واشنطن – في وقت لا تزال فيه المناقشات بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء الأغلبية الجمهورية والديمقراطية في الكونغرس حول سقف الدين الأميركي عالقة، رغم ضيق الوقت المتبقي الذي يسمح للحكومة الفدرالية بدفع مستحقاتها، أظهرت المؤشرات الاقتصادية الأميركية ضعفاً ملحوظاً قد يكون له انعكاسات خطيرة في حال لم يتوصل الطرفان الى اتفاق يمكّن حكومة الولايات المتحدة من الاستمرار وعدم إعلان الإفلاس.
وحذر مسؤولون من أن الاخفاق في رفع الحد قد يعطل الانتعاش الاقتصادي ويعرض النظام المالي العالمي للخطر.
وفي حال مرّ الأسبوع المقبل دون توصل الى اتفاق سيقرع ناقوس الخطر في الولايات المتحدة والعالم، ويؤكد اوباما انه “يجب حصول الاتفاق” الذي يقضي برفع سقف الدين لتتمكن وزارة الخزانة الأميركية من إصدار سندات للحصول على الأموال اللازمة لتمويل نفقاتها، خاصة وأن قدرة الخزانة على التمويل سستوقف بعد ٢ آب (أغسطس) المقبل.
والتقى الرئيس الاميركي خلال الأسبوع الماضي عدة مرات ابرز قادة الكونغرس ومنهم حلفاءه الديموقراطيون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ وكذلك خصومه الجمهوريين الذين يستحوذون على الغالبية في مجلس النواب، وذلك للتداول في شأن الوضع المالي من إقرار الميزانية ورفع سقف الدين.
وتهدف المحادثات الى التوصل الى اتفاق في الكونغرس لرفع السقف القانوني للمديونية. وعلى الكونغرس التصويت على هذا التدبير قبل الثاني من شهر آب والا لن تستطيع الدولة الفدرالية الاقتراض لتغطية عجزها، وسيكون لذلك اثار “لا يمكن التكهن بها” بالنسبة للاسواق والاقتصاد العالمي.
الا ان المعارضة الجمهورية ترفض رفع هذا السقف اذا لم تلتزم الادارة الديموقراطية في المقابل بتقليص النفقات العامة بقيمة مضاهية على الاقل. غير ان الديموقراطيين يرفضون تقليص النفقات الاجتماعية وينادون في المقابل بزيادة الضرائب على الاثرياء.
مباحثات سرية
وفي سياق آخر، قالت مصادرة مطلعة على سير الأحداث لوكالة “رويترز” ان فريقا مصغرا من مسؤولي وزارة الخزانة يبحثون الخيارات المتاحة من أجل درء مخاطر التخلف عن السداد للديون الأميركية إذا ما فشل الكونغرس في التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. وجاء ذلك على الرغم من تأكيد كبار المسؤولين بما فيهم وزير الخزانة تيموثي غايتنر نفسه عدم وجود خطط للطوارئ إذا لم يعط المشرعين الحكومة الضوء الأخضر لرفع سقف الدين.
لكن مصادر من وراء الكواليس أشارت إلى أن مسؤولي وزارة الخزانة يحاولون استكشاف سبلا لمنع حدوث إنهيار مالي إذا ما أصبحت الحكومة غير قادرة على خدمة دينها العام.
ومن المعلوم أن الحكومة الأميركية تقترض حوالي 125 مليار دولار كل شهر، في حين ترغب إدارة أوباما في رفع سقف الدين بحوالي تريليوني دولار من أجل تلبية احتياجات البلاد الأساسية حتى الإنتخابات الرئاسية عام 2010.
من جانبها حذرت الرئيسة الجديدة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من عواقب وخيمة على الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي إذا أخفق الساسة الأميركيون في الاتفاق على رفع سقف الديون السيادية الأميركية الذي يجري التباحث بشأنه منذ عدة أسابيع. وأوضحت لاغارد أن تخلف الولايات المتحدة عن سداد مستحقات عليها إذا لم ترفع الاستدانة سيؤدي إلى ارتفاع في أسعار الفائدة وسيسبب انهيارات بأسواق المال العالمية.
مؤشرات سلبية
وفي سياق آخر ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 9,2 بالمئة في الشهر الماضي مسجلا أعلى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وتباطأ التوظيف في حزيران (يونيو) حيث سجلت الوظائف الجديدة أدنى مستوى في تسعة أشهر مما حطم الآمال في استعادة القوة الدافعة للاقتصاد بعد تعثرها في الأشهر القليلة الماضية. وقال مكتب إحصاء العمل التابع لوزارة العمل إن عدد العاطلين عن العمل استقر على 14,1 مليون عاطل.
ويشمل معدل البطالة الرسمي فقط الأفراد الذين يبحثون بشكل نشط عن فرصة عمل.
ومن ناحية أخرى، قالت وزارة الخزانة الاميركية يوم الاربعاء الماضي ان عجز الميزانية في حزيران (يونيو) انخفض الى 43,08 مليار دولار من حوالي 68 مليار قبل عام أي بنسبة 37 بالمئة مع استمرار ارتفاع عائدات الضرائب.
كما تراجع الدولار الاميركي مقابل أغلب العملات الرئيسية منتصف الأسبوع الماضي بعدما حذرت مؤسسة “موديز” للتنصيف الائتماني الاربعاء الماضي من أن الولايات المتحدة ربما تفقد تصنيفها عند أعلى الدرجات.
الاميركيون اكثر تشاؤما
أظهر استطلاع للرأي أجرته “رويترز” ومؤسسة “ابسوس” ونشر يوم الاربعاء الماضي أن الاميركيين متشائمون للغاية بشأن المستقبل مع تزايد المخاوف الاقتصادية وتعثر المحادثات التي يجريها البيت الابيض بشأن الدين الاميركي. وارتفع عدد الاميركيين الذين يعتقدون أن بلادهم لا تسير على الطريق الصحيح الى 63 بالمئة بعد أن كانت نسبتهم 60 بالمئة في حزيران مع ارتفاع معدلات البطالة واستمرار الخلاف بين البيت الابيض والكونغرس مما يبدد الامال في انتعاش اقتصادي سريع.
لكن الناخبين لا يحملون الرئيس أوباما المسؤولية عن المشاكل فيما يبدو حتى الان. وظل معدل التأييد لاوباما ثابتا نسبيا عند 49 بالمئة منخفضا نقطة مئوية عنه في حزيران. وانخفض معدل التأييد له بين المستقلين الذين يحتاجهم اوباما للفوز بولاية رئاسية ثانية الى 39 بالمئة بعد أن كان 44 بالمئة.
وعند السؤال عن الالتزامات التي يمكن للحكومة التوقف عن سدادها اذا لم يتم رفع حد الدين أشار 36 بالمئة الى جهات الاقراض الدولية مثل البنوك في حين ذكر 12 بالمئة وزارات مثل الزراعة والتعليم.
Leave a Reply