واشنطن – الوقت يضيق والمفاوضات عالقة وسط مخاوف حقيقية من سقوط حكومة الولايات المتحدة في «الهاوية» المالية، إذ يرسم خبراء الاقتصاد سيناريوهات مخيفة عندما تبدأ الولايات المتحدة خلال أسبوعين أتوماتيكياً بتطبيق أكبر زيادة في الضرائب وأكبر تقليص في موازنتها منذ الحرب العالمية الثانية في حال فشل الديمقراطيين والجمهوريين في التوصل لتسوية تقر بموجبها ميزانية للبلاد.
ويخشى الخبراء أن تتسبب «الهاوية المالية» في حال وقوعها، بركود اقتصادي قد يدوم لربعين أو ثلاثة من العام ٢٠١٣، إضافة الى فقدان ملايين الوظائف وسط مخاوف من تأثير تتابعي للأزمة المالية على الإقتصاد العالمي.
لكن يتوقف كل ذلك على ما إذا كان الرئيس باراك أوباما سيتوصل في الوقت المناسب مع معارضيه من الجمهوريين لـ«تسوية-معجزة» لتجاوز «الهاوية المالية» والتي تعني أكبر قدر من التقشف في فترة قصيرة للغاية والتي حذر منها رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) الأميركي بن برنانكي مطلع العام الجاري.
وقال بن برنانكي إن هناك الكثير من الإجراءات التقشفية والضرائب التي ستتزامن بشكل أو بآخر، في الأول من كانون الثاني (يناير) 2013. وأراد رئيس المركزي بذلك أن يوضح أن الاقتصاد يمكن أن يسقط في الركود بوتيرة متسارعة إذا لم يتوصل رجال السياسة لاتفاق بالوقت المناسب تتخذ بموجبه إجراءات تحول دون ذلك.
فالزيادات الضريبية المنتظرة والنفقات الاجتماعية وكذلك برامج دعم العاطلين والفقراء والتي ستنتهي بانتهاء العام الجاري ضخمة بشكل يهدد بخنق الاستهلاك.
وحيث إن 70 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي يتوقف على إنفاق المستهلكين، فإن هذه الإجراءات من شأنها أن تسارع في تثبيط النمو الاقتصادي الضعيف أصلا، وهو ما يمكن أن يدفع البلاد إلى وهدة كساد اقتصادي. ويخشى مكتب الموازنة التابع للكونغرس الأميركي من تراجع النمو الاقتصادي بواقع 0,5 بالمئة بداية الأمر.
كما أن إجراءات التقليص القانونية التي اعتمدتها الولايات المتحدة بدءا من عام 2013 بشكل شامل على مستوى جميع الطبقات والقطاعات ستسلب الاقتصاد الكثير من عوامل قوته، وعلى رأسها الطلب على المنتجات وهو ما يهدد 3,4 ملايين وظيفة.
ولكونها صاحبة أكبر اقتصاد فإن الولايات المتحدة تحدد إيقاع الاقتصاد العالمي، وهو ما دعا صندوق النقد الدولي لحث رجال السياسة الأميركيين منذ عدة أشهر على تجنب حافة «الهاوية المالية».
وجددت مديرة صندوق النقد كريستين لاغارد تحذيرها بمقابلة تلفزيونية مطلع الأسبوع الجاري، حيث قالت «إذا تراجع النمو الاقتصادي الأميركي فسيكون لذلك تأثير مثل الدومينو المتساقط بشكل تتابعي تأثراً بسقوط أول حجر دومينو».
ورأت لاغارد أن أكثر الدول التي ستعاني من هذا التأثير الجارتان كندا والمكسيك ثم أوروبا واليابان فبقية المناطق الاقتصادية بالعالم.
وبالعودة الى مسار المفاوضات العالقة في واشنطن، وفي حين يواصل أوباما دعوته لرفع الضرائب على حوالي ٢ بالمئة من الأميركيين (من يفوق دخلهم السنوي ٢٥٠ ألف دولار). والإحتفاظ بالإعفاءات الضريبية لسائر الأميركيين، يرى الجمهوريون أن عرض أوباما غير مقبول لأنه سيؤثر سلباً على نمو الوظائف في البلاد وسيثقل كاهل الشركات الكبرى، ويفضل الجمهوريون الحد من نفقات الحكومة ولاسيما في برامج الإعانات الإجتماعية والضمان الصحي.
وقال السناتور هاري ريد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي يوم الثلاثاء الماضي إنه سيكون من الصعب على الكونغرس الوصول الى اتفاق لتفادي «الهاوية المالية» قبل عطلة عيد الميلاد. وأبلغ ريد الصحفيين في الكونغرس «الى أن نسمع شيئاً من الجمهوريين فلن يكون هناك شيء يمكن صوغه في مشروع قانون».
ومن ناحيته، دعا الجمهوري جون باينر رئيس مجلس النواب الامريكي الرئيس أوباما إلى تقديم إقتراح جديد لتفادي «الهاوية المالية» يمكن ان يحظى بعدد كاف من الأصوات لإقراره في مجلسي الشيوخ والنواب.
وفي حين قال باينر إنه عقد اجتماعاً «سلساً وودياً» مع أوباما يوم الاحد إلا ان الجمهوري البارز أضاف أنه «مازال في انتظار ان يحدد البيت الابيض ما هي التخفيضات في الإنفاق التي سيكون الرئيس مستعدا لتقديمها في اطار النهج المتوازن الذي وعد به الشعب الأميركي».
Leave a Reply