واشنطن – يستعد الرئيس الأميركي باراك أوباما لتقديم خطته لميزانية العام المالي 2014 إلى الكونغرس منتصف آذار (مارس) القادم، في الوقت الذي لا تزال أزمة المديونية وسقف الدين تنذر بعواقب إقتصادية وخيمة. وفيما يحتاج الحزبان، الديمقراطي والجمهوري، الى التوافق في مجلسي النواب والشيوخ بشأن الميزانية قبل انتهاء المهلة التي سمح فيها الكونغرس بتجاوز سقف الدين الفدرالي والتي تنتهي في ١٩ أيار (مايو) المقبل، استبعد أوباما في طرحه الأولي لجوء إدارته إلى فرض ضرائب جديدة بهدف الحصول على إيرادات إضافية من أجل سداد الدين العام للحكومة الفدرالية والذي يفوق ١٤,٦ تريليون دولار.
واقترح الرئيس بدلا من ذلك رفع سقف الدين مع القيام «بتخفيضات ذكية للإنفاق»، وكذلك إغلاق الثغرات الموجودة في النظام الضريبي لتأمين إيرادات إضافية للدولة الفدرالية. وأبرز ما جاء في كلمة الرئيس اقتراحه تمرير حزمة صغيرة من التخفيضات في النفقات، فإلى جانب الإصلاحات الضريبية سيصبح بإمكان هذه التخفيضات، حسب أوباما، تأجيل اقتطاعات فدرالية كبرى من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ خلال الشهر القادم بسبب بلوغ «سقف الدين» الذي يفرضه الكونغرس على الميزانية الفدرالية، حسب القانون الأميركي.
ومع احتفاظ الجمهوريين بالأغلبية في مجلس النواب، يزداد موقفهم صرامة فإنهم يطالبون الإدارة بإجراءت تقشفية حادة لاسيما في مجالات الإعانات الإجتماعية، ويرفضون زيادة الضرائب على الأغنياء لأن ذلك برأيهم سيكبد سوق العمل الأميركي خسائر فادحة. وكان الرئيس الأميركي قد وقع الشهر الماضي اتفاقا مع الكونغرس لزيادة الضرائب على الأسر التي يزيد دخلها السنوي عن 450 ألف دولار. وأدى هذا الاتفاق الذي اعتبر «تنازلاً جمهورياً» إلى تفادي ما يعرف باسم «الهاوية المالية» التي كانت ستسبب تطبيقاً تلقائياً لحزمة زيادات ضريبية وتخفيضات بالإنفاق بقيمة 600 مليار دولار لسداد نفقات الحكومة.
وقال أوباما إن الأثرياء الذين يمتلكون «الكثير من المحاسبين والمحامين» يستطيعون استغلال ثغرات النظام الضريبي للتهرب من التزاماتهم، في حين لا يستطيع المواطن العادي ذلك. لكن رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر أكد أنه سوف يعارض أي تأجيل في التخفيضات التلقائية في النفقات والتي من المفترض أن تدخل حيز التنفيذ فى الأول من شهر آذار إذا لم يستبدلها الكونغرس بـ«تخفيضات إضافية وإصلاحات». كما أكد باينر أن على الديمقراطيين بمجلس الشيوخ والرئيس أوباما التوصل إلى خطة بديلة لتخفيض النفقات، قائلاً أنه على أتم الاستعداد للعمل معهم. وقال باينر في مؤتمر صحفي بواشنطن «في مرحلة ما يتعين على واشنطن ان تعالج مشاكلها الخاصة بالانفاق».
وفي الشهر الماضي وافق الكونغرس بشكل نهائي على إرجاء استحقاق سقف الدين حتى أيار (مايو) المقبل، مانحا الساسة الأميركيين أكثر من ثلاثة أشهر للتوافق على الموازنة وتفادي أزمة جديدة.
ويسمح الاتفاق الأخير للحكومة الأميركية بتجاوز الحدود القانونية لسقف الدين الذي يبلغ نحو 16,4 تريليون دولار تم بلوغه يوم 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وكانت وزارة الخزانة قد أعلنت أن هامش المناورة لديها لا يتعدى بضعة أسابيع حتى نهاية شباط (فبراير) الجاري أو بداية آذار (مارس) القادم، قبل أن تصبح عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها.
وسيمنح تعليق سقف الدين كلا من الكونغرس والبيت الأبيض وقتا لإعداد مشروع موازنة يتضمن تقليصا على المدى المتوسط للعجز التشغيلي للحكومة الذي زاد على تريليون دولار سنويا خلال عدة أعوام ماضية.
وقد أعلن مكتب الميزانية بالكونغرس الثلاثاء الماضي عن توقعه أن الاقتصاد الأميركي سينمو بنسبة 1,4 بالمئة في عام 2013، كما توقع نمواً بمقدار 3,4 بالمئة في عام 2014. ولكنه توقع ارتفاع معدل البطالة من 7.9 بالمئة في الوقت الحالي إلى 8 بالمئة في عام 2013 .
وقال مكتب الميزانية أن الحكومة قد تحقق عجزاً في الميزانية بمقدار 845 مليار دولار خلال العام الحالي، أو 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، وفي حالة تحقق تلك التوقعات فستكون هذه هي المرة الأولى منذ خمس سنوات التي تحقق فيها الولايات المتحدة عجزاً أقل من تريليون دولار. وعلى الرغم من حالة التفاؤل التي بدت على المدى القصير تجاه عجز الميزانية، إلا ان تقرير الكونغرس لا يزال يرى توسعاً في العجز بحوالي سبعة تريليونات دولار على مدى العقد القادم.
Leave a Reply