.. لا تتخلوا عن أحلامكم!
نك ماير – «صدى الوطن»
أعباء الأمومة وتربية الأطفال هي من أصعب المهام الملقاة على عاتق النساء عموماً، ولكنها تزداد صعوبة وتعقيداً في بلد كالولايات المتحدة حيث يتوجب على الأمهات الاهتمام بأطفالهم ومتابعة شؤونهم على مدار الساعة، فما بالك إن كن عاملات أو طالبات، أو تترتب عليهن أعباء إضافية إلى جانب تدبيرهن المنزلي.
لكن العربية الأميركية نجاة مشيش (43 عاماً) تجاوزت تلك المحنة بكل صبر واقتدار، وهي الزوجة والأم لثمانية أطفال، وتمكنت من الموازنة بين واجباتها المنزلية والمهنية والأكاديمية، ونجحت –مؤخراً– بالحصول على شهادة البكالوريوس في الهندسة من «جامعة وين ستايت».
إنجاز مشيش، استقطب اهتمام وسائل الإعلام المحلية التي سارعت إلى إلقاء الضوء على مسيرة الأم المغربية الأصل، التي أبت إلا أن تحقق حلم والدها بالحصول على شهادة جامعية عليا.
وفي لقاء مع القناة المحلية السابعة التابعة لشبكة «أي بي سي» الأميركية، تحدثت مشيش حول الواجبات اليومية المترتبة عليها، كعاملة وطالبة وأم لثمانية أطفال تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و17 عاماً. وقالت: «يومياً أذهب إلى العمل. أوصل الأولاد إلى مدارسهم. أعود من العمل. أقوم ببعض التمارين. آخذ أولادي لممارسة بعض النشاطات. أطبخ لأطفالي..»، ورغم كل تلك الواجبات المرهقة وجدت مشيش في تجربتها الدراسية في «جامعة وين ستايت»، «فرصة ثانية» لتحقيق حلم حياتها.
وتشير إلى أن والدها دعم قدومها إلى الولايات المتحدة في 1999 من أجل الدراسة، ونيل شهادة الدكتوراه في الفيزياء. لكن، وبعيد وصولها إلى أميركا، تعرفت على الشخص الذي أصبح لاحقاً زوجها وبنيا معاً عائلة كبيرة، مما وضع أحلامها الأكاديمية في ثلاجة الانتظار.
وكان لزيارة والدها لها في ديربورن، قبل نحو خمس سنوات، الأثر الأكبر في عودتها إلى مقاعد الدراسة، خاصة عندما سألها بتأثر: «أين هي شهادتك الجامعية؟».
وعلى أثر ذلك، قررت مشيش الانتساب لـ«جامعة وين ستايت» في ديترويت لدراسة الهندسة، رغم تشكيك أفراد أسرتها الذين ظنوا أن الوقت قد فات لتحقيق حلم حياتها، ولكنها أثبتت للجميع خطأ ظنونهم وبرهنت عن قدرات استثنائية مكنتها من التغلب على جميع العراقيل، بما فيها صعوبات الدراسة باللغة الإنكليزية، التي باتت تتحدثها اليوم كلغة ثالثة، إلى جانب العربية والفرنسية.
ورغم جميع التحديات، أثارت مشيش إعجاب أساتذها بمثابرتها وإصرارها على أداء وظائفها، بمن فيهن البروفسور محمد اسماعيل الذي يترأس كلية الهندسة في «جامعة وين ستايت»، والذي قال: «لقد قامت بعمل صعب، إنها حقاً مبدعة.. لا حد لإمكانياتها التي تطاول عنان السماء».
في الخريف القادم، تتطلع مشيش للعودة إلى الجامعة نفسها لدراسة الماجستير، لافتة إلى أن أبنائها الثمانية (6 بنات وولدان) فخورون بإنجازها، وتقول: «إنهم فخورون بأمهم. وحلمي في نهاية المطاف هو من أجلهم، كما أنه من أجلي ومن أجل والدي».
وبكلمات بسيطة، تنصح مشيش جميع المترددين بتحقيق أحلامهم الأكاديمية، وتقول: «افعلوا ذلك، أي امرأة يمكنها فعل ذلك، إذا نجحت وأنا أم لثمانية أطفال، فإذن يمكنكم أنتم أن تفعلوا ذلك أيضاً».
Leave a Reply