروق عن الحكم، وبدء عهد جديد من التمدن في مصر والاهتمام بالقومية العربية والتي تضمنت فترة قصيرة من الوحدة بين مصر وسوريا ما بين سنتي 1958 و1961، والتي عرفت باسم الجمهورية العربية المتحدة. كما أن عبد الناصر شجع عدداً من الثورات في أقطار الوطن العربي وعدد من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
ولقد كان لعبد الناصر دور قيادي وأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964 ومجموعة دول عدم الانحياز.
ويعتبر عبد الناصر من أهم الشخصيات السياسية في الوطن العربي وفي العالم النامي في القرن العشرين والتي أثرت تأثيرا كبيرا في المسار السياسي العالمي.
عرف عن عبد الناصر قوميته وانتماؤه للوطن العربي، وأصبحت أفكاره مذهبا سياسيا سمي باسمه تيمناً وهو “الفكر الناصري” والذي اكتسب الكثير من المؤيدين في الوطن العربي خلال فترة الخمسينيات والستينيات.
وبالرغم من أن صورة جمال عبد الناصر كقائد اهتزت إبان نكسة 67 إلا أنه ما زال يحظى بشعبية وتأييد بين كثير من مؤيديه، والذين يعتبرونه “رمزا للكرامة والحرية العربية ضد استبداد الاستعمار وطغيان الاحتلال”.
توفي سنة 1970، وكانت جنازته ضخمة جدا خرجت فيها أغلب الجنسيات العربية حزنا على رحيله.
إنجازاته
اعتبر الرئيس ناصر من أبرز الزعماء المنادين بالوحدة العربية وهذا هو الشعور السائد يومذاك بين معظم الشعوب العربية. وكان “مؤتمر باندونغ” سنة 1955 نقطة انطلاق عبدالناصر إلى العالم الخارجي.
دعم الرئيس عبد الناصر القضية الفلسطينية وساهم شخصيا في حرب سنة 1948 وجرح فيها. وعند توليه الرئاسة اعتبر القضية الفلسطينية من أولوياته لأسباب عديدة منها مبدئية ومنها إستراتيجية تتعلق بكون قيام دولة معادية على حدود مصر سيسبب خرقا للأمن الوطني المصري. كما أن قيام دولة إسرائيل في موقعها في فلسطين يسبب قطع خطوط الاتصال التجاري والجماهيري مع المحيط العربي خصوصا الكتلتين المؤثرتين الشام والعراق لذلك كان يرى قيام وحدة إما مع العراق أو سوريا أو مع كليهما.
وكان لعبد الناصر دور بارز في مساندة ثورة الجزائر وتبني قضية تحرير الشعب الجزائري في المحافل الدولية، وسعى كذلك إلى تحقيق الوحدة العربية؛ فكانت تجربة الوحدة بين مصر وسوريا في شباط (فبراير) 1958 تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة، وقد تولى هو رئاستها بعد أن تنازل الرئيس السوري شكري القوتلي له عن الحكم، إلا أنها لم تستمر أكثر من ثلاث سنوات.
كما ساند عبد الناصر الثورة العسكرية التي قام بها ثوار الجيش بزعامة المشير عبد الله السلال في اليمن بسنة 1962 ضد الحكم الإمامي الملكي حيث أرسل عبد الناصر نحو 70 ألف جندي مصري إلى اليمن لمقاومة النظام الملكي الذي لقي دعما من المملكة العربية السعودية. كما أيد حركة تموز 1958 الثورية في العراق التي قادها الجيش العراقي بمؤازرة القوى السياسية المؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني للاطاحة بالحكم الملكي في 14 تموز 1958.
ومن إنجازاته أيضاً:
– وافق على مطلب السوريين بالوحدة مع مصر في الجمهورية العربية المتحدة، والتي لم تستمر أكثر من ثلاث سنين تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة (1958- 1961) وسط مؤامرات دولية وعربية لإجهاضها.
– استجاب لدعوة العراق لتحقيق أضخم إنجاز وحدوي مع العراق وسوريا بعد تولي الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف رئاسة الجمهورية العراقية بما يسمى باتفاق 16 نيسان (أبريل) 1964.
– قام بتأميم قناة السويس وبناء السد العالي على نهر النيل.
– تأسيسه منظمة عدم الانحياز مع الرئيس اليوغوسلافي تيتو والإندونيسي سوكارنو والهندي نهرو.
– تأميم البنوك الخاصة والأجنبية العاملة في مصر.
– وضع قوانين الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية الزراعية والتي بموجبها صار فلاحو مصر يمتلكون للمرة الأولى الأرض التي يفلحونها ويعملون عليها وتم تحديد ملكيات الاقطاعيين بمئتي فدان فقط.
– إنشاء التلفزيون المصري (1960)
– وضع قوانين يوليو الاشتراكية (1961)
– إبرام اتفاقية الجلاء مع بريطانيا العام 1954، والتي بموجبها تم جلاء آخر جندي بريطاني عن قناة السويس ومصر كلها في الثامن عشر من يونيو 1956.
– بناء ملعب القاهرة الرياضي في مدينة نصر.
– إنشاء كورنيش النيل.
– إنشاء معرض القاهرة الدولي للكتاب.
– التوسع في التعليم المجاني على كل المراحل.
– التوسع المطرد في مجال الصناعات التحويلية.
Leave a Reply