تل أبيب تحذر سوريا.. وتتحدث عن أسلحة متطورة بجعبة «حزب الله»
عواصم – رغم الهدوء النسبي الذي يسود التخاطب السياسي في منطقة الشرق الأوسط خلال الأسابيع القليلة المنصرمة إلا أن الأسبوع الماضي شهد حركة عسكرية واسعة في أكثر من موقع تنبئ باجراء محتمل ضد إيران قد يواكبه انفجارات في ملفات عالقة في المنطقة. ويلف الغموض بعض التطورات السياسية في المنطقة التي تبعث بإشارات متناقضة تتراوح بين التحضير لحرب واسعة في المنطقة أو الإكتفاء بعقوبات اقتصادية على طهران.
عسكريا، ما كادت المناورات البحرية الضخمة التي جرت في المحيط الأطلسي بين القوات البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية تحت عنوان «عملية بريمستون»، والتي تدربت خلالها قوات الحلفاء على تنفيذ حصار بحري متوقع ضد إيران، حتى توجهت الأساطيل المشاركة في المناورات إلى مياه الخليج، وجاءت الخطوة بعد فترة قصيرة من إصدار الاتحاد الأوروبي الماضي قراراً أجازت من خلاله فرض عقوبات قوية ضد إيران تضاف إلى العقوبات التي يفرضها عليها مجلس الأمن الدولي، بسبب رفضها التراجع عن برنامجها النووي المثير للجدل. وبالتزامن مع هذه المناورات كانت إسرائيل التي قامت بمناورات في منطقة الجولان باعتماد لغة التهديد مع سوريا و«حزب الله» مع ورود تقارير غن ازدياد القدرات العسكرية للأخير عبر الأولى.
مناورات بحرية
وتقود الأساطيل البحرية حاملة الطائرات التي تعمل على الطاقة النووية «يو أس أس تيودور روزفلت» والتي إلى جانب الطائرات الثمانين التي تنقلها عادة، أضافت إليها عدداً إضافياً من طائرات »رافال« المقاتلة الفرنسية التي كانت تعمل على حاملة الطائرات «شارل ديغول» التي تخضع حالياً لعملية صيانة دورية في فرنسا.
كما توجهت إلى مياه الخليج الحاملة «يو أس أس رونالد ريغان» التي تعمل على الطاقة النووية أيضاً، والحاملة «يو أس أس أيو جيما»، وحاملة الطائرات البريطانية «أتش أم أس أرك رويال» إلى جانب عدد من القطع البحرية الفرنسية بما فيها الغواصة النووية »أميتيست«. وفور وصول هذه الأساطيل إلى مياه الخليج، ستنضم إلى حاملتي الطائرات العاملتين في المنطقة وهما «يو أس أس أبراهام لينكولن» و«يو أس أس بيليليو». ونشر القوة البحرية المتعددة الجنسيات، أكبر إظهار للقوة العسكرية من قبل الولايات المتحدة والدول الحليفة، التي تجمعت حول المياه الاستراتيجية للخليج منذ حربي الخليج الأولى والثانية. غير أنه بالنسبة لإيران، سيكون للحصار البحري الذي يمنعها من تصدير نفطها نتائج مدمرة على اقتصادها الوطني ويفكك بالتالي البنية التحتية للجمهورية الإسلامية. وعلى الرغم من أن إيران من الدول الرئيسية المنتجة والمصدرة للنفط، إلا أنها تفتقد منشآت التكرير وتضطر إلى استيراد نفطها مجدداً بعد تكريره. لهذه الاسباب، قد تنظر ايران الى المسألة على انها «اعلان حرب».
طهران
وفي طهران، قال وزير الدفاع الإيراني العميد مصطفى محمد نجار إن محاولات «الأعداء» لاستخدام مبدأ المفاجأة ضد بلاده ستواجه بمفاجآت كبرى من قبل القوات المسلحة الإيرانية. واوضح ان «القوات المسلحة القوية ترصد كل شيء وتراقب على مدار الساعة جميع التحركات المحتملة».
وقال نجار إن بلاده «تعتبر قوة إقليمية ذات قدرات هائلة وإن المناورات الأخيرة والتي تقام الواحدة بعد الأخرى هي من اجل الاحتفاظ بجهوزية واقتدار القوات المسلحة وتظهر القوة الدفاعية الهائلة لإيران». وكانت وكالة الانباء الايرانية «ارنا» نقلت في وقت سابق عن نجار قوله ان وزارته قامت بصنع عوامة لا يمكن رصدها من قبل الرادارات.
سوريا و«حزب الله»
من جهة أخرى، اعلنت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان الجيش قام الثلاثاء الماضي بمناورات ضخمة في هضبة الجولان التي احتلتها اسرائيل من سوريا في 7691، باشراف وزير الدفاع ايهود باراك ورئيس هيئة اركان الجيش الجنرال غابي اشكينازي.
وقال باراك للاذاعة «هناك من الجانب الاخر تعزيز مواقع وليس من باب الصدفة اننا نجري في هضبة الجولان تدريبات مكثفة وواسعة النطاق»، في اشارة الى «حزب الله» اللبناني وسوريا.
وتابع ان «القرار 1071 لا يتوصل الى تحقيق اهدافه» في اشارة الى قرار مجلس الامن الدولي الذي ادى في 41 اب (اغسطس) 6002 الى وقف المعارك التي استمرت اكثر من شهر بين اسرائيل و«حزب الله».
وقال باراك ان «حزب الله اجرى تعزيزات مهمة جدا في السنوات الاخيرة وندرس امكانية حصول تعديل في التوازن مع دخول اسلحة متطورة من سوريا الى حزب الله». واضاف «قمنا بكل الاستعدادات التي ينبغي القيام بها».
والنقطة الرئيسية في القرار 1071 الذي ينص على الانسحاب التدريجي للقوات الاسرائيلية من جنوب لبنان واستبدالها بالجيش اللبناني المدعوم من القوة الدولية المعززة في جنوب لبنان (يونيفيل) طبقت.
لكن القرار طالب ايضا باحترام الحظر على الاسلحة الى الميليشيات اللبنانية او الاجنبية الموجودة في لبنان وترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل.
وخلال اجتماع الحكومة الامنية الاسرائيلية مطلع تموز (يوليو) اكد مسؤولون عسكريون وفي اجهزة الاستخبارات ان «حزب الله» زاد عدد الصواريخ التي يملكها منذ صيف 6002 وانه بات يملك اربعين الف صاروخ يمكن اطلاقها على اسرائيل. ونفت سوريا ان تكون قدمت مساعدة عسكرية لـ«حزب الله» مشيرة الى انها لا تقدم له سوى الدعم السياسي.
ويحلق الطيران الاسرائيلي بشكل شبه يومي في المجال الجوي اللبناني في انتهاك للقرار الدولي. وسوريا واسرائيل في حالة حرب رسميا منذ 7691. وبدأ البلدان في ايار (مايو) محادثات غير مباشرة في اسطنبول باشراف تركيا لتسوية خلافاتهما. وتطالب دمشق باستعادة هضبة الجولان في اطار اتفاق سلام محتمل مع اسرائيل. ويتوقع اجراء جولة خامسة من المفاوضات بواسطة دبلوماسيين اتراك الشهر الحالي.
اختلال التوازن
وبقي التحذير الذي وجهه حزب الله من مغبة استمرار الانتهاكات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، محط اهتمام المعلقين الإسرائيليين، لكونه ترافق مع
تقديرات إسرائيلية بتنامي القدرات العسكرية للحزب، ومخاطرها على التوازن الاستراتيجي في المنطقة، الأمر الذي دفع العديد من المراقبين إلى التساؤل عن طبيعة الخطوة المقبلة للمقاومة في مواجهة الدولة العبرية، وعن زمانها ومكانها.
وأشار محرر الشؤون العربية في موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، روعي نحمياس، إلى أنه «كلما مر الوقت، منذ تنفيذ صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحزب الله، ازداد الغموض حول السؤال التالي: ما هي القضية التالية التي ستؤدي إلى مواجهة على الجبهة اللبنانية-الإسرائيلية».
وتوقف نحمياس عند «إنجاز مهم سجله حزب الله على الساحة اللبنانية من خلال حكومة الوحدة الوطنية»، التي اعترفت في إطار برنامجها السياسي بـ«حق المقاومة بتحرير باقي الأراضي المحتلة»، فرأى أنه «من الآن بات في وسع الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، التحرش بإسرائيل مجدداً». وحدد ساحة «التحرش»، مشيراً إلى أنه «هذه المرة، يتوقع أن يكون أساس المواجهة عن طلعات سلاح الجو في الأجواء اللبنانية». وتطرق نحمياس إلى «الحملة الإعلامية» التي شرع حزب الله بها تمهيداً «للمواجهة الجوية»، فتوقف عند البيان الأخير للمقاومة الإسلامية، الذي حذّرت فيه من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية.
وفتح نحمياس الباب واسعاً لمخيلته من خلال ادعائه أن حزب الله «واصل الحملة الإعلامية، حيث نشر في الصحيفة اللبنانية المقربة منه، «الأخبار»، أن إسرائيل طلبت من قوات اليونيفيل تحديد إجراءات وتعليمات، تسمح بإنقاذ طيار سلاح الجو، إذا اضطُر لترك طائرته في سماء لبنان».
وكتب المراسل العسكري لصحيفة »معاريف« عمير ربابورات أنه جرى الحديث مؤخرا بشكل كبير عن مخاوف إسرائيل من وصول مثل هذه الصواريخ إلى »حزب الله«، وأن ذلك يشكل تغييرا جوهريا في الصراع. وأشار إلى ما نشرته وسائل إعلام عربية حول شائعات بتركيب «حزب الله» أجهزة رادار متطورة في جبل صنين، لافتاً إلى أنّ هذه المخاوف تعاظمت مؤخراً جراء تهديدات الحزب بالتصدي للانتهاكات الجوية.
Leave a Reply