يقول المثل الإنكليزي الشائع: “فتش عن المرأة”!. ففي كل واقعة ثمة دور بارز أو خفي لإمرأة ما. وسيكون التعرف عليها مفتاحا لحل الألغاز. وهكذا عرس الانتخابات البرلمانية العراقية الأخير، الذي تمخض عن العديد من الالتباسات، ما بين اتهامات بالتزوير، وتأويل لتعبير “الكتلة الفائزة”، التي سيكون من حصتها منصب رئيس الوزراء، الأهم بين المناصب الرئاسية، ومن حقها تشكيل الحكومة الوزارية.
وفيما تصاعدت الى الذروة دراما الصراع على تسنم منصب رئاسة الوزراء، بين نوري المالكي رئيس قائمة “ائتلاف دولة القانون” وإياد علاوي رئيس قائمة “الكتلة العراقية”، كان هناك من يطبق المثل الانكليزي السابق الذي ينصح بالتفتيش عن المرأة، ليصبح: وجدتها!.. إنها المرأة اللبنانية..
لقد جاء وقت تطبيق الدستور لحسم الصراع، ذلك أن الرئيس إياد علاوي.. مولود لأم لبنانية، فيما ينص الدستور العراقي على شرط أن يكون الرئيس من أبوين عراقيين.
إلا أن الدستور لم يشترط ولادة الأم في العراق، والمرحومة والدة علاوي، كانت قد اكتسبت الجنسية العراقية قبل منتصف القرن الماضي. إن هذه الحجة كادت أن تفتح باب تعقب اصول السياسيين العراقيين ونسبة اختلاط الدماء في عروقهم.
فوالدة الرئيس علاوي من عائلة عسيران اللبنانية العريقة، وكذلك من نفس العائلة والدة السياسي أحمد الجلبي (الذي حاز الجنسية اللبنانية، كذلك، بل شارك في أحد مؤتمرات التفاهم اللبنانية الصعبة، بوصفه لبنانيا ووسيطا لحل النزاعات. كما ورد في مذكراته المنشورة في جريدة الحياة اللندنية).
كذلك السياسية النائب صفية طالب السهيل مولودة لأم لبنانية. والقائمة تطول، حتى إن عائلة آل السيد الحكيم، المتصدية سياسيا اليوم، تختلط في عروقهم دماء الآباء بدماء الأمهات اللبنانيات الكريمات.
حتى إن السلطات الأمنية في النظام العراقي السابق، تصنف آل الحكيم بوصفين هما: حكيم لبنان وحكيم جوبان. وجوبان هذه قرية على أطراف مدينة النجف، ومواطنوها اعتياديون، بل كانت المعارضة صنو حكيم لبنان.
إن الوشائج العائلية هذه ما كانت سوى صلة قربى بين أبناء شعبين مختلفين من حيث أنظمة الحكم في بلديهما. أبناء شعب طالما كانت أنظمة حكمه دكتاتورية شمولية وأخوال يتمتع نظامهم بالحرية ويمور بتعدد الآراء. إلا أن تقلب الأحوال وضع العراق في سياق الحرية والديمقراطية بذات التنوع المذهبي.
المقولة الشائعة في عالم النشر الثقافي التي تقول: لبنان يطبع، والعراق يقرأ، فهل قرأ العراقيون ما يكفي لفهم الخطاب السياسي اللبناني؟
وهل إنه سيبدد الوقت والدم في تتبع المقدمة المروعة، المكتوبة في 13 نيسان 1975 يوم انطلاق شرارة الحرب الأهلية المشؤومة؟
أم أن العراق سيستخلص فحوى الخاتمة الحكيمة، المكتوبة في 13 نيسان 2010، موعد انطلاق فعاليات الأسبوع الرياضي المقام تحت عنوان: “كلنا فريق واحد”؟ وإجراء المباراة الرمزية حيث نزل رؤساء ونواب ووزراء لبنان الى الساحة ضمن فريق واحد، لا فرق متعددة، وبروح رياضية يريدون تعميمها على كافة اللبنانيين الذين تسببت الخلافات السياسية والطائفية والمذهبية في التفرقة بينهم؟ إذ خلقهم الله ليتعارفوا، لا ليتعاركوا!
رسالة كتبها للبنانيون بنسخ منها إلى أولاد أخواتهم من العراقيين، مفادها أن الضغينة والاستئثار والإقصاء لا يمكن أن تجلب غير الدمار، وأن الانقسام والتقسيم لا يعودان علينا إلا بالخراب، وإن الآخرين لا يمكن أن يكونوا أحرص منا على دمائنا وأموالنا، ولتكون نهاية المطاف معقولة لا بد أن ينتصر الحوار الهادئ على كواتم الصوت، وإرادة الله على شر الشيطان!
إن السياسي العراقي الذي رضع حليب الامهات اللبنانيات ، أو شقيقه في السياسة العراقية، عليه عرفانا بالجميل، أن يكون مصغيا لهذه الرسالة، ساعيا لوحدة، سياسية أو معنوية، بين بلدي الديمقراطية والحرية… والحكمة: العراق ولبنان
Leave a Reply