خليل إسماعيل رمَّال
إذا أردنا أنْ نعرف ماذا يجري فـي السعودية فـيجب علينا أنْ نعرف ماذا يجري فـي اليمن و..لبنان!
هذه الخلاصة بعد الموقف السعودي الجديد المتشنِّج بعد حديث وزير خارجية عائلته سعود الفـيصل عن «إحتلال إيران لأراضٍ عربية» وانقلابه على الكلام الدبلوماسي المنمَّق مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف فـي نيويورك منذ أقل من شهر والذي حمل حتى موافقةً على الإتفاق السياسي اليمني بعد سيطرة «الحوثيين» على صنعاء وطرد السلفـيين والوهابيين منها، ممَّا حمل المراقبين على التكهُّن بفتح صفحة جديدة من العلاقات بين الجانبين تنعكس على المنطقة ولبنان بشكلٍ خاص. لكن ماذا حدث بعد ذلك لكي يتصلَّب الموقف السعودي إلى درجة إصدار حكم الإعدام بحق قائد ثورة القطيف الشيخ نمر باقر النمر، أعلى شخصية علمانية سلمية؟ ولماذا صدر الحكم الآن بعد سنة ونصف من المماطلات والتأجيلات القانونية ؟! إذا عُرف السبب بَطُل العجب:
١- توجَّسَ آل سعود خيفةً من سيطرة «الحوثيين» على مدينة الحديدة أكبر مدن اليمن ووصولهم إلى منفذ على البحر الأحمر ومضيق «باب المندب»، الشريان الحيوي لناقلات النفط من الخليج الى دول العالم. وهكذا اصبح بإمكان الحوثيين التحكُّم بمصير النفط العالمي مع إيران التي بإمكانها إغلاق المضيق عسكرياً وإغراق السفن فـي حال حصول حربٍ مدمِّرة.
٢- حتى قبل السيطرة على الحديدة كان آل سلُّول قد غيروا موقفهم من السلطة الجديدة فـي اليمن واستعملوا مجلس التعاون والتحريض المذهبي والقبلي ضد اليمن الجديد كانت نتيجته التفجير الانتحاري الإرهابي مما أدى إلى استشهاد ٧٠ يمنياً بريئا وتحريك «القاعدة» فـي إب. هذا التصعيد لم يُرهِب «الحوثيين» على ما يبدو فمضوا فـي توسيع نفوذهم وتغيير الحقائق على أرض اليمن وربما الجزيرة العربية كلها.
٣- غارات قوى التحالف على «داعش» لا تسير حسب المشيئة السعودية رغم «مسرحيتها»، لأنها لا تتخطى الخطوط الحمراء بضرب مواقع الجيش السوري كما ظنَّ السعوديون من وعود أميركا. كما أنَّ تدريب عناصر المعارضة السورية لديهم لم يُؤتى أكُلُه وثماره. كذلك لم يساعد كشف المخابرات الفرنسية مؤخراً أنَّ لعبة الهجوم الكيماوي فـي سوريا ناجمة عن قصف الحكومة، من دون قصد، لمواقع للمعارضة فـيها غاز «السارين» فمن أين جاءت قوى المعارضة؟ ناهيك عن محاولات «داعش» السرية للحصول على أسلحة الدمار الشامل لأنَّ الذبح والقتل الجماعي بالسكين والرصاص لم يعد يشبع نهمها! كل العوامل هذه تشير إلى بقاء الرئيس بشَّار الأسد صامداً مع شعبه وجيشه.
٤- فشل الحملات والغزوات التكفـيرية من تحقيق أي تقدُّم عسكري على جبهة سلسلة لبنان الشرقية وثبات المعادلة الذهبية: المقاومة والشعب والجيش وسوريا (بهذا الترتيب)، بل لدرجة قيام المقاومة بعملية شبعا ورسم توازن رعب جديد مع العدو. هذا يعني تعنُّت فـي لبنان ومنع التشريع فـي البرلمان ولو بعد التمديد وعدم إيصال العماد عون للرئاسة.
من هنا يُفسَّر الإنقلاب الجديد للدولاب اليومي البشري وليد جنبلاط فـي مقابلته الاخيرة التي اعتبر فـيها التكفـيريين مواطنين سوريين غير إرهابيين، محاولاً كسب ودِّهم، بسبب انتهازيته واستمرار محاولته لاسترضاء آل سعود الذين قد يستعملونه حطباً فـي هذه الفترة، خصوصاً بعد رفض جنبلاط وجماعة حنيكر تسلُّم السلاح من إيران لمساعدة الجيش اللبناني الذي يريدونه أنْ يقف لوحده فقط فـي وجه إسرائيل والتكفـيريين معاً ولكن بسلاح قوس ونشَّاب. بعد ناقص استعمال «النقيَّفة» أفضل! الجيش يملك معدات من زمن «فلينستون» الحجري وسلاحه الجوي يقتصر على طائرتين هرمتين من نوع «هوكر هنتر» تعودان للعام ١٩٥٧، ولا تريد ١٤ آذار أخذ سلاح من إيران أو روسيا أو الصين بينما «المكرمة» الأولى لميشال سليمان والثانية للشيخ سعد أضحتا فـي عالم الأشباح!
٥- العائلة المالكة تقف إزاء استحقاق الوراثة والخلاف على العرش خصوصاً بعد تدهور صحة مليكهم عبدالله وموقف سعود الفـيصل قد يُفسَّر بأنه صراع على السلطة ولكن مهما كانت الذرائع والنتيجة فإنَّ السياسات السعودية متعثِّرة ومتخبِّطة على أكثر من صعيد وهي لن تحقق ما عجزَت عنه الدول العظمى.
Leave a Reply