علي حرب – «صدى الوطن»
المصارعة ليست مجرد رياضة بالنسبة لأمير ولوالده فيصل المنصّر. إنها شغف وطريقة حياة ورابطة قوية تجمع بين خبرة الأب، المصارع المدرِّب، وابنه المصارع الواعد الطموح.
انجذب الشاب اليمني الأميركي أمير (19 عاماً) إلى رياضة المصارعة منذ كان في الخامسة من عمره، واستطاع بفضل شغفه باللعبة ورعاية والده أن يصقل موهبته ويطور مهاراته التي تكللت العام الماضي في حصده لقب بطولة ولاية ميشيغن للمدارس الثانوية، ممثلا ثانوية ملفينديل، وهو ما يزال يتطلع إلى تحقيق نتائج مماثلة في هذا المضمار، في الوقت الذي يقصد فيه جامعة «إيسترن ميشيغن» لدراسة المحاسبة.
من حسن حظ أمير أنه ولد لشخص عاشق لهذه الرياضة، مما يوفر له فرصة إضافية للتدريب خارج صالة الألعاب الرياضية، حيث يتابع تدريباته اليومية بإشراف أبيه الذي لعب المصارعة -مع إخوته الثلاثة- في ثانوية ملفينديل ومثّلها حتى تخرجه، سنة 1988، ثم تطوع لتدريب تلاميذها، قبل أن يصبح أخيرا مدربا لطلابها العاشقين لرياضة المصارعة. وفي نهاية هذه السنة، يكمل الأب سنته السادسة والأخيرة في التدريب بالمدرسة، ولكنه لا يفكر بترك المصارعة، وإنما يتطلع كي يصبح أحد حكامها الرسميين.
وفي حديث مع «صدى الوطن» عبر المنصّر الأب عن ولعه الكبير باللعبة، ولكن قال إن «العائلة تأتي دائماً في المقام الأول، ثم التعليم، ثم الرياضة.. لأنها تحميك من الوقوع في المشاكل، وتمنحك الصحة واللياقة البدنية والنفسية».
ويوافق أمير والده فيما يذهب إليه من الحديث حول فضائل ممارسة الرياضة، ويضيف الشاب الذي أبدى صموداً وصبراً كبيرين بعد تعرضه لتمزق في الغضروف المفصلي وخضوعه لعملية جراحية، حين كان في الصف الحادي عشر: «لقد علمتني (المصارعة) أن أعمل بجد وألا أستسلم»!
وتابع والده في التعليق على تلك الفترة الحرجة من مسيرة المصارع الشاب: «لقد كان يجاهد يومياً لتقوية ساقيه، وكنت أدعمه طوال الوقت، حتى انتهى به المطاف إلى الفوز ببطولة الولاية هذه السنة حيث فاز بـ51 مباراة، وخسر نزالاً واحداً فقط.
وكان أمير قد خسر مباراته الوحيدة في التصفيات، لكنه عاد والتقى منافسه في المباراة النهائية، وتمكن من هزيمته، محققا لقب بطل بطولة الولاية للمدارس الثانوية للمصارعة التي تنقسم إلى فئتين بحسب الأوزان، ويتطلب الفوز من الرياضي أن يتمكن من قلب خصمه على ظهره وتثبيته لمدة ثانيتين.
الفوز بالبطولة كان أجمل لحظة في حياتي. قال أمير، وتابع: «العمل الشاق أتى أخيراً بنتيجة مثمرة».
ويشجع المصارع الشاب طلاب المدارس الثانوية على ممارسة النشاطات الرياضية التي من شأنها أن تجعل مرحلة التعليم أكثر متعة ونفعا وخبرة.
وبالعودة إلى المصارع الأب، فهو يرى أن هذه الرياضة تمكن الشباب من التخلص من العدائية والعمل في بيئة مسالمة، حيث تقلل القواعد الرياضية من إمكانية تعرض الرياضيين للأذى، لاسيما وأنها لا تحتوي على اللكم والرفس.
لفيصل ولدان آخران، الأوسط (11 عاما) لا يبدي أي اهتمام بالمصارعة، فيما يتطلع الصغير (4 سنوات) إلى الاقتفاء بتجربة الأخ الأكبر، أمير.
المصارعة بالنسبة لنا هي طريقة حياة، قال فيصل الذي قدم مع عائلته من اليمن في العام 1973 حيث كان عمره وقتذاك ثلاث سنوات، وكانت عائلته أول عائلة يمنية تقطن في مدينة ملفينديل التي شهدت في العقد الأخير نمواً مضطرداً للجالية العربية. وحول هذه النقطة يقول فيصل: «لا أعرف ما الذي جرى خلال السنوات القليلة الماضية.. فقد بدأ الكثير من اليمنيين بالانتقال إلى المدينة وهذا أمر جيد يمكنك من التواصل مع أناس يمتلكون نفس اللغة والثقافة».
يأمل أمير أن يكون مثالاً جيداً للشباب العرب والمسلمين في جنوب شرقي ميشيغن، ليس فقط من خلال تفوقه في المصارعة، وإنما أيضاً من خلال دراسته الجامعية التي يبذل فيها أقصى جهوده لتحقيق أفضل النتائج معتبراً أنه في هذا النوع من المنافسة يمثل كل أوجه الهوية التي يحملها، «كيمني أميركي وكواحد من سكان مدينة ملفينديل».
أما والده، فهو يرى أن المسلمين في مدينة ملفينديل ليس عليهم أن يثبتوا أي شيء باعتبارهم يمثلون أحد الجوانب الإيجابية للمدينة التي تحتضنهم، ولكن على المستوى الوطني فإن إنجازات المسلمين يمكن أن تكافح موجات الكراهية التي يروجها المحللون والسياسيون.
Leave a Reply