السجلات الهاتفية للجاني تظهر أنه كان يعاني من مشاكل عقلية
ديربورن
بعد أسبوع من إحباط شرطة ديربورن لمحاولة إحراق أحد مساجد المدينة، في 12 شباط (فبراير) الجاري، أكد مسؤولون محليون وفدراليون، في مؤتمر صحفي عقد السبت الماضي في مسجد «الهدى»، أن الاعتداء كان حادثة معزولة وأنه «لا توجد أي مؤشرات إلى وجود دوافع «سياسية أو إيديولوجية» وراء الهجوم الذي أسفر عن مقتل المشتبه به في اشتباك مع عناصر شرطة ديربورن إثر ملاحقته إلى داخل حدود مدينة ديترويت المجاورة.
وكان رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود، ومسؤولون في مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)–فرع ديترويت، قد أعدّوا لعقد لقاء مفتوح في مسجد «الهدى» لكشف ملابسات الاعتداء الذي أثار موجة استياء عارمة في أوساط المجتمع المحلي.
وفيما يتولى مكتب «أف بي آي» في ديترويت، التحقيق بحادثة إحراق المسجد الذي تعرض لأضرار محدودة بعد السيطرة على الحريق من قبل إطفائية ديربورن، تقوم شرطة ولاية ميشيغن وشرطة ديترويت بالتحقيق في حادثة مقتل المشتبه به، العراقي الأصل أحمد تقي (37 عاماً).
وأمام حشد يربو على 150 شخصاً، أفاد العميل الخاص لمكتب «أف بي آي» في ديترويت، جوش هوكسهورست، بأنه لا يوجد دليل –أيضاً– على أن المهاجم قام بتنفيذ الاعتداء كـ«جزء من مجموعة ما»، مرجحاً أن يكون «المشتبه به هو الشخص الوحيد الذي يعرف لماذا قام بإضرام النار داخل مسجد الهدى».
وقال هوكسهورست: «في معظم حوادث العنف المنفّذة بدوافع سياسية أو إيديولوجية، نلاحظ أن الجناة يتعمّدون الكشف عن دوافعهم في محاولة للترويج لمعتقداتهم، ولكننا لم نرَ أثراً لذلك في هذه الحادثة».
ولدى سؤاله عما إذا كان مصطلح «الدوافع السياسية أو الإيديولوجية» يتضمن الدوافع الدينية والطائفية، ردّ هوكسهورست بالإيجاب، منوهاً بأن «تقي لم يكن مدفوعاً بكراهية دينية أو طائفية حين أقدم على إضرام النار في جامع الهدى». وأضاف: «لقد مرّ أسبوع واحد فقط على وقوع الحادثة، والتحقيق مايزال جارياً»، مهيباً بمن لديهم معلومات حول المشتبه به أن يسارعوا إلى الاتصال بمكتب «أف بي آي» في ديترويت، أو بدائرة شرطة ديربورن.
من جانبه، أشار رئيس البلدية، عبدالله حمود، إلى أن الهدف من عقد اللقاء المفتوح هو «الإثبات أن حادثة الاعتداء على المسجد هي حادثة منعزلة»، مؤكداً أن المجتمع المحلي «ليس بحاجة إلى التشظي والانقسام.. إننا نقف معاً من صميم قلوبنا، مسلمين وغير مسلمين، شيعة وسنّة، ومسيحيين ويهوداً».
ولفت حمود إلى أن تقي هو مواطن عراقي الأصل، عمل مترجماً مع الجيش الأميركي في العراق، منوهاً بأنه لم يتم التعرف من انتمائه الديني.
وأوضح حمود بأن قائدي الشرطة والإطفاء بديربورن قاما بسحب مكالمات الطوارئ (على الرقم 911) الخاصة بالمشتبه به، خلال السنوات السابقة. وقال: «على مدى السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، تم إجراء العديد من المكالمات الهاتفية المرتبطة بالصحة العقلية للمشتبه به، داخل مدينة ديربورن وخارجها، والتي أُجري بعضها في مقاطعة أوكلاند»، مضيفاً: «لذا، فنحن نعلم بأن أحمد تقي كان يعاني من مشاكل نفسية وعقلية، إذ وجدنا العديد من المكالمات التي أسفر بعضها عن إدخاله إلى المستشفى».
وأفاد حمود بأن شرطة ديربورن اكتشفت الحريق قبل تلقي أي اتصال عبر الرقم 911، لأن الدائرة تسيّر دوريات منتظمة في جميع أحياء المدينة.
وأشار قائد شرطة ديربورن، عيسى شاهين، إلى أن الدورية –التي اكتشفت الحريق فجر السبت 12 فبراير– تعرضت لإطلاق النار من قبل المشتبه به، في غضون ثلاث ثوان من وصولها إلى مسجد «الهدى»، حوالي الساعة الواحدة وعشر دقائق، من فجر ذلك اليوم. ولفت إلى أن تقي فرّ جرياً على الأقدام على شارع لونيو، وأن الشرطة لاحقته لمدة 19 دقيقة، وطالبته خلال ذلك بإلقاء سلاحه وتسليم نفسه، إلا أنه قام برمي رصاصة ثانية على الدورية التي ردت بإطلاق النار وأردته قتيلاً بإصابة في الرقبة.
ووصف شاهين مقتل تقي بأنه «مأساة»، معرباً عن تعازيه العميقة لأسرة المشتبه به، وقال: «أعتقد أنه عندما يحدث شيء من هذا القبيل، فهذا يعني فشل المجتمع».
ولفت شاهين إلى أن الشرطة لاتزال تحقق لمعرفة الطريقة التي حصل بها تقي على السلاح، الذي لم يجر التأكد مما إذا كان قد ابتيع بشكل قانوني أم لا.
وأوضح شاهين بأن المشتبه به لا يملك رخصة «حمل سلاح مخفي».
وخلال اللقاء، دعا عدد من القادة المسلمين إلى رأب الصدع بين السنّة والشيعة، وبين جميع الطوائف الدينية، في منطقة ديترويت. وأكد رئيس «جمعية الهدى الإسلامية»، منصور مشرح بأن «الجامع مفتوح للجميع، للسنة والشيعة، وأتباع الأديان الأخرى».
بدورها، أشارت النائبة العربية في الكونغرس الأميركي رشيدة طليب إلى أن «البلاد ليست منقسمة، وإنما هي منفصلة»، وقالت: «هذا المسجد هو مكان سلام يجب أن تجتمع فيه عائلاتنا بأمان ووئام»، مضيفة: «إنه مكان مقدس ويحتاج إلى الحماية».
ورغم كلمات التهدئة والتضامن التي طغت على فترة المداخلات، آثر بعض الحضور التشكيك بالرواية الرسمية، حيث طالب خليل عثمان، وهو مرشح سابق لعضوية مجلس بلدية ديربورن، المسؤولين المحليين والفدراليين بشرح أسباب المسارعة إلى القول بأن تقي «ربما كان يعاني من مشاكل نفسية أو عقلية»، في إشارة إلى البيان الذي أصدره رئيس البلدية بعد ساعات قليلة من وقوع الحادثة، مطالباً بالكشف عن الأدلة التي تؤكد ذلك. كما شكك عثمان بنفي المسؤولين لوجود دوافع سياسية أو إيديولوجية وراء الهجوم، معتبراً أن هذا الادعاء ليس إلا «كلاماً في الهواء».
Leave a Reply