كنَّا في حديث عن أحوالنا العامّة نحن أبناء الـ«كمّ أرزة»، شاغلو الكون، في مختلف الأوساط والمواقع، على أبواب تشكيل حكومة جديدة هناك وانتخابات عامة هنا في ديربورن وما حولها، وكالعادة تسمع نغمة التذمّر من هذه المرحلة التي يتبارى فيها «السياسيون» و«الناشطون» في الخطاب والسباب خدمة لرعاياهم واستحضار سائر المراحل التي يكثر فيها تجّار الكلمات النهضوية والعبارات الإصلاحية، ممن يتقنون استغلال الدولة في كل مجال.. يعلنون غير ما يضمرون.. ويفعلون نقيض ما يقولون، ويتظاهرون بغير ما يبطنون وينمّقون ويكذبون، يسأل سائل: أما لهذا الليل من آخر؟
وأصحاب السعادة والمعالي من المشتغلين في البولوتيكا وبعض الأقلام التي تبهر وتعظم وتبخِّر، سواء هناك أو هنا، اعتادوا هم أيضاً ألّا يتركوا مناسبة تمر دون أن يعملوا شيئاً يسعد الشعب ويصون الوطن كما هو واضح وفاضح، فالكهرباء في لبنان مشعشعة والمياه عذبة والزبالة منعدمة والطرقات واسعة والأدوية شافية وفاعليتها تدوم وتدوم… والبضائع المكدّسة ليست فاسدة ولا مغشوشة والشواطئ مثل عيون بهية التي هي كل الحكاية.
وسائل الإعلان والإعلام لا تفوتها فائتة ولا تبيت بائتة، ولردّ الجميل للزعماء والوجهاء، فهم يكادوا لا يفارقون العيون والآذان. يطلون على الشعب العنيد بهيئاتهم المضيئة ونغماتهم الجريئة ونياتهم البريئة، حين يزعقون ويتبارون في التعبير عن مشاعرهم الوطنية وخواطرهم الإنسانية إمعاناً منهم في إسعادنا. يتحملون عناء السفر والمجيء إلى ديار اغترابنا، يتوقون إلينا بأصواتهم ونغماتهم لكي يهنئونا بوجودهم بيننا، يتبارى كبار الجالية ورجال أعمالها في دعواتهم لحفلات التكريم والتعظيم، وتتصدّر صورهم الصفحات الإلكترونية لمناسبة آخر قصر شيّدوه في خدمة الوطن على أرض استولوا عليها من شاطئ وعلالي الوعر، بعلم رعاة الوطن ورضاهم وحياتهم ومشاركتهم في الأرباح والأفراح.
قد تدفع براءة السامع في أن يذهب إليهم ويبوس أيديهم مكافأة لهم على هذه الإنسانية الطاغية والوطنية الواعية وشكرهم على المشاريع الخيرية.. وألف صحة وعافية!
Leave a Reply