طهران تبدأ مناورات عسكرية وواشنطن لا تستبعد الخيار العسكري
طهران، واشنطن – شهد الأسبوع الماضي تطورات دراماتيكية في الصراع البارد بين طهران وواشنطن، فقد كشف مسؤولون أميركيون ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما تعمل حاليا على صياغة مجموعة سياسات تسلّم بإيران مسلحة نوويا، لكنها تضمن الا تفرض الجمهورية الاسلامية جراء ذلك “أي تهديد” على جيرانها، في وقت اعلنت وزارة الدفاع الاميركية ان إيران قد تصبح قادرة على بناء صاروخ قادر على ضرب الولايات المتحدة بحلول العام 2015.
هذه المواقف الأميركية قابلتها طهران بموقف صارم بإطلاق الحرس الثوري الايراني الخميس الماضي مناورات عسكرية لثلاثة ايام بمناسبة الذكرى الـ31 لانشائه من قبل مؤسس الجمهورية الاسلامية اية الله الخميني في 1979.
وكان الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري اعلن الاربعاء الماضي ان المناورات ستشمل اختبار صواريخ محلية الصنع.
إيران نووية
وقال المسؤولون الاميركيون لوكالة “اسوشييتد برس”، انهم حتى الآن “لم يسلموا بإيران نووية ويضغطون في المفاوضات من اجل منعها من الانضمام الى نادي الدول المسلحة نوويا”. وفي الوقت ذاته، فإنه من الواضح ان الادارة الاميركية ووزارة الدفاع “مصممتان على الدخول في مواجهة عسكرية مع ايران”.
لذا، وضعت واشنطن “مجموعة سياسات غير مكتملة بعد من اجل ضمان ألا تهدد ايران المتسلحة بأسلحة نووية، جيرانها”، ما يعني بحسب المسؤولين الاميركيين، تسليم الادارة الاميركية بإيران مسلحة نوويا بالفعل. وقد ذكر هؤلاء ان “هذه السياسات تشمل مراجعة جديدة لوزارة الدفاع حول الدرع (الصاروخية) الأوروبية، وخططا لتعقب مشترك للصواريخ، ووضع أنظمة دفاعية في الخليج وتعزيز الروابط الدفاعية مع دول هذه المنطقة”.
ويقول مسؤولون في ادارة اوباما وقادة عسكريون، انه “فيما تقترب ايران من المرحلة التي يمكنها خلالها بناء قنبلة، وذلك خلال مدة عام ربما، فإن مساحة المناورات العسكرية والدبلوماسية من قبل الولايات المتحدة تضيق”. وفي السياق، يسأل هؤلاء عما يجب على الولايات المتحدة القيام به “اذا طورت ايران التكنولوجيات المختلفة وامتلكت المعدات اللازمة لبناء القنبلة وتوقفت عند هذا الحد؟”. ويضيفون انه في الوقت الحاضر، فإن الادارة تركز على “الفوز بعقوبات جديدة ضد طهران في مجلس الامن الدولي”.
ويأتي حديث المسؤولين الاميركيين هذا في وقت جاء في تقرير من 12 صفحة أصدره البنتاغون في شهر نيسان (أبريل) الحالي، وكشف النقاب عنه الأسبوع الماضي، ان “إيران بمساعدة أجنبية كافية، ستتمكن على الأرجح من تطوير واختبار صاروخ ذاتي الدفع عابر للقارات يمكنه الوصول للولايات المتحدة بحلول العام 2015”، مشيرا الى ان الاستراتيجية العسكرية الإيرانية مصممة للدفاع ضد تهديدات خارجية وقاسية من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتابع التقرير الذي وصفه رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الاميركي آيك سكيلتون بأنه يمثل “نظرة شاملة للوضع العسكري في إيران”، ان “برنامج إيران النووي ورغبتها في الحفاظ على إمكانية تطوير أسلحة نووية، جزء أساسي من استراتيجية الردع لديها”. وذكر ان الإيرانيين “ذهبوا بعيداً في حماية بنيتهم التحتية النووية من التدمير المادي، ومن ضمن ذلك استخدام منشآت تحت الأرض شديدة التحصين”.
وقدر التقرير الذي اشتمل أيضا على تقدير لدعم ايران لمقاتلين في العراق وأفغانستان، الى جانب حركة “حماس” و”حزب الله”، قوام القوات البرية الايرانية بنحو 220 ألف فرد، و”قوات المقاومة البرية” التابعة للحرس الثوري بنحو 130 ألفا. وقال إن إيران تملك ما بين 1800 و1900 دبابة.
ورغم ذلك، اعتبر ان القوات الايرانية “لن تكون فعالة نسبياً ضد هجوم مباشر من قبل جيوش مدربة جيداً ومتطورة مثل جيوش الولايات المتحدة أو حلفائها”.
ولم يتضح ما إذا كان التقدير الاخير لتكنولوجيا الصواريخ في إيران، مختلفا عن تقدير وضعته الاستخبارات العامة في أيار العام 2009، وجاء فيه أنه من غير المرجح أن تمتلك إيران صاروخا بعيد المدى قبل عامي 2015 و2020.
ويتزامن التقرير مع عملية بحث يجريها مستشارو الامن القومي لأوباما وتشمل عددا كبيرا من الخيارات لكبح جماح برنامج إيران النووي، من بينها توجيه ضربات عسكرية إذا فشلت الدبلوماسية والعقوبات. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الاميركي الأميرال مايكل مولن الأحد الماضي، إن الخيارات العسكرية المتاحة أمام اوباما ستقطع “شوطا كبيرا” في تأخير التقدم النووي الايراني، لكنها قد لا تنجح في المدى البعيد.
التهديد بالقوة .. والعقوبات
ومع استمرار المناورات الإيرانية في مضيق هرمز الواقع عند مدخل الخليج بين سلطنة عمان، في شبه الجزيرة العربية، وايران على الضفة المقابلة، والذي يعتبر معبرا بحريا استراتيجيا يمر عبره ما نسبته 40 بالمئة تقريبا من النفط العالمي، أكد البنتاغون ان اللجوء الى القوة يظل من بين الخيارات المطروحة في التعامل مع ايران، وذلك بعدما اعتبرت مسؤولة اميركية رفيعة في وزارة الدفاع الاميركية في وقت سابق ان التدخل العسكري ضد طهران مستبعد “على المدى القصير”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جيف موريل خلال مؤتمر صحافي “لن نستغني عن اي خيار مطروح”. واكد ان “الرئيس باراك اوباما لا يزال يملك كل الخيارات، بما فيها الخيار العسكري”. واضاف المتحدث ان العمل العسكري “ليس طبعا خيارنا الاول، ولكن لم يتم استبعاده ابدا”.
وكان موريل يعلق على تصريحات ادلت بها مساعدة وزير الدفاع الاميركي ميشال فلورنوي في سنغافورة، مفادها ان الخيار العسكري ضد ايران “ليس مطروحا على المدى القصير”، وذلك استنادا الى معلومات صحافية.
كما حذّرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون من خطر نشوب صراع في المنطقة في حال لم تفرض الأمم المتحدة عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي. وقالت كلينتون في مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز” نشرت الثلاثاء الماضي “إن تجاهل التهديد الذي تشكله طهران سيضع العالم في وضع أكثر خطوة في غضون ستة أشهر إلى سنة”.
ودعت إلى “فرض عقوبات في أقرب وقت ممكن ضد إيران” لمواجهة اعتراض الصين وتركيا والبرازيل على مثل هذا الإجراء. وتسعى واشنطن وحلفاؤها الغربيون الى استصدار قرار جديد من مجلس الامن الدولي ينص على فرض عقوبات جديدة على ايران على خلفية برنامجها النووي المثير للجدل.
ومن جهته، اكد نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، ان اسرائيل لن توجّه ضربة عسكرية لايران من دون إذن اميركي، قائلاً “لن يفعلوا هذا الامر.. لقد وافقوا على ان الخطوة المقبلة هي الخطوة التي نحن، الرئيس والولايات المتحدة، بادرنا اليها بالتعاون مع القوى الأوروبية وقوى الحلف الاطلسي”.
نجاد يتصل بالأسد:
الزمن يسير لمصلحة بلدينا
وفي سياق آخر، في إطار الرد الإيراني على “المواقف العدائية”، دعا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، خلال اتصال أجراه بالرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء الماضي، إلى نزع السلاح النووي الإسرائيلي وانصياع إسرائيل للقوانين الدولية.
وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا) إنّ نجاد أجرى اتصالاً مع الأسد، بحثا فيه أهم القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، حيث أكد الجانبان على ضرورة تعزيز التنسيق بين البلدين، فيما نوّه نجاد “بعمق أواصر الأخوة والمودّة والثقة بين شعبي وحكومتي البلدين”.
وأضاف نجاد أنّ “إيران وسوريا ستستمران في التعاون والتنسيق الواسع بينهما في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية”. واعتبر أن “الزمن يسير في مصلحة البلدين”، واصفاً مؤتمر طهران لنزع السلاح النووي بأنه كان “مفيداً وبناء للغاية وأن هذا المؤتمر ربما يكون الخطوة الأولى الحقيقية والجدية لنزع السلاح النووي”.
وحول الوضع في العراق، قال نجاد: “إنني على ثقة بأن الشعب العراقي وكبار شخصياته، ومن خلال المعرفة الصائبة للمصالح الوطنية وظروف المنطقة، سيتخذون القرارات الصحيحة”.
Leave a Reply