جاكسونفيل – بيث ريس كرايفي*
كان ديفيد غاغنر يعاني من نوبات صرع ولم يكن لديه تأمين صحي لذلك سعى للحصول على العناية الطبية في مركز «بابتيست هيلث»، وهناك علم بأمر مركز «الخدمات الاجتماعية الأميركية الإسلامية» MASS، وهي عيادة طبية تديرها مجموعة من الأطباء والمتطوعين المسلمين وتقدم خدمات علاجية مجاناً لأصحاب الدخل المحدود من جميع الخلفيات والأعراق والأديان في مقاطعة دوفال بولاية فلوريدا.
غاغنر لديه الآن ملتجأ طبي، ولما يقارب الشهور الأربعة الأخيرة، كان يزور العيادة التي تشرف على استطبابه ومده بالأدوية الضرورية. ومع أن المركز الطبي يقع جنوبي جاكسونفيل وغاغنر يقطن في غربها، إلا أنه يؤكد على أن الأمر يستحق قيادة السيارة كل تلك المسافة. ويقول «العيادة مكان جيد للرعاية والناس هناك طيبون حقاً». وقد بلغ مدى إعجابه بالخدمات الخيرية التي تقدمها العيادة لدرجة أنه نصح أصدقاءه، ممن هم في مثل أحواله المادية، أن يقصدوها لنيل الرعاية الصحية التي يفتقدونها.
التزام بالخدمة
افتتحت العيادة في العام 2010 داخل مقطورة (ترايلر) في المركز الإسلامي بشمال شرقي ولاية فلوريدا على طريق سانت جونز بلاف. وكانت خدماتها في بداية الأمر تقتصر على أيام الآحاد، مرتين شهرياً. وبعد حملة لجمع التبرعات انتقلت في العام 2014 إلى مبنى مجاور للمركز الإسلامي، ومنذ ذلك الحين وهي تفتح أبوابها للمعايدين لمدة 4 أيام أسبوعياً.
وقد عزا رئيس هيئة الأمناء وأحد مؤسسي العيادة، الدكتور مبين راذوري، دوافع تأسيس المركز الطبي المجاني إلى أسباب وطنية وإنسانية، مشيراً إلى أن الفكرة انبثقت في الأساس من الشعور باستثمار «المواهب الطبية الهائلة في مجتمع الأطباء المسلمين والرغبة في خدمة أميركا.. وهي الوطن الذي اخترناه والذي نحبه.. البلد الذي قدم لنا الكثير»، على حد تعبير راذوري، البروفسور الذي يترأس قسم الأبحاث والتثقيف والخدمات في «مركز الأيدز» بـ«جامعة فلوريدا». والذي يشدد على أننا «كمهاجرين.. نحن ملتزمون بخدمة هذا البلد العظيم».
من جانبه، أكد رئيس مجلس الأمناء الدكتور رحمن خواجة أن العيادة «تلقت منذ 2011 ما يزيد على 10 آلاف زيارة حيث يتلقى المراجعون رعاية مستمرة بمرور الوقت إذ يشرف الفريق الطبي نفسه على العناية بالمرضى بدءاً من غرفة الطوارئ التي تتناقص أعباؤها يوماً فيوماً»، وقال في هذا السياق «إذا لم نهتم بالمرضى في غرف الطوارئ.. فسوف ينتهي بهم الحال إلى غرف الطوارئ مرة أخرى».
ومع أن العيادة تتبع للمركز الإسلامي، ومعظم المتطوعين فيها من المسلمين، إلا أن الرعاية الطبية متاحة لجميع سكان مقاطعة دوفال من محدودي الدخل الذين لا يملكون تأميناً صحياً، وكذلك فإن باب التطوع مفتوح أمام الجميع، وفقاً لخواجة.
وتضم قائمة المتطوعين 58 طبيباً و8 ممرضات بينهن 4 محترفات، إضافة إلى بعض الأطباء المقيمين الذين يخدمون المتدربين والمتطوعين، كما تضم القائمة محامياً، بحسب خواجة الذي أكد «لا نستطيع أن نقول لا لأحد.. لأنه يوجد سبب وجيه ألا وهو خدمة المجتمع.. وأنا مدين لمجتمعي».
يوم عمل
في أحد أيام الآحاد الأخيرة، كانت غرفة الانتظار مكتظة بمجموعة متنوعة من الزائرين، وكان أخصائيو الرعاية والمتطوعون يدأبون على خدمة المرضى، يلتقطون صور الأشعة السينية، ويقدمون العلاج الفيزيائي، ويقومون بكل الخدمات المطلوبة بدءاً من الاستقبال وتفحص السجلات الطبية للمراجعين.
بيغي بانل (45 عاماً) من مدينة دنيسمور، قصدت العيادة لعرض حالتها على طبيب الأعصاب لكونها تعاني من الصداع النصفي (الشقيقة). ترتاد العيادة من عام ونصف، وهي لا تقدر فحسب، الرعاية المجانية وإنما أيضاً الخدمة في أيام الآحاد، وتقول: «ليس لدي تأمين صحي… وهذه العيادة نعمة عليّ».
مريضة أخرى، هي كارمن كونتيرو (65 عاماً) انتقلت إلى جاكسونفيل لكي تعيش قرب أولادها.
هي أيضاً لا تملك تأميناً ولكنها بحاجة للمتابعة المستمرة بسبب خضوعها لعملية جراحة لسرطان الغدة الدرقية في وقت سابق. أعربت كونتيرو عن امتنانها «للاهتمام الذي تحصل عليه من الطبيب»، وقالت –وكان أحد المتطوعين يساعد في الترجمة إلى الإنكليزية: «كل شيء هنا جيد حقاً».
وفي السياق ذاته، لا تخفي سو نوسباوم امتنانها للخدمات العلاجية المجانية التي تستهدف جميع المعايدين بلا أي تمييز، وتؤكد المديرة التنفيذية لمنظمة «نحن نهتم بجاكسونفيل» على أن منظمتها تشترك مع عيادة «ماس» ضمن تحالف من المتطوعين المتخصصين في مجال الرعاية الصحية، وكذلك من الموظفين الدينين والجماعات الكنسية المحلية التي تقدم الرعاية الأولية والتخصصية للمشردين أولئك الذين لا يملكون تأميناً صحياً، والأشخاص الذين لا يحصلون على خدمات طبية وافية.
نوسباوم تؤكد: «لقد كانت منظمتنا و«ماس» شريكتين منذ بدايتهما»، مضيفة «أنا معجبة بروح العطاء التي لا تصدق.. للموظفين والمتطوعين المتفانين (في كلتا المنظمتين) الذين يساعدون باستمرار على تقديم خدمات الرعاية الصحية لذوي الدخل المحدود».
وأشارت إلى أن العيادة تقدم الخدمات للأفراد من جميع الأعراق والإثنيات والأديان «لكي يصبح مجتمعنا أكثر صحة».
المدير الطبي للعيادة أفتاب أحمد، أكد من ناحيته، على أن «النوايا الطيبة التي تولدها العيادة والمتطوعون فيها.. يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في العالم الأوسع». وأعرب الطبيب المتطوع عن أمله في أن تساعد «الرسالة الإيجابية» للعيادة التي أسسها المسلمون الأميركيون في إصلاح الصورة السلبية التي يروجها الكثيرون عن المسلمين. وقال إنه يجب على الجميع أن ينظروا إلى المسلمين على أنهم «مثلنا وحسب.. يقع عليهم ما يقع على الآخرين»، مؤكداً «هذا مهم للغاية».
* كاتبة في صحيفة
«فلوريدا تايمز-يونيون»
وفي موقع «جاكسونفيل.كوم»
Leave a Reply