أم حسين.. مسلسل من المسرحيات، أو ما يطلق عليها تلك التسمية، تجد له أنواعا من “الضّحيكة”، بين بريء وشامت ومستغرب..
ما أعرفه عن عالم المسرح، حسب خبرتي المتواضعة، أنه في حال نجاح عرض مسرحي جماهيرياً، يستمر عرضه شهورا أو حتى سنوات، كأعمال النجمين عادل إمام ومحمد صبحي على سبيل المثال لا الحصر، وقد يحدث أن يلقى مسلسل تلفزيوني قبولا من مشاهدين، فيقدم أكثر من جزء لذاك العمل، فتبقى شخصيات، وتلغى أخرى، حسب الضرورة في السياق الدرامي. وكثيرا ما شاهدنا ممثلين يؤدون دور امرأة، لإضفاء نكهة كوميدية على عمل ما، أما أن يتحول ممثل إلى امرأة محددة في كل عمل يقدمه، فهذا ما يدعو للاستغراب..
“أم حسين” أراد بها صاحب ومؤدي الشخصية، أن تصور الامرأة الجنوبية (من لبنان) المهاجرة الى أميركا، وبشكل أدق ديربورن. فهو يلبس زيها، ويؤدي “التفاهات” بلهجتها الحبيبة لقلب ابنها حسين، ولبقية أفراد العائلة. أظهرها جاهلة، ساذجة، وفي كثير من الأحيان غبية ومتخلفة، أوليست “أم حسين” هي القادمة من الجنوب المعدم والمهمش، وهي لا تعرف “الخمسة من الطمسة والألف من العصاية”، لكنها والشهادة لله خبيرة بدق اللحمة على البلاطة وعمل “الفراكة” وكذلك بتنظيف وغلي “الغمة”، أي الكرش والمصارين…
و”أم حسين”، عند أخينا، تحفظ عن ظهر قلب كل الألفاظ البذيئة والإيماءات غير المحتمشة، وتحدث المشاهدين عن سلبيات أبو حسين، وعجزه عن أداء أي عمل، واهتمامه المنصب على أمور الجنس، بشكل يضحك عليه أهل الجنوب، قبل أهل الشمال، والوسط، هكذا قدمها ممثل الوقت الضائع، انطلاقا من المدينة التي تقيم فيها عائلة وأهل “أم حسين” في أميركا، مرورا بـ”كازينو لبنان”، وصولا إلى البواخر التي تجوب المحيطات، ليقدم عليها ما يسر الراكبين، بعد أن يكونوا قد قرأوا التعريف المكتوب عنها..
أنا أعرف أكثر من “أم حسين”.
“أم حسين” التي تعمل في المطابخ ليكمل حسين تعليمه، و”أم حسين” التي تعمل في أقسام التنظيفات في المشافي لتكمل أخت حسين تخصصها في الجامعة، وأعرف الحاجة “أم حسين” التي ضعف بصرها، وانهد حيلها، وهي تقوم بحفر مئات “الكوسايات” وحشيها، وتلف آلاف من ورق العنب في بيتها للمطاعم، لتساعد “أبو حسين” ليدفع الـ”بيلاّت” والفواتير. كذلك أعرف الصيدلانية، والطبيبة، والمحامية، والمناضلة..
لكل ما أسلفت أقول: آن الأوان لترتاح الموقرة “أم حسين”، وتنزل عن خشبة التهريج، تاركة المجال لأم أخرى، من مكان آخر..!
Leave a Reply