اكتشف العصر الذهبي للحضارة الإسلامية في معرض علمي بديترويت
ديترويت – «صدى الوطن»
بعد غياب خمس سنوات يعود معرض «ألف اختراع واختراع» 1001 inventions إلى الولايات المتحدة، وتحديداً إلى مدينة ديترويت ليقدم لزواره تجربة تفاعلية فريدة مع أبرز الاختراعات التي قدمتها الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي من الصين إلى الأندلس مروراً بالمنطقة العربية، في وقت كانت تعيش فيه أوروبا ما عرف بـ«عصور الظلام».
وإذا كانت الحملة التسويقية للمعرض تتجاهل ذكر الحضارة الإسلامية في إعلاناتها على وسائل الإعلام الأميركية في منطقة ديترويت، فإن زوار المعرض المقام في «مركز ميشيغن للعلوم» وسط المدينة سوف يلمسون سريعاً، الدور التاريخي للمسلمين في بناء أسس عالمنا المعاصر.
إذ يعزز «ألف اختراع واختراع»، لدى زواره، الوعي بإنجازات العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، وهو مُعدّ لجذب الزوار الكبار والصغار على حد سواء، ويهدف بشكل مباشر إلى تحفيز الأطفال على دراسة العلوم والتكنولوجيا والهندسة والطب.
وامتد العصر الذهبي للحضارة الإسلامية لفترة ألف عام تقريباً، ابتداء من القرن السابع الميلادي، وكانت اللغة العربية هي اللغة السائدة في العلوم.
ويستمر معرض «ألف اختراع واختراع» يومياً من ٧ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حتى ٧ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٨، في «مركز ميشيغن للعلوم» على العنوان ٥٠٢٠ شارع جون آر وسط ديترويت، من الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساء.
وقبل حلوله في ديترويت جذب معرض «ألف اختراع واختراع» ملايين الزوار في محطاته السابقة في أبوظبي، لندن، إسطنبول، نيويورك، ساو باولو، الكويت، الدوحة، جدة، كوالالمبور، ولوس أنجليس. وقد تم بيع مئات آلاف النسخ من كتاب «ألف اختراع واختراع: التراث الإسلامي في عالمنا».
ويضمّ المعرض عشرات المعروضات التي تبهج الزائرين وتزيد معارفهم، ومنها معروضات تفاعلية وألعاب إلكترونية، ومجسّمات تستهوي الصغار والكبار.
مكتبة الأسرار
يسلط معرض «ألف اختراع واختراع» والمواد التعليمية المرافقة له الضوء على الإنجازات التي تحققت إبان العصر الذهبي للحضارة الإسلامية. من خلال أجنحة متخصصة وأفلام ومنتجات تعليمية عالية الجودة من ضمنها فيلم تعليمي قصير حاز على جوائز عالمية رفيعة.
يبدأ المعرض بتعريف الزوار بالحضارة الإسلامية بمشاهدة الفيلم التسجيلي بعنوان «ألف اختراع واختراع ومكتبة الأسرار». وقد أعدّ الفيلم البريطاني خصيصاً للمعرض، وهو يعرض على شاشة بارتفاع خمسة أمتار. ويتبنى الفيلم، الذي يستغرق 13 دقيقة، أسلوب القصة القصيرة، ويقوم فيه ثلاثة طلاب بزيارة مكتبة قديمة يتراكم فيها الغبار لإعداد بحث عن «العصور المظلمة». غير أن ما يجدونه يغير نظرتهم إلى عالمهم تغييراً مثيراً، إذ يظهر أمامهم بعض المخترعين الأفذاذ، ورواد العلم والتقنية وكأنهم عادوا إلى الحياة.
ويقوم الممثل الحائز على جائزة «أوسكار»، بن كينغزلي، بدور المهندس والمخترع العربي المسلم «الجزري»، الذي عاش في القرن الثاني عشر، فيعرّفهم بالثروة العظيمة من الاختراعات والإبداعات التي شهدها العالم الإسلامي خلال الحقبة التي امتدت من القرن السابع إلى القرن السابع عشر.
وحصد الفيلم التعليمي «ألف اختراع واختراع ومكتبة الأسرار» أكثر من عشرين جائزة عالمية، من بينها «أفضل فيلم تعليمي» في مهرجانات كان ونيويورك ولندن، وتم تحميله من الانترنت أكثر من ٢٣ مليون مرة.
العلوم
الاختراع والإبداع أساسيان في جناح الهندسة، الذي يتعرّف فيه ضيوف المعرض على الجزري، أستاذ الهندسة الذي اخترع «ساعة الفيل» التي أصبح ذكرها كالأساطير، كما اخترع آليات عديدة تستخدم في الآلات التي نستعملها في حياتنا اليومية في كل مكان على ظهر الأرض.
ويتضمن الجناح لعبة الكترونية تعرّف الزوار بأثر العالم الإسلامي في البيت الحديث، إضافة إلى أجهزة ميكانيكية تم إنتاجها حسب المواصفات القديمة تبين كيف أمكن استخدام طاقة الرياح والماء لإحداث ثورة في عالم الزراعة.
وفي جناح الطب، يتبين للزوار كيف اخترع الطبيب الأندلسي، الزهراوي، مئات من الأدوات والتدابير الجراحية قبل أكثر من ألف سنة، وكيف أن مخترعاته لا تزال اليوم تنقذ حياة المرضى في المستشفيات الحديثة. ويتضمن الجناح لعبة تفاعلية يعلم من خلالها عباقرة الطب القدامى كيفية القيام بالتدابير الجراحية. إضافة إلى التعرف على دور ليدي مونتاغيو التي نقلت أساليب التطعيم المعروفة في العالم الإسلامي إلى الغرب.
ويخصص المعرض أيضاً جناحاً خاصاً للمخترع العربي الحسن بن الهيثم، أول عالم بصريات وأول من اكتشف طريقة عمل العين ممهداً بذلك الطريق لصناعة الكاميرا. ويضم المعرض نموذجاً ضخماً لآلة التصوير بالثقب الدقيق، للتعريف بدور ابن الهيثم في وضع أسس التصوير وصناعة الأفلام، وكيف أن الفشل الأكبر لهذا العالِم العربي أدى إلى تحقيقه الانتصار في النهاية، فغير طبيعة البحث العلمي من أساسها.
معارض متنوعة
في جناح العالم، يقابل الزوار أمير البحر الصيني زينغ هي، الرحالة المغامر المسلم الذي أصبح بطلاً في نظر شعبه بسبب رحلاته البحرية الطويلة. ويضم الجناح نموذجاً لنفق الرياح حيث يمكنك اختبار كفاءة التصاميم الشراعية المختلفة. ويتعرف الزوار كذلك على مدى التقدم الذي شهده العصر الذهبي للحضارة الإسلامية في رسم الخرائط، إذ يحدد الزوار خط سيرهم في بلدان العالم على شاشة كمبيوتر تعمل باللمس.
وفي جناح الفلك، تكتشف التراث العالمي في النظر إلى نجوم السماء، وتطور الأجهزة الفلكية المعقدة، فتتعرف إلى جهود العباقرة الأوائل مثل مريم العجلية، التي برعت في صنع الأسطرلاب. هنا تحلق فوق مضيق البوسفور مع حسن شلبي «الرجل الصاروخ»، وتكتشف الفوهات البركانية على القمر وارتباطها بالحضارة الإسلامية. ادخل القبة السماوية المصغرة، فهي قبة تفاعلية تتعلم فيها أسماء البروج بالإغريقية والعربية.
أما في جناح التعليم، فيتعرف الزوار على «بيت الحكمة»، المعهد العلمي الشهير في بغداد، حيث جمع أعظم العلماء والمفكرين في عصرهم، ليسهموا في البناء على تراث الحضارات القديمة. وهنا تتعلم بعض ما يربط بين اللغتين العربية والانكليزية، وتلتقي مع فاطمة الفهري، المرأة الشابة التي بنت أول جامعة حديثة في العالم (جامعة القرويين في مدينة فاس المغربية)، والتي كانت توفر التعليم المجاني للرجال والنساء من مختلف الأماكن والبيئات.
Leave a Reply