واشنطن
وسط فشل المجتمع الدولي في إنهاء الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ 15 شهراً، أعلن العديد من الفعاليات الصحية والطبية في الولايات المتحدة وكندا وحول العالم انضمامها إلى جهود منظمة «أطباء ضد الإبادة» Doctors Against Genocide لتجديد المطالبة بوقف جرائم التطهير العرقي وانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة عبر تظاهرات احتجاجية ترافقت مع إضراب عن العمل طوال يوم الإثنين، السادس من كانون الثاني (يناير) الجاري.
وكانت منظمة «أطباء ضد الإبادة» قد أصدرت في وقت سابق بياناً دعا العاملين في مجالات الرعاية الصحية إلى أخذ إجازة مرضية لمدة يوم واحد والامتناع عن العمل احتجاجاً على العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع المنكوب والذي أسفر عن مقتل زهاء 50 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى إصابة ما يزيد عن مئة ألف، وتهجير حوالي مليوني شخص وسط ظروف إنسانية كارثية.
ودعا البيان أعضاء المؤسسات والمنظمات الطبية والعاملين فيها حول العالم إلى تفعيل وسم بعنوان: «مريض بسبب جرائم الإبادة» #SickFromGenocide على منصات التواصل الاجتماعي، للتعبير عن استيائهم من الصمت الدولي على انتهاكات حقوق الإنسان بحق الفلسطينيين، وإسهامه في تطبيع الكارثة الإنسانية وكأنها «وضع طبيعي».
وقالت المنظمة إن «الامتناع عن العمل بسبب جرائم الإبادة ليس مجرد عطلة، وإنما هو نداء للتحرك من أجل وقف المأساة الإنسانية في قطاع غزة»، وأضافت في بيان: «بوصفنا عاملين في القطاع الصحي، فإننا نتغيّب عن عملنا لتسليط الضوء على الحاجة الملحة للتدخل العالمي.. فهذه الخطوة ليست مجرد دعوة لتحقيق العدالة في غزة وإنما هي دعوة للحفاظ على كرامة الإنسانية جمعاء»، مطالبة في الوقت نفسه بمحاسبة إسرائيل على جرائمها الوحشية بحق الشعب الفلسطيني ووقف الهجمات على المدنيين العزّل في قطاع عزة.
وشهد العديد من المناطق في الولايات المتحدة تنظيم وقفات احتجاجية ومؤتمرات صحفية استجابة لنداء «أطباء ضد الإبادة»، من بينها: مستشفى جامعة نيويورك في مانهاتن، ومستشفى سان فرانسيسكو العام بولاية كاليفورنيا، ومستشفى بريغهام في مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس، ومستشفى أبوت في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، ومركز OHSU في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون، والمركز الطبي في مدينة ديترويت (دي أم سي) التابع لجامعة «وين ستايت» بولاية ميشيغن.
كما تم افتتاح عيادة مجانية لعلاج الأمراض النفسية الناجمة عن الإبادة الجماعية، حملت اسم القيادي الفلسطيني كمال عدوان الذي اغتالته إسرائيل في العاصمة اللبنانية، بيروت، عام 1973.
وجاء في بيان المنظمة التي يترأسها الطبيب نضال جبور: «في هذا اليوم، سننسحب جماعياً من عملنا، ونأخذ إجازة مرضية للصحة النفسية لمواجهة الحزن الذي لا يُحتمل، والانتهاكات الأخلاقية، والصدمات الناتجة عن مشاهدة التدمير المنهجي للأرواح والمجتمعات وأنظمة الرعاية الصحية في غزة».
وأشار البيان إلى أن الاعتداء الأخير على «مستشفى كمال عدوان» وإحراقه، واعتقال طبيب الأطفال الدكتور حسام أبو صفية، يمثلان أمثلة واضحة على الاستهداف الممنهج للعاملين في المجال الصحي والمرافق الطبية.
وانتقدت الفعاليات الطبية المشاركة في التظاهرات الاحتجاجية ازدواجية المعايير لدى المؤسسات والجمعيات الطبية الأميركية عند التعامل مع القضايا الإنسانية، بما فيها الجمعية الطبية الأميركية AMA والأكاديمية الأميركية لطب الأطفال AAP اللتين سارعتا إلى إدانة الهجمات الروسية على المرافق الصحية في أوكرانيا، بينما التزمت بالصمت المطبق تجاه التدمير الممنهج للقطاع الصحي في غزة.
كما انتقد البيان سياسات ودعم الإدارة الأميركية لدولة الاحتلال، وقال إن «البيت الأبيض يواصل إرسال أموال دافعي الضرائب لدعم هذه الفظائع، متجاهلاً التقارير الدولية الصادمة عن تردي الأوضاع الإنسانية في القطاع المنكوب».
وكان العديد من المنظمات الدولية، مثل «منظمة العفو الدولية» ومنظمة «هيومن رايتس ووتش»، قد وصفت ما يحدث في غزة بـ«الإبادة الجماعية».
وأوضح المنظمون أن العاملين في مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة هم جزء أساسي من «الاستجابة الإنسانية»، لكنهم يتعرضون لـ«استهداف ممنهج»، بحسب البيان الذي أفاد بأن إسرائيل قتلت أكثر من ألف فلسطيني يعملون في القطاعات الإغاثية والطبية، لافتاً إلى أن عدد القتلى الطبيين هو الأعلى في سجلات منظمة الصحة العالمية، عند المقارنة بضحايا النزاعات المسلحة حول العالم.
وختم البيان بالتأكيد على أن العلاج الوحيد لإحلال السلام في الأراضي المحتلة يتمثل في وقف الإبادة الجماعية، وتحقيق العدالة للضحايا، ومحاسبة المسؤولين، واستثمار أموال الضرائب في تحسين حياة البشر، بدلاً من دعم الاحتلال وجرائم التطهير العرقي.
Leave a Reply