خاص «صدى الوطن»
قد يستغرب البعض رؤية طوابير الزبائن أثناء ساعات الصباح الأولى بأية مدينة في طول الولايات المتحدة وعرضها، لكن في شهر رمضان المبارك أصبح هذا المشهد طبيعياً بالنسبة لسكان مدينتي ديربورن وديربورن هايتس، حيث تزدحم الأفران والمطاعم لساعات عدة تسبق حلول موعد الإمساك.
افران الصاج خلال ايام رمضان |
وأُفران «صاج» في ديربورن هايتس تحولت خلال الشهر الكريم الى مقصد للكثيرين ممن يريدون تناول وجبة السحور قبل الشروع في صوم يوم آخر يمتد لـ16 ساعة. وفيما كان المكان يعج بالزبائن عند الساعة الثانية من صباح الأحد الماضي، دخل أحمد مسرعاً لتظهر فجأة على وجهه علامات الدهشة، وقال «يا الله كم سأنتظر ليحل دوري؟» فأحمد، حسب ما أخبرنا، كان يريد أن يحصل على المعجنات والمناقيش سريعاً حتى يتسنى له العودة الى منزله الذي كان ينتظره فيه ثلاثة من أصدقائه لمتابعة «لعب الورق». لكن ما هي إلا دقائق حتى كان أحمد يحمل طلبيته في عدة أكياس ويهم في مغادرة المكان، وعندما استوقفناه قال «الخدمة سريعة.. ربما سنتمكن من لعب بارتييه جديدة».
حسين علي السبليني وهو صاحب «صاج»، وكذلك أحد الشركاء في أفران ومخابز «الياسمين» في ديربورن، يؤكد لـ«صدى الوطن» أن المحلّين مهيئان تماماً لاستقبال مثل هذا العدد الكبير من الزبائن «دون أن يتأثر مستوى الخدمة التي نحرص على أن تكون متميزة ليس على مستوى الجالية فحسب بل على مستوى أميركا».
وتستقبل «الياسمين« و«صاج» الزبائن طوال 24 ساعة يومياً وهي خدمة لا يوفرها خلال الشهر الفضيل إلا عدد قليل جداً من المطاعم في منطقة ديربورن. كما لا يكتفي الفرنان بتقديم المعجنات والمناقيش بل يقدمان للزبائن الوجبات الشرق أوسطية والحلويات المتنوعة ولا سيما الرمضانية منها.
عجقة «سحور» في افران الصاج. |
وقال السبليني إن عدة مطاعم وأفران تقوم حالياً باستقبال الزبائن في ساعات السحور «إلا أننا بدأنا توفير هذه الخدمة لأبناء الجالية وسكان المنطقة منذ فترة طويلة تعود الى السنوات الأولى من انطلاقة أفران «الياسمين» في موقعها القديم». وأضاف السبليني «حين فتحنا الياسمين لأول مرة كانت منتجاتنا تقتصر على تقديم الخبز العربي المعروف بـ«البيتا» وقمنا لاحقاً بإضافة تشكيلة واسعة من المعجنات والمناقيش والحلويات والمأكولات الشرق أوسطية.. وعندها شعرنا أنه من الأجدى أن نستقبل الزبائن في أوقات السحور بعد أن تأكدنا من قدرتنا على تلبية حاجاتهم بخدمة ممتازة». وتابع بالقول «بدأنا بفعل ذلك بعد سنتين تقريباً من الانطلاقة الاولى، ومنذ ذلك الحين ذاع صيت أفران «الياسمين» ودأبنا على الافتتاح ٢٤ ساعة في شهر رمضان المبارك من كل عام». وقال السبليني إنه لاحظ الإقبال الكبير على وجبة السحور بعد العام 2005، مشيراً الى افتتاح «المركز الإسلامي في أميركا» على شارع فورد الذي كان زواره يأتون بكثافة الى الأفران بعد حضور البرامج والمحاضرات الليلية. ومع ازدياد المراكز الدينية في المدينة واستقطابها للناس ليلاً زادت الحركة بشكل ملحوظ، إضافة الى وجود شرائح أخرى عديدة من الزبائن.
وأكد السبليني، أن العديد من الأفران التي تقدم وجبة السحور حالياً اتجهت الى تعديل ساعات الدوام في شهر رمضان، إلا أن أفران «الصاج» و«الياسمين» تفتح أبوابها للزبائن على مدار الساعة في رمضان ليقدم خدمة للمسلمين من زبائنه في كل أيام هذا الشهر الفضيل، وأضاف «يأتينا زبائن من كل الفئات فهناك القوقاز والمسيحيون وعمال الشركات المحلية والطلاب يأتون لتناول وجبة الغداء، فنحن لا يقتصر عملنا على الصائمين».
لكن استقبال الناس 24 ساعة يلزمه زيادة عدد العاملين في المخبزين إضافة الى تغيير نظام الدوام، وعليه يترتب تأمين 12 عاملاً وراء «الكاونتر» لخدمة الزبائن من الساعة 10 ليلاً وحتى 5 صباحاً، حسب السبليني. فهؤلاء يتلقون الطلبات ويحضرونها وتشتمل على سندويشات الشاورما وورق العنب والحمص والفلافل وفطائر الجبن واللحم والمناقيش، إضافة الى الوجبات الرمضانية مثل السحلب والكلاج والمشاطيح.
… وايضاً في افران الياسمين في ديربورن |
ويبدو أن العمل حتى ساعات متأخرة لا يزعج العاملين، إذ تقول فاطمة بيضون وهي تعمل على «الكاشير»، إنها سعيدة بالأجواء الرمضانية، فهي في الأوقات العادية تعمل من 7 صباحاً ولغاية 3 مساءً.
وفي ليلة، زار فيها مندوبنا أفران «صاج» تصادف وجود حوالي 40 زبونا بين الساعة 2 و2:30 صباحاً حيث تناولوا وجبة السحور في المكان أو حملوها معهم، وقال عاملون إن هذا العدد من الرواد قليل مقارنة بالأعداد التي تأتي خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث يقف الناس أثناء ساعات السحور في طوابير تمتد لخارج المحل، ولوحظ ان الزبائن يأتون أفرادا وجماعات للاستمتاع بالوجبة الرمضانية وبالأجواء الحميمة، وهم بمعظمهم من الشبان والفتيات.
أحد الزبائن، بلال الشامي من ديربورن هايتس، قال «نود وضع شيء في بطوننا ليساعدنا على تحمل فترة الصوم الطويلة»، وكان بصحبة أربعة من أصدقائه أكدوا بدورهم أنهم يأتون كل ليلة الى «صاج» لتناول اللبنة على الصاج. من بين الزبائن أيضاً كان هناك مجموعة أصدقاء أتوا من مدينة كانتون، التي تبعد بضعة أميال عن مدينة ديربورن هايتس، وساعدهم في ذلك موقع «صاج» الذي يتموضع على شارع فورد الحيوي والسريع، والذي يجعله أقرب من الأفران والمطاعم المتواجدة على شارع وورن في شرق مدينة ديربورن. ويقول سيد يوسف (18 عاماً) «نأتي الى هنا لأننا نحب المكان ولأنه لا يوجد في كانتون محلات مشابهة تفتح حتى هذا الوقت».
أما السبليني فيؤكد أن زبائنه يأتون من مختلف المناطق وأنه بات لأفران «الياسمين» و«صاج» صيتاً على مستوى الولايات المتحدة. فقد قامت مجلة «جي كيو» مؤخراً بنشر تقرير عنهما بعد أن زار مندوبون عن المجلة الواسعة الإنتشار مدينة ديربورن وتفقدا أفران «الياسمين». وأثنى تقرير المجلة على الكثير من منتجاتها ومنها الشاورما والحمص والبابا غنوج والتبولة إضافة الى المعجنات. وقال السبليني «لم نتحدث مع كاتب التقرير.. ولكنني أود أن التقيه لأشكره على الكلام الجميل الذي نشره عن الياسمين في هذه المجلة المعروفة».
في الختام، لم ينس السبليني أن يشكر الجالية التي وثقت بـ«صاج» وساهمت في نجاحه بعد ربع قرن من مساهمتها في نجاح «الياسمين» المتواصل، و ختم بالقول «هذا شهر مبارك كل الناس فيه كرماء، حقيقة إنه شهر كريم».
Leave a Reply