بعد تسع سنوات من الهجمات الإرهابية في العام 2001، بدأت الولايات المتحدة بتأسيس منظومة استخباراتية داخلية واسعة، هي الأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية في تاريخ البلاد، لجمع المعلومات عن الأميركيين، وذلك باستخدام مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي)، الشرطة المحلية، مكاتب أمن الدولة الداخلية، والمحققين الجنائيين العسكريين، وذلك بهدف دعم الولايات والوكالات المحلية لعمل مكتب التحقيقات الفدرالي، المسؤول عن التحقيقات المتعلقة بالإرهاب في الولايات المتحدة، وتغذيته بالمعلومات.
وقد تفحصت صحيفة “واشنطن بوست”، في كيفية العمل السري الأميركي على المستوى المحلي، وشبكة مؤسسات الدولة (أكثر من 4 آلاف مؤسسة)، كل واحدة بحسب اختصاصها ومسؤولياتها الخاصة لمكافحة الإرهاب، وقد تم إنشاء ما لا يقل عن 935 من هذه المنظومات منذ هجمات العام 2001، أو انخرطت في مكافحة الإرهاب لأول مرة بعد أحداث “11 أيلول”. وتبين من تحريات للصحيفة دامت أشهرا طويلة، واستندت إلى ما يقرب الـ100 مقابلة، والـ1000 وثيقة، ما يلي:
– التكنولوجيات والتقنيات التي ابتكرت للاستخدام في ساحات المعارك في العراق وأفغانستان قد استقرت في أيدي وكالات تطبيق القانون في أميركا.
– أنشأ مكتب التحقيقات الفدرالي قاعدة بيانات تضم أسماء وبعض المعلومات الشخصية عن آلاف من المواطنين والمقيمين الأميركيين المشكوك بتصرفاتهم من قبل شرطي أو مواطن آخر. وأصبحت هذه البيانات في متناول عدد متزايد من وكالات تطبيق القانون والمحققين الجنائيين العسكريين، ما زاد المخاوف من أن تنتهي بطريقة أو بأخرى في المجال العام.
– خلال سعيها لمعرفة المزيد عن الإسلام والإرهاب، استخدمت بعض وكالات تطبيق القانون خبراء ذوي وجهات نظر متطرفة حول الإسلام والإرهاب، اعتبرها مكتب التحقيقات الفدرالي ووكالة الاستخبارات الأميركية غير دقيقة وغير مثمرة.
مكافحة الإرهاب في الشارع العام
واستنادا إلى مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، فإن الحاجة إلى الكشف عن المواطنين الأميركيين، المولودين منهم في الولايات المتحدة أو المجنسين، والذين يخططون لشن هجمات عنيفة هي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وخصّت العملية الأكثر بروزا لهذا الشهر في مكتب التحقيقات الفدرالي، عامل بناء من بالتيمور، يزعم أنه خطط لتفجير محطة ماريلاند للتجنيد العسكري. هذه القضية كانت أحدث مثال، وهناك ما يقرب من العشرين حالة مماثلة أخرى خلال هذا العام فقط.
من الصعب تحديد فعالية هذه البرامج، فضلا عن تكلفتها الإجمالية، حيث خصصت وزارة الأمن الوطني مساعدات بقيمة 31 مليار دولار منذ العام 2003 للولايات وحكوماتها المحلية، بهدف حماية الأمن الداخلي، وتحسين قدراتها على البحث والحماية ضد الإرهاب، بما في ذلك 3,8 مليارات دولار في العام 2010.
من أفغانستان إلى ممفيس
تبعد ممفيس كل البعد عن كابول، إلا أن كلتيهما تستخدمان حاليا نفس أنواع التكنولوجيات والتقنيات لتحديد وجمع المعلومات عن المجرمين المشتبه بهم، والإرهابيين. فعلى سبيل المثال، استخدمت القوات الأميركية خلال التمرد في العراق ماسحات بصمات الأصابع اللاسلكية المحمولة باليد، لتسجيل سكان أحياء بأكملها، كما استعملت أجهزة كشف الهوية نفسها من قبل الشرطة للتحقق من هويات سائقي السيارات.
وقامت وزارة الأمن الوطني بدعم ولاية ممفيس لشراء كاميرات مراقبة ترصد سكانا يقيمون في مناطق ترتفع فيها معدلات الجريمة، بالإضافة إلى قارئ لوحات الترخيص الإلكتروني، وتحملت جزءاً من تكلفة إنشاء مركز للتحليل الإجرامي في المدينة. وتم منح ممفيس 11 مليون دولار منذ العام 2003، لحماية الأمن الوطني، استخدم معظمها في مكافحة الإرهاب.
Leave a Reply