بلال شرارة
بحسب مصادر متنوعة، فإن ما نلمسه من انهيار لأسعار النفط فـي العالم الى أدنى مستوياتها (والآتي أعظم) سيكون له انعكاسات خطيرة على لبنان، ذلك أن استقرار النظام العام فـي العديد من دول العالم ومن بينها لبنان سوف يكون رهناً بعاصفة التراجعات فـي أسعار الغاز والبترول والمشتقات النفطية، تلك العاصفة التي تضرب جميع الاقتصاديات لأن ميزانيات الكثير من الدول يعتمد بشكل كبير على مداخيل بيع النفط والغاز بنسب تتراوح بين 50 و90 بالمئة.
وترى بعض المصادر أن لبنان الذي يعتمد فـي جزء كبير من ميزانيته على تحويلات المغتربين وعلى مساعدات الدول النفطية سيكون عرضة لمصاعب جمة خصوصاً وأن الجاليات اللبنانية ذات الانتاجية العالية تتوزع على بلدان تعصف بها الازمات، فـي افريقيا وأميركا اللاتينية ودول الخليج والولايات المتحدة الأميركية.
وتشير المصادر ذاتها الى معاناة الدول النفطية الافريقية، ضاربة مثالا على ذلك بلداً افريقياً يعيش 38 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر الشديد، وأن 25 مليون نسمة من أبنائه الذين يعيشون على مساحة تزيد بمئة مرة عن مساحة لبنان يعانون من غياب فرص العمل ومياه الشفة إضافة إلى الهبوط الحاد فـي قيمة العملة الوطنية.
ولاحظ المصدر أن الازمة فـي المغتربات الافريقية أخذت تنعكس على البلدان العربية فـي القارة الافريقية، مثل تونس والجزائر، ولو أنها لا تشكل -افريقياً- أسواقا لقوة عملها أو جهة لتصدير منتجاتها.
وقالت المعلومات أن الازمة طالت دول أميركا الجنوبية التي شهدت موجات هجرة لبنانية منذ أكثر من قرن، وهي مستمرة حتى اليوم، وأن هذه الازمة تعبر عن نفسها بالتضخم وانخفاض أسعار النفط مما قلص ازدهارها وصولاً الى فوز المعارضة السياسية إلى الحكم فـي فنزويلا، مثلاً، وأوصل البلاد الى حافة الفوضى.
وبالنسبة الى دول الخليج التي تضم جاليات لبنانية كبيرة، لاحظت مصادر المعلومات أن منطقة الخليج تعيش حالة من الغليان والتهديد بالفوضى جراء الحروب المتاخمة لفضائها الجغرافـي، فـي اليمن والعراق، إضافة إلى التوترات المذهبية والسياسية كما هو الحال فـي البحرين، وأن المسألة الليبية والمشكلات فـي الجوار الليبي لهما نفس الاستتباعات.
وقال إن 90 بالمئة من عائدات هذه الدول التي خسرت 70 دولاراً من سعر كل برميل تنتجه، وبالتالي يمكن تصور حجم الخسائر التي منيت بها تلك الدول (ليس العربية وحدها) والتي يقدر إنتاجها بـ34 مليون برميل يوميا.
ولتفادي الأزمات الحادة، فقد رفعت دول الخليج أسعار الوقود فـي أسواقها المحلية، وتفكر حالياً فـي خلق أسواق تشغيلية لليد العاملة حيث تتراوح مستويات البطالة، فـي السعودية مثلا، بين 11 بالمئة بحسب المصادر الرسمية و25 بالمئة حسب المصادر الغربية. كما أن اللبنانيين الذين تقارب أعدادهم حوالي النصف مليون مغترب فـي الخليج ويحتلون الوظائف هناك، باتوا عرضة لهجرة معاكسة إلى بلدهم، من دون إغفال الأسباب المذهبية (وهو الأمر الذي ينسحب على حال اللبنانيين فـي ليبيا أيضاً رغم أعدادهم القليلة).
فـي السياق ذاته، لابد من الملاحظة أن الولايات المتحدة الأميركية لم تعد مصدراً مزدهراً لتحويلات الأميركيين من أصل لبناني الى ذويهم، وأن الأزمة النفطية تفرض تأثيراتها الكبيرة على الاقتصاديات الأميركية، ويبدو أن حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر فـيما يخص الرهان على استخراج النفط الصخري، نظرا لكلفة استخراجه العالية التي تجعل منه سلعة غير منافسة. وهكذا فإن تحويلات اللبنانيين لم تعد مزدهرة بل أنها باتت مهددة كمصدر وطني إذا لم نقل إن اللبنانيين باتوا يفكرون بالعودة الى وطنهم لولا تخوفهم من التوترات السياسية والطائفـية والمذهبية والتهديدات الاسرائيلية والتهديدات الارهابية لحدودهم السيادية الشرقية والشمالية رغم ما تظهره الأجهزة الامنية والجيش من كفاءة وحزم وانتباه فـي هذا الخصوص.
Leave a Reply