كم هو مناسب موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” لسعد الدين الحريري هذه الأيام. فعبره يتمكن من إطلاق “تغريداته” النارية وسمومه الكلامية ويغني على ليلاه كما يريد من دون أن يغرق في إحراج الخطاب السياسي من على المنبر وهو المعروف بفصاحته ومهاراته الخطابية البليغة، التي هي ليست من عندياته حتماً بل من تأليف باسم السبع أو هاني حمود، ومن دون أن يقوم بعرض مسرحي بخلع الجاكيت ولف القميص أو لف الكلام ودورانه، لا فرق. هنا لن يسمع سؤال الرئيس بري التهكمي له أن يستعيض بشخصٍ آخرلإكمال الخطاب عنه!
لقدأصبح لـ”سعد الطائر” إسمٌ جديد: “سعد الغريد” وتغريداته تأتي دائماً على شكل أجوبة مختصرة على أسئلة يطرحها “متتبعوه” من المؤيدين، وأحياناً من “المشاغبين السياسيين” الذين لايراعوا “حرمة” القصور الفكري والتسطيح السياسي “للمتبّع” (بفتح التاء والباء) ولو كان مختبئاً وراء سدٍ يمنع السائل من الإصرار على سؤاله، أو المتابعة له كما يحدث في المؤتمرات الصحفية الحية. فقد ذكر “موقع التيار الوطني الحر” أنه وجه للغريد سؤالاً بكل اللغات لكنه رفض الإجابة. السؤال هو: ما موقفه من الإدانة الفرنسية للمجزرة التي ارتكبها الأتراك بحق الأرمن من دون رحمة وشفقة وحتى من دون إعتراف بالمجزرة؟ فبماذا يجيب حلال المشاكل الذي يشغل باله اليوم الشعب السوري الشقيق، لا العمال السوريون الذين قتلوا بسبب العنصرية اللبنانية؟ فالفرنسيون أحبابه هم بمثابة أهل للعائلة إلى درجة أن جاك شيراك، المدان بالسرقة والإحتيال مؤخراً، أهان رئيس الجمهورية اللبنانية العماد المقاوم إميل لحود حين كان يأتي كاللص إلى بيروت لزيارة ضريح الرئيس الشهيد، من دون مقابلة أي من المسؤولين اللبنانيين وكأنهم “صفر عالشمال”. أما الأتراك فهم أصحابه الجدد الذين زارهم بالأمس وأعطوه “هاي فايف” وقالوا له “هي مان لقد صدقت”، وهوبحاجة لهم لأنهم رأس حربة في المشروع المعادي لسوريا الصامدة ولا ضير إن إرتكبوا “شوية” حرب إبادة ضد الشعب الكردي.
هناك سؤالٌ آخر “للطائر الغريد”: ما سبب هذا الحقد على سوريا؟ هل لأنه يعتقد أنها قتلت والده أم لأن عمو فؤاد قال له أن الرئيس بشار الأسد تسببب بالإطاحة به من رئاسة الحكومة؟ إذا كان السبب الأول هو الدافع له لمساعدة ثورة برهان غليون و”مجلس الآستانة” فهو قد برأ سوريا من التهمة الشنيعة إلى درجة أن المحكمة الإسرائيلية (التي يقضي موظفو المدعي العام المبارح فيها عطلتهم في فلسطين المحتلة، من بين كل دول العالم) حيدت التهمة عن سوريا عندما زارها الحريري ونام في السرير الدمشقي وتناول الخبز والملح السوري مع الرئيس. بل أنه لام شهود الزور على تخريب العلاقة مع سوريا. إذاً، سبب حقد سعد على النظام في سوريا ليس كرمى لعيون الشعب السوري بل لأنانية لم تعد خافية على أحد. ثم ماذا عن الثورات في البحرين واليمن والسعودية؟ ولماذا “أقصى” تياره أحد أكبر صقوره، مصطفى علوش، عندما تجرأ على المقدسات وإنتقد مملكة آل سعود، ثم أعيد إلى الحظيرة بعد كلام “من الزنار ونازل” ضد الوزير السابق فايز شكر؟ سؤالٌ آخر: بينما العربان لا شغلة لهم ولا عملة إلا سوريا، تستكمل إسرائيل عملية تهويد القدس الشريف وتحويلها عاصمة أبدية موحدة للدولة اليهودية تحت سمع العربان وأبصارهم، فهل الأمر يستدعي إنشاء “لجنة مراقبين” من “جبانة الدول العربية” ونبيل العربي، أو على الأقل قطع قطر ودول الخليج علاقاتها التجارية مع إسرائيل؟ بل أين الإنذارات والسرعة في إرسال التحذيرات والتهديدات التي أطلقها أصحاب المراجل العرب ضد سوريا وهم يتحركون بسرعة قياسية لأول مرة في حياتهم المشينة، بينما يتعاملون بجبنٍ وخيانة أمام إسرائيل وهي تبتلع المقدسات وتغتال معالم القدس؟
وماذا عن مخالفات السنيورة المالية بل جرائمه التي كشفتها “الأخبار” منذ تسلمه حقيبة المال في التسعينيات والتي لو حصلت في شبه بلدٍ ولو كان في “الماوماو” لكان مصيره السجن وليس البرلمان. لكن ليس في بلد “خيال الصحرا”. وزارة المال، كما يكتشف الصفدي اليوم، كانت عبارة عن مغارة فؤاد بابا يعشش فيها الفساد والتلاعب في الأرقام والسطو والنهب من خزانتها من دون رقيب. وأخيراً وليس آخراً، ما رأي الغريد بالحملة التي يشنها تياره على وزير الدفاع غصن الذي مرر معلومات عن تسلل “القاعدة” عبر قرية عرسال فقامت الدنيا ولم تقعد بعد، مع أن الوزير لم يتهم “العراسلة” في كرامتهم ولم يقل أنهم أتباع “القاعدة” كما حاولوا الإيهام. والطريف في الموضوع أن غصن حصل على معلوماته من قيادة الجيش التي لا تريد أن تعرضها بنفسها خصوصاً أن الحملة عليها لم تبرد بعد من قبل جزار حلبا خالد الضاهر الذي يريد العبور إلى الدولة لكنه في نفس الوقت يدعو قيادة الجيش السنية إلى الإنقلاب.
“إحترنا يا قرعة”، أنصار “لبنان أولاً” يحرمون الجيش حتى من الإدلاء بمعلوماته الأمنية لكنهم مع الدولة وضد السلاح، المحرم على الجيش، فهل نحمي لبنان بدموع السنيورة وشاي فتفت وتغريدات الطير الشادي؟
Leave a Reply